الوقت- تستمر السعودية بعدوانها على اليمن منذ مايقارب الـ80 يوماً، لم تستطع القوات السعودية خلال هذه الأيام تحقيق أي هدف من الأهداف التي أعلنت عنها قبل بدء العدوان، فالوضع اليمني لم ينقلب لصالح حليفها عبد ربه منصور هادي، وكذلك لم ينكسر أنصار الله في المعركة، بل استطاعوا اختراق الحدود السعودية والسيطرة على مراكز عسكرية سعودية بعضها يتبع لقوات الحرس الوطني السعودي، خيبة الأمل هذه التي لحقت بالسعودية على الصعيد العسكري دفعت بصناع القرار السعودي الى حرف زورقهم، وجدفوا نحو السياسة ليححقوا ماحلموا بتحقيقه في الميدان.
الوجهة الجديدة للسعودية هي مؤتمر جنيف، المؤتمر الذي يرى فيه الشعب اليمني بريق أملٍ لإخراجه من أزمته ولإيقاف العدوان السعودي على الأراضي اليمنية، ورغم حضور الأطراف اليمنية المعنية في المؤتمر الا أنه بات مهدداً بعدم النجاح، فالمؤتمر الذي ينعقد بحضور ممثلين عن دول مجلس التعاون لم يكن حيادياً، حيث أكد أحد قياديي حركة أنصار الله لوكالة "فارس" أن "هذه المحادثات سعودية بلباس الأمم المتحدة ولا أعتبار لها من الجانب السياسي"، مشيراً الى أن الأمم المتحدة طلبت من حركة أنصار الله أن تتحالف مع السعودية لتحارب القاعدة وأن تتجنب التدخلات الخارجية وكذلك أن تتوقف عن الرد على العدوان السعودي، املاءات الأمم المتحدة هذه ترسخ حقيقة التدخل السعودي في المفاوضات، فلو كانت الأمم المتحدة حيادية لكانت ألزمت السعودية بوقف عدوانها على اليمن، على الأقل خلال فترة انعقاد مؤتمر جنيف بدلا من الطلب من أنصار الله بوقف الرد على العدوان.
الأمم المتحدة لن تستطيع الضغط على أنصار الله ليقبلوا بمبادرة دول مجلس التعاون أو بما ورد في القرار رقم 2216، فأنصار الله لو كانوا سيقبلون بهكذا بنود لقبلوها سابقاً ولحالوا دون العدوان السعودي منذ بدايته، وأنصار الله لايمكن أن يقبلوا برغبات السعودية التي تسعى لإظهارهم على أنهم مجموعات ارهابية، الأمر الذي أشار اليه القيادي في انصار الله في تصريح لوكالة "فارس"، القيادي الذي طلب عدم الكشف عن اسمه أكد أن "السعودية تحاول أن تنسب الشرعية السياسية في اليمن الى منصور هادي وتجعل اللجان الثورية في قائمة الارهاب".
رفض انصار الله للقرار 2216 ومبادرة دول مجلس التعاون ورغبات السعودية يأتي ضمن عمل أنصار الله على حفظ استقلال اليمن وحريته، فالقرارت هذه كلها تصب في خانة الإبقاء على عبد ربه منصور هادي والذي يدين بالولاء للسعودية، الأمر الذي أكدته السعودية مراراً من خلال تصريحاتها بتقديم كافة أشكال الدعم له، ما يؤكد أن الموافقة على هذه القرارات تعني فرض وصاية سعودية غير مباشرة على اليمن، وهذا ما يناقض استقلال اليمن وحريته ومصالح شعبه، ولو كانت السعودية مهتمة بمصالح اليمن وشعبه لما اعتدت على سيادته وقصفت مدنه.
كما أن رغبات السعودية التي تسعى الى تحقيقها خلال مؤتمر جنيف غير متزنة وليست منطقية، فهي لا تعمل على تحقيق بعض مصالحها فحسب، بل تعمل على إقصاء أنصار الله من المعادلة نهائياً واخراجهم من أي عملية سياسية تجري في البلاد ونسب الارهاب لهم، مما يجعل الرأي السعودي مرفوضا وبشدة من قادة حركة أنصار الله، وهذا ما أشار اليه المصدر لوكالة "فارس" حيث أكد أن "الرياض لا يمكن لها أن تساهم في أي حل سياسي في اليمن".
الأمم المتحدة التي تحاول تحقيق الرغبات السعودية طلبت من أنصار الله سحب اللجان الثورية من المدن، وهذا مايخالف مصلحة الشعب اليمني، فالمدن التي تتواجد فيها اللجان الثورية مستقرة فما الحاجة لإنسحاب اللجان!؟ كما أنه لابديل يمكنه حفظ الاستقرار في هذه المدن، ففي حال انسحاب اللجان الثورية ستبقى المدن أمام خيارات عدة، اما دخول الجيش اليمني وهذا ما سترفضه السعودية أيضاً بسبب تحالف الجيش اليمني مع أنصار الله، أو ستدخل قوات عربیة ثالثة إلی الیمن وهذا جاء على لسان رياض ياسين عضو وفد الریاض في مؤتمر جنیف الذي قال لـ مراسل جریدة "السفير" اللبنانیة "إنَّنا نقبل وقفاً لإطلاق النار إذا تم إرسال «قوات يمنية وعربية، تحت أيّ مظلة كانت، تستطيع أن تراقب تنفيذ ما نتوافق عليه، هذا إذا اتفقنا على شيء". ومن المسلَّم إنَّ طرح وجود قوات "غير واقعي" وأنَّها قضية في حاجة إلى ترتيبات طويلة وغير ممكنة كيفما اتفق، تحتاج إلى أشهر، فالأمر في حاجة إلى قرار من مجلس الأمن. إذن في حالة إنسحاب وتراجع اللجان الثوریة من المدن، یمکن القول أنه ستبقى هذه المدن دون حماية ومفتوحة الأبواب أمام تنظيم القاعدة الإرهابي الغني عن التعريف!.
هذا وتتم محاولات للتقليل من أهمية أنصار الله من خلال الإيهام بوجود خلافات بينهم وبين حزب المؤتمرالشعبي العام، وذلك للإنقاص من الوزن العسكري والسياسي لأنصار الله، ولكن الاتهامات هذه نفاها قیادة حزب المؤتمر في مقابلة مع قناة "الميادين" حيث أكدوا أنهم لايختلفون مع أنصار الله ولا يتخلون عنهم، مضیفین"نحن واياهم في الميدان، نواجه العدوان، نواجه الانفصال".
محاولات السعودية في السعي وراء مصالحها والتدخل في الشأن اليمني الداخلي يمكن أن يحرف بوصلة مؤتمر جنيف ويشكل تهديداً خطيراً على فرص نجاحه، فالمؤتمر لم يعد يمنياً خالصاً، فالسعودية تكاد تصبح وفداً من الوفود المفاوضة، وفي كل الأحوال فإن المكاسب السياسية التي تحاول السعودية نيلها من مؤتمر جنيف لتعوض فشلها في العدوان على اليمن، لن تُقدَّم على طبق من ذهب، فحتى لو تحالفت الأمم المتحدة مع السعودية واتباع عبد ربه منصور هادي، فإن حركة أنصار الله التي لم تخسر ميدانياً محالٌ أن تخسر سياسياً.