الوقت- إعلان استقالة الدكتور رامي الحمد الله من رئاسة حكومة التوافق الوطني او ما توصف بهذه العبارات جاءت لتبين قبل كل شيء حجم الازمة التي تعيشها السلطة الفلسطينية بشكل عام ورئيسها محمود عباس بشكل خاص.
وبغض النظر عن تضارب الانباء حول تقديم الحمد الله لهذه الاستقالة او نيته اعلانها خلال الساعات القادمة فإنها جاءت لتتوج الفشل المستمر لحكومة ولدت قيصريا في نيسان/ابريل من عام 2014 من رحم اطار تسووي ميت اصلا.
وقد وصفت حماس هذه الخطوة بانها هروب للامام متهمة رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس بالسعي لافراغ الساحة الفلسطينية و"إنهاء" حكومة الوفاق الوطني مضيفة على لسان الناطق باسمها القيادي صلاح البردويل أن " قرار عباس فردي ومفاجئ ويعبر عن الأزمة السياسية التي يمر بها"، موضحا أن الرئيس عباس "يمارس سياسة الهروب إلى الأمام، فبدلا من أن يواجه مشكلته مع حكومة الوفاق التي كان يعطل عملها يهرب بقرار فردي".
من جانبها اكدت الجبهة الشعبية وعلى لسان احد قيادييها ان تقديم الحكومة استقالتها واتخاذها لهذا القرار بشكل فردي يزيد الاوضاع تعقيدا ولا يصب في مصلحة الجهود الرامية الى انهاء الانقسام واعادة اللحمة داخل المجتمع الفلسطيني.
من جانبها قالت اوساط قريبة من الحمد الله انه سيناقش آفاق حكومة التوافق الوطني وامكانيات التعديل او الاستقالة منها.
وفي المقابل أكدت اوساط صحفية فلسطينية انه وفي ظل فشل الحمد الله وحكومته في تأدية مهامها فالاحرى بان لا يجرب المجرب وبذلك فان اعادة بناء الحكومة الجديدة يجب ان تكون في اطار التوافقات الوطنية وليست بيد محمود عباس وحده.
في حين يزعم الناطقون باسم عباس ان التمسك بوحدة الشعب الفلسطيني وارضه وقضيته هي محور جهوده وانه من الداعين لمكافحة الصفقات المشبوهة التي تتم من وراء ظهر الشرعية الفلسطينية حسب توصيفهم!!
لكن وحسب محللين سياسيين فان حكومة الحمد الله التي رأت النور بعد اتفاق حركتي حماس وفتح لإنهاء الانقسام وتشكيل حكومة توافق وطني جاءت لتحقق مطالب وطنية من بينها تهيئة الارضية لتفعيل المجلس التشريعي الفلسطيني والاعداد لانتخابات تشريعية ورئاسية إضافة الى اعمار قطاع غزة المحاصر منذ سنين، لكنها فشلت فشلا ذريعا في كل مهماتها ليكون رئيس السلطة الفلسطينية المنتهية ولايته حسب الدستور الفلسطيني وما يقوم به من خطوات ضد باقي الفصائل الفلسطينية وعلى رأسها حركتي الجهاد الاسلامي وحماس بشكل خاص والشعب الفلسطيني وقضيته بشكل عام المتهم الاول والرئيس لهذا الفشل.
فبعد 14 شهرا من ولادة هذه الحكومة نرى ان قطاع غزة في وضع يرثى له في حين يعتبر المحللون ان استمرار الاعتقالات والملاحقات ضد قياديي الحركات الفلسطينية في الضفة الغربية قد ضرب اسفين اي فرصة لاجراء انتخابات تشريعية داخل اراضي السلطة الفلسطينية.
اضافة الى ذلك فان الدعوات الى رفع الشرعية عن محمود عباس التي تتصاعد يوما بعد يوم داخل المجتمع الفلسطيني وحتى بين بعض من كوادر فتح واتهامه بالعجز على المستوى الوطني وادارة ظهره للقضايا الوطنية اضافة الى دوره في تشديد الحصار على قطاع غزة ومنع الدول المانحة بالوفاء بالتزاماتها في الاعمار ناهيك عن تعاونه الشامل مع الكيان الإسرائيلي قد اثرت سلبا على شرعية عباس داخل المجتمع الفلسطيني مما اجبره على اللعب بجميع اوراقه من بينها التحكم بحكومة الحمد الله للتاثير على المجتمع الفلسطيني وتمرير مشاريعه.
فاليوم وفي ظل ما يعانيه محمود عباس من هبوط في شعبيته وخسارة مراهنته على عملية التسوية وخيبة امله من دعم عربي ـ غربي لمشاريعه البهلوانية ـ الاعلامية في المنظمات الدولية اضافة الى تعاونه المكثف مع الكيان الإسرائيلي ضد كوادر وقيادات الشعب الفلسطيني، يرى أن الطريق الوحيد لخروجه من هذه الازمة هو اللعب بآخر الاوارق المتبقية بيده وهي الحكومة الفلسطينية حتى ولو تولى هو شخصيا رئاستها لانها ضرورة حيوية لاستمرار بقائه في السلطة حتى ولو كانت هذه السلطة محاصرة في قطعة صغيرة من ارض فلسطين التاريخية ومختزلة في رام الله ومحتاجة لاستمرار حياتها اشد الحاجة للدعم والمساندة من قبل عدو الشعب الفلسطيني الاول الكيان الإسرائيلي.