الوقت- تسعى قطر التي تعتبر دولة عربية ثرية في الخليج الفارسي الى القيام بدور اكثر فاعلية وتأثيرا في التطورات التي تشهدها منطقة غرب آسيا الاستراتيجية والبلدان العربية بعد بدء الصحوة الاسلامية في البلدان العربية منذ قرابة 5 اعوام، ويعتبر قطاع غزة احدى هذه المناطق التي تشهد نفوذا ونشاطا قطريا، فما هي اهداف قطر وما هي خططها ؟
ازداد النفوذ القطري في قطاع غزة بشكل كبير بعد خروج حركة حماس من العاصمة السورية دمشق ونقل مقر مكتبها السياسي الى الدوحة، ويمكن الاشارة في هذا السياق الى الزيارة التي قام بها امير قطر السابق الى قطاع غزة قبل حرب الـ 8 أيام وكذلك المساعدات المالية القطرية الى الاعمار في القطاع والمساعدات المالية القطرية الى حركة حماس والحكومة السابقة لهذه الحركة وغيرها من المساعدات التي تظهر امتداد النفوذ القطري في غزة.
تأثير قطر على سياسات حماس
ترافق النفوذ القطري في قطاع غزة مع تأثير هذا اللاعب الجديد في الساحة الفلسطينية على الفصائل الفلسطينية، فقد ترك النفوذ القطري الواسع تأثيرا كبيرا على مواقف حركة حماس التي تسيطر على مناطق كبيرة في قطاع غزة خلال السنوات الماضية، وقد اتخذت حماس مواقف تتماشى مع قطر يمكن الاشارة الى بعض منها وهي "علاقات حماس مع حكومة الاخوان في مصر، اتخاذ مواقف سلبية تجاه الأزمة السورية وتاييد معارضي الرئيس السوري بشار الأسد، خفض مستوى العلاقات مع ايران وحزب الله، رفع مستوى العلاقات مع تركيا الاخوانية، اتخاذ مواقف غير ودية تجاه الحكومة المصرية الحالية بینما تشهد العلاقات بين قطر ومصر توترا واضحا".
قضیة الهدنة مع الکیان الاسرائيلي
ووسط هذا كله هناك قضية أخرى تزيد من النفوذ والدور القطري في قطاع غزة وهي قضية هامة جدا وقد حازت على تغطية اعلامية واسعة وتتعلق بالصراع العربي الاسرائيلي وتتلخص في السعي لايجاد هدنة طويلة الأمد في قطاع غزة.
وتجري حاليا محاولات اخرى ايضا لارساء هدنة طويلة الامد بين حماس والكيان الاسرائيلي من قبل بعض الاطراف الاوروبية وتركيا وفي هذا السياق يمكن تفسير الزيارات المتكررة للوفود الاوروبية الى قطاع غزة وكذلك اللقاء الذي حصل بين توني بلير وخالد مشعل، لكن هناك الآن مفاوضات غير مباشرة بين حماس والكيان الاسرائيلي بوساطة قطرية حيث تسعى قطر الى التمهيد لارساء الهدنة، وهناك امتيازات تقدمها قطر لحماس من اجل القبول بهذه الهدنة ومنها قضية اعادة اعمار قطاع غزة وبناء ما تهدم في الحرب الـ 51 يوما وكذلك اللقاءات التي حصلت بين رئيس لجنة اعادة اعمار قطاع غزة محمد العمادي والجنرال الاسرائيلي المسؤول عن التنسيق بشأن اعادة اعمار غزة يواف بولي بالاضافة الى الدعم الذي قدمته قطر بقيمة 10 ملايين دولار لنقل الغاز من الكيان الاسرائيلي الى قطاع غزة.
قلق وامتعاض سعودي .. ولكن من ماذا ؟
وقد ادى هذا التنسيق والتعاون بين قطر والكيان الاسرائيلي الى امتعاض وقلق السعودية، فقد اعرب المسؤولون السعوديون الذين اجتمعوا خلال الاسابيع الاخيرة مع مسؤولين اسرائيليين في فرنسا عن قلقهم وانتقادهم للخطوات القطرية تجاه الكيان الاسرائيلي حيث يتخوف المسؤولون السعوديون من التأثير السلبي للعلاقات القطرية الاسرائيلية على العلاقات الامنية الموجودة بين السعودية والكيان الاسرائيلي، لکن الاسرائيليين قد طمأنوا السعوديين بأن الأمر لن يكون كذلك وقالوا لهم ان العلاقات مع قطر استراتيجية بسبب تأثير ونفوذ قطر في قطاع غزة.
وتعتبر العلاقات والتنسيق الموجود بين آل ثاني الحاكمين في قطر والكيان الاسرائيلي قضية واضحة ومؤكدة لدى جميع الفلسطينيين لكن هناك سؤال يطرح وهو عن سبب ارتماء حماس التي تعتبر نفسها اكبر فصيل مقاوم واسلامي في المواجهة مع الكيان الاسرائيلي في احضان القطريين فهل يجب على حماس ان لاتشعر بالخطر من العلاقات الوثيقة بين قطر والكيان الاسرائيلي ؟ اليس هناك احتمال بأن يقوم الكيان الاسرائيلي باستغلال المظلة الامنية القطرية الممدودة فوق رأس حماس ؟ هل نسي مسؤولو حماس كيفية استشهاد قائد عمليات كتائب الاقصى احمد الجعبري ؟ ألم تكن السيارة التي كان الجعبري يتنقل فيها وتم استهدافها في بداية حرب الـ 8 أيام هدية مقدمة من الامير القطري السابق عندما زار القطاع ؟
ان الکیان الاسرائيلي كان يحاول لسنوات اغتيال الجعبري وكان يفشل في كل مرة لكن قطر قد مهدت الطريق لاغتيال الجعبري وهذه قضية اذكت الخلافات الداخلية في حماس بعد حرب الـ 8 أيام.
وهنا نقول لقادة حماس الذين يسكنون الدوحة بأنهم يجب عليهم ان يعلموا أنهم اذا كانوا يسعون الى مقاومة الكيان الاسرائيلي فإن قطر تعتبر احد المعوقات الرئيسية امام ذلك ولكنهم اذا كانوا قد تعبوا من المقاومة ويسعون وراء التسوية على غرار حركة فتح فإن الطريق الذي تم اختياره هو افضل الطرق.