الوقت- الفلوجة بموقعها الاستراتيجي تشكل باب الوصل الى الأنبار، المحافظة التي تشكل بالنسبة لتنظيم داعش الارهابي العمق الاستراتيجي مع سوريا، وخسارتها تعني خسارة التنظيم لأهم خطوط الإمداد؛ هنا تلمعُ أهمية الفلوجة التي تبعد 60 كيلومترا عن بغداد وتتحكم بالطريق الدولي الذي يربط العراق بسوريا والأردن، هذه الأهمية جعلتها تحت مجهر قوات الجيش العراقي والحشد الشعبي الذين يتحضران لاستعادتها.
الفلوجة التي تتمتع بكل هذه الأهمية ستكون هي الوجهة القادمة لقوات الحشد الشعبي حسب ما أعلن هادي العامري رئيس الحشد، هذه المعركة وإن تأخرت بعض الشيء الا أنها ستكون حاسمة حسب تصريحات أدلى بها الناطق الإعلامي لهيئة الحشد الشعبي كريم النوري لـ"موازين نيوز"؛ وتأخر المعركة يعود لأسباب كثيرة منها:
السبب الأول:
كما هو معتاد، يعتمد تنظيم داعش الارهابي على احتجاز المدنيين وعدم السماح لهم بالخروج مستخدمهم كدروع بشرية، وهذا مايعيق القوات العراقية التي تعمل على استعادة المدينة دون تعريض المواطنين العالقين للمخاطر، ولهذا قام الحشد الشعبي بفتحح ممرات آمنة للأهالي وللمغرر بهم والمكرهين على القتال مع التنظيم الارهابي، وذلك حسب ما أشار اليه الناطق الإعلامي لهيئة الحشد الشعبي "كريم النوري" في تصريح أدلى به لقناة "العالم"، حيث أكد النوري "اننا (أي الحشد الشعبي) لا نقاتل من أجل النصر وحده وإنما من أجل المواطنين وعودتهم الى منازلهم بعد طرد داعش"، ويعتبر هذا السبب من أهم الأسباب التي تعيق تقدم الحشد الشعبي.
السبب الثاني:
معركة في هذه الأهمية من البديهي أن تنال عناية خاصة من قبل تنظيم داعش الارهابي أيضاً، فخسارة الفلوجة تعني الوصول الى بوابة الأنبار التي سيقطع سقوطها طرق الإمداد عن التنظيم، وهذا مايخشاه التنظيم الذي يعتمد على استحضار الدعم من تركيا عبر سوريا، فمن البديهي أن يكون التنظيم قد تجهز للمعركة بكل قدرته وامكاناته، الأمر الذي يدفع قوات الحشد الشعبي الى رسم خطة محكمة لاسترجاع الفلوجة بأقل عدد ممكن من الشهداء.
السبب الثالث:
يرجع تأخر معركة الفلوجة وغيرها من المعارك ضد الارهاب الى تواطؤ عربي ودولي، فالكثير من الدول لازالت تدعم الإرهاب وتحول دون مواجهته من خلال الضغط السياسي على حكومة بغداد وعلى الحشد الشعبي، والدول هذه تصر على الإبقاء على تنظيم داعش الارهابي حتى الوصول الى مآربهم، وهذا ما أشار اليه "فتح علي"، السفير الإيراني في لبنان، في مقابلة أجرتها معه صحيفة "الجمهورية" اللبنانية حيث اعتبر 'أنّ التفاقم الذي نشهده اليوم في الإرهاب التكفيري في بعض المناطق من العراق، وخصوصاً في الأنبار يعود إلى انّ الداعمين للارهاب في المنطقة والعالم يريدون استمرار هذه الظاهرة إلى ان تحقّق أهدافها".
السبب الرابع:
يرتبط هذا السبب بقوات التحالف التي تدعي محاربة تنظيم داعش الإرهابي، فإذا كانت أمريكا التي تقود قوات التحالف هي من دعم التنظيم الارهابي وشارك في تأسيسه فهل يتوقع أن تكون جادة في محاربته!؟.
مدير مركز الأديان والصراعات بجامعة لندن "جيفري هانز" أوضح أن أميركا شجعت ضمنيا تنظيم الدولة عن طريق تقديم الدعم له، كما أشار الكاتب البريطاني "شيماس ميلين" في مقال له بصحيفة الغارديان الى أن واشنطن أسهمت بشكل أو بآخر في بزوغ نجم التنظيم، كل هذه الشواهد تمنع أي تصور بأن أمريكا يمكن أن تكون جادة في محاربة تنظيم هي من دعمه، وكذلك فإنها لن تسمح لأحد بالقضاء على هذا التنظيم بهذه البساطة، فانكسار تنظيم داعش الارهابي يهدر كل الجهود والنفقات الأمريكية التي بُذلت على هذا التنظيم، كما يشكل ضربة للتحالف الذي لم يستطع الى يومنا هذا تحرير أي منطقة من عناصر تنظيم داعش الارهابي هذا لو فرضنا جديته.
الأسباب التي أخرت معركة تحرير الفلوجة لن تستمر طويلاً، ولن تحول دون بدء المعركة التي على مايبدو أن قوات الحشد الشعبي باتت جاهزةً لها وعلى أعلى درجات الثقة بالنفس، والا لما أعلن رئيس قوات الحشد الشعبي، هادي العامري، بشكل واضح أن الوجهة القادمة للحشد الشعبي هي الفلوجة، فخطوة كهذه تعتبر تفريطاً بعنصر المفاجأة فلا يتخذها الا من كان واثقاً بالنصر.