الوقت- مع تصاعد الأنباء التي تؤكد نية الجيش السوري البدء بعمل عسكري قريب في محافظة ادلب، تمهيدا لتحريرها بعد استكمال عملية فك الحصار عن مدينة دير الزور، بدأت هيئة تحرير الشام تتفكك وتنقسم على نفسها لتعود جبهة النصرة الى مربعها الأول وتبقى وحيدة في الحرب القادمة التي ربما ستكون الأخيرة ايضا.
حيث أعلن ما يسمى "جيش الأحرار" الذي يعتبر ثاني أكبر أركان الهيئة، بعد "فتح الشام" (النصرة سابقاً) ويضم 16 فصيلاً وأكثر من ألفي مقاتل، الانفصال عن "هيئة تحرير الشام"، مشيراً إلى أنه تم "الاتفاق مع قيادة الهيئة على تشكيل لجنة قضائية للنظر في الحقوق".
وجاء في البيان الصادر عن مجلس الشورى في "جيش الأحرار" ، "تكررت أحداث مؤلمة على المستوى الداخلي للساحة، ما كنا نرتضيها، وقد تجملنا بالصبر بغية الإصلاح، ورافق ذلك تجاوزات، آخرها التي انتشرت في التسريبات التي تحطّ من قدر حملة العلم الشرعي".
وانتشرت تسريبات صوتية لقياديين في الهيئة، تقلّل من قيمة "الشرعيين" في الفصيل، وتصفهم بـ"المرقّعين"، وتحيك المؤامرات لإنهاء الفصائل الأخرى في مناطق سيطرتها.
و"جيش الأحرار" انشق عن حركة "أحرار الشام الإسلامية"، نهاية شهر نوفمبر/ تشرين الثاني 2016، نتيجة خلافات داخلية، ثم انضم إلى "تحرير الشام" بقيادة جبهة النصرة.
انشقاق رئيس الهيئة والمحيسني والعلياني
كذلك أكدت مصادر مطلعة عن نية أبو جابر الشيخ (رئيس الهيئة) الاستقالة ودق أخر مسمار في نعش الهيئة، بعدما أعلن كل من السعوديان عبد الله المحيسني (القاضي الشّرعي)، والقيادي مصلح العلياني الانشقاق عن الهيئة والفرار الى مناطق اخرى، ، احتجاجاً على تجاوزات قياديين، و"انتقاصهم للشريعة"، وأوضح المحيسني والعلياني ، في بيان مشترك، أن "الاستقالة جاءت بعد التجاوز الحاصل من اللجنة الشرعية لتحرير الشام في قتال بعض فصائل الأخير، والتسريبات الصوتية التي تحمل انتقاصاً صريحاً لحملة الشريعة على نحو خطير".
وكانت الخلافات المتصاعدة بين "هيئة تحرير الشام" و"حركة أحرار الشام" قد أفرزت تيارين داخل الهيئة، الأول يتزعمه أبو محمد الجولاني(أمير جبهة النصرة والقائد العسكري للهيئة)، والذي كان يدعو لقتال الحركة بعد رفعها لعلم لايحوي على أي عبارة دينية (العلم السوري زمن الانتداب الفرنسي) على مقراتها ، فيما يتزعم التيار الثاني عضو اللجنة الشرعية في الهيئة عبد الله المحيسني، والذي كان ضد قتال "الهيئة" لعناصر حركة أحرار الشام، مما خلق شرخاً داخل الهيئة حول طريقة مواجهة هذا التحول بين المواجهة السياسية والمواجهة العسكرية، والذي حسمه القائد العسكري للهيئة والمتحكم في قرارها أبو محمد الجولاني بالمواجهة العسكرية، كونه يعتمد على مبدأ أن الأقوى عسكرياً هو من يتحكم بكل مفاتيح الحلول على الأرض.
استقالات بالجملة وفرار خارج ادلب
وبعد استقالة المحيسني والعلياني، أكدت مصادر محلية أن قرابة مائة عنصر من تنظيم "هيئة تحرير الشام" انشقوا بسلاحهم وفروا إلى مناطق سيطرة "حركة أحرار الشام" في جبل شحشبو بريف حماة الغربي، فيما تحدثت أنباء عن انشقاق كل من "كتيبة الأنصار والمهاجرين" في منطقة سرمدا بريف إدلب الشمالي، و"كتيبة سيوف الإسلام" بريف حلب الغربي عن تنظيم "هيئة تحرير الشام".
انشقاق حركة نور الدين الزنكي قصمت ظهر الهيئة
وسبق مسلسل الانشقاقات الجديد، انشقاق كبير لا يقل أهمية حدث قبل أشهر لحركة نور الدين زنكي التي انفصلت عن هيئة تحرير الشام الإسلامية، على خلفية الاقتتال الحاصل بين هيئة تحرير الشام، وحركة أحرار الشام في محافظة إدلب شمال سوريا، حيث اعتبرت حركة نور الدين زنكي أن الهيئة تجاوزت مجلس الشورى وأخذت قرارها بقتال حركة أحرار الشام علماً أن تشكيل الهيئة بني على أساس عدم البغي على الفصائل، وأضاف بيان الزنكي أن هناك أسباباً أخرى، ومنها "عدم تحكيم الشريعة، وتمثل ذلك في تجاوز لجنة الفتوى في الهيئة وإصدار بيان عن المجلس العسكري من دون علم أغلب أعضائه، وعدم القبول بالمبادرة التي أطلقها العلماء، التي كانت تسعى لوقف القتال بين الهيئة والحركة حينها".
ويرى مراقبون أن الانشقاقات الحاصلة حاليا ضمن "هئية تحرير الشام" ستعري جبهة النصرة، وستترك أميرها أبو محمد الجولاني وحيدًا في الساحة، وذلك بالتزامن مع اجتماعات "أستانة 6" التي تحتضنها العاصمة الكازاخية، والتي تتمحور حول فرض منطقة "تخفيض تصعيد" في إدلب، فيما يدور الحديث عن توافق تركي – روسي-ايراني سيكلل بعملية عسكرية ستكتب من خلالها سطور أخر فصل من عمر جبهة النصرة.