الوقت -كلُّ الأمراء والوزراء ورجال الأعمال الذين أمر بحبسهم ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، بتهم الفساد الإقتصادي ربما لم يكونوا كافيين لجمع المبلغ الذي يريده بن سلمان لبناء مملكته الجديدة، أو ربما لشراء المزيد من لوحات بيكاسو ودافينشي، ما اضطره لجلب رجال الأعمال العرب، ومن خارج الحدود لدفع "الخاوة" حتى يتمكنوا من إدارة واستمرار أعمالهم الموجودة على أراضي المملكة، أو ربما للضغط على حكوماتهم لتغيير مواقفها ببعض المواقف الدولية.
ضيف جديد في الريتز كارلتون
رجل الأعمال الأردنيُّ الجنسية والفلسطينيُّ الأصل "صبيح المصري" والبالغ من العمر ثمانون عاماً، كان آخر ضحايا الإعتقالات في السعودية، حيث تقول الأخبار الواردة من الرياض إنّ المصري وعند وصوله إلى المملكة وجد نفسه نزيلاً في فندق الـ "ريتز كارلتون" برفقة بقيّة النزلاء من أمراء ووزراء ورجال أعمال، حيث تؤكد مصادر مقربة من المصري أنّه توجه إلى السعودية بعد أن وصلته رسالة وديّة من صديق نافذ في الحكومة السعودية، لتعلن بعدها مصادر سعودية اعتقال المصري لاستجوابه في قضايا فساد مالية.
رجل الأعمال الذي يدير استثمارات ضخمة في كل من السعودية ولبنان والأردن، لم توجّه له السلطات السعودية وحتى هذه اللحظة أيّ إتهام، غير أنّ المكتب القانوني في البنك العربي الذي يرأس المصري مجلس إدارته، والذي يضم محامون محترفون من العرب والأجانب عقد اجتماعا طارئاً لتقييم الموقف، حيث اعتبرت الإدارة العليا للبنك نفسها في حالة إنعقاد دائم، وبدأت اتصالاتها مع السلطات السعودية لتحديد تهمة رئيس مجلس إدارة البنك الذي يُعتبر من البنوك الأهم في المنطقة والعالم.
لعنة الجنسية
بعد أن أفرغ خزينة المملكة السعودية ونقلها إلى البنوك الأمريكية، يسعى بن سلمان وبحسب المراقبين إلى استدعاء كل رجال المال السعوديين "أو من يحملون الجنسية السعودية" سواء كانوا في الداخل أو يُقيمون خارج البلاد، وذلك بهدف جمع ما يستطيع من الأموال لرفد خزينة البلاد التي أفلسها بن سلمان ودفعها للرئيس الأمريكي ترامب مقابل حماية انقلابه على أسرته وحصوله على العرش السعودي، حتى ولو كان هذا العرش مبنيّاً على الموت والاعتقالات وإرهاب المواطنين.
اعتقال المصري وبحجة حمله للجنسية السعودية؛ سبقه إلى ذلك السجن رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري، حيث جرت معاملته كـ "سعودي" كونه يحمل الجنسية السعودية، غير أنّ "العناية الفرنسية" أنقذت الحريري في آخر اللحظات، وحالت دون بقائه في الريتز كارلتون.
رسالة إلى الأردن
أكثر من ذلك.. يحمل اعتقال المصري وكما يرى مراقبون في طيّاته رسالة وتهديد إلى المملكة الأردنية، إذ يُعتبر المصري من أبرز وجوه الأردن الإجتماعية والإقتصادية، كما تربطه علاقات وثيقة بالأسرة الهاشمية، وخاصة الملك الأردني عبد الله الثاني.
ويؤكد متابعون للعلاقات السعودي الأردنية أنّ استمرار اعتقال المصري من قبل الأمير محمد بن سلمان -الذي يُعتبر صاحب اليد الطولى في قرار الإعتقال هذا- بالإضافة لعدم تجاوبه مع الاتصالات الأردنية الرسمية التي هدفت للافراج عن المصري، من شأنه أن يؤدي إلى تدهور أكبر في العلاقات السعودية الأردنية.
ويؤكد المراقبون على أنّ التقارب الأردني التركي والذي بدا واضحاً خلال قمة الدول الإسلامية التي انعقدت مؤخراً في اسطنبول شهدت مشاركة كبيرة وفاعلة من العاهل الأردني في المؤتمر، كما أنّ جلوسه عن يمين الرئيس رجب طيب اردوغان في المنصة الرئيسية اعتبره مراقبون مؤشراً على ابتعاد عمّان عن المحور السعودي، وسعيه لتطوير العلاقات مع المحور الإيراني التركي.
بالإضافة لما سبق؛ يؤكد المراقبون على أنّ العلاقات الأردنية السعودية تعيش أسوء أيامها بعد نكث الرياض لوعودها بتقديم مساعدات مالية لعمّان، ومن جهةٍ أخرى تجاوز السعودية للأردن في إقامة علاقات مباشرة مع کیان الاحتلال الإسرائيلي.
تجدر الإشارة إلى أنّ تقارير إعلامية نقلت عن مصادر في الداخل السعودي تأكيدها أنّ ابن سلمان لن يتوقف عن حملة الاعتقالات التي تشهدها المملكة، فهو من ناحيةٍ يسعى لسد عجز الخزينة السعودية، ومن ناحيةٍ أخرى يطمح لأن يصبح أول "تريليونير" في العالم، وبالطبع فإنّ الوصول إلى مبلغ الترليون لن يكون إلا من خلال اعتقال المزيد من رجال الأعمال ومفاوضتهم على حريتهم مقابل مبالغ خيالية، غير أنّ رفض أحد أغنى أغنياء العالم "الوليد بن طلال" تلك المفاوضات قد تجعل خطّة بن سلمان صعبة التحقق وبعيدة المنال.