الوقت- عندما يسمح شخص ما لمعتقداته المتعصبة بمنع نمو وازدهار شخص أخر فإن هذا يسمى تمييز عنصري وأولئك الذين يحرمون جميع أفراد عرقِ ما من بعض المهن أو السكن أو الحقوق السياسية أو الفرص التعليمية أو التفاعلات الاجتماعية، هم المسببين الأصليين لإيجاد العنصرية في المجتمع.
كانت أمريكا منذ تأسيسها تشهد الكثير من حالات العنصرية والتمييز العنصري ولقد ظهرت خلال تلك الفترة العديد من الحركات الاحتجاجية ولقد شملت الهياكل العنصرية الرئيسية في الولايات المتحدة على الرق والتمييز العنصري والمدارس المستقلة للهنود، ومعسكرات الاعتقال الكبيرة للأجانب طالبي اللجوء. وما تزال هنالك أيضا اتجاهات وسلوكيات عنصرية حتى في وقتنا الحاضر لدى عدد كبير من الأمريكيين.
إن للعنصرية التي ترى بأفضلية العرق الأبيض في أمريكا تاريخ يعادل التاريخ الأمريكي. فلقد كان السكان البيض الذين انتقلوا من أوروبا إلى أمريكا يعتبرون السكان الأصليين والملونين، وخاصة السود الذين جاؤوا إلى الولايات المتحدة من القارة الأفريقية، بأنهم اقل شأنا من الحيوانات ولقد تم بيعهم كعبيد في الأسواق وكانوا جزءا من ممتلكات السكان البيض وتجدرالإشارة هنا بأنه حتى الحروب التي وقعت بين الشمال والجنوب في منتصف القرن التاسع عشر لم تستطيع إنهاء هذه العنصرية في الولايات المتحدة.
وفي سياق متصل ذكر تقرير صادر عن إحدى جماعات الحقوق المدنية في الولايات المتحدة بأنه تم خلال الفترة الحالية معرفة وتحديد اكثر من 1600 جماعة متطرفة داخل البلاد. ومن أبرز هذه الجماعات المتطرفة هي جماعة " اليمين البديل". حيث تعتبر جماعة اليمين البديل بأنها مجموعة غير متناغمة مع الجماعات والأفراد الذين لديهم قضايا مشتركة، فهم يكرهون بشدة المعايير السياسية ويحبون دونالد ترامب كثيراً.
ترامب وتنامي العنصرية في أمريكا
نُشرت الكثير من التقارير التي تشير إلى قيام بعض الأشخاص داخل أمريكا بأفعال وهجمات ذات دوافع عنصرية وذلك منذ أن أصبح ترامب رئيسا للولايات المتحدة،. فعلى سبيل المثال، أفاد المركز القانوني للفقر في أمريكا بأنه وقعت 1052 حالة ذات دوافع عنصرية في جميع أنحاء الولايات المتحدة في غضون شهر واحد من تولي ترامب للرئاسة، على الرغم من أن 26 حالة منها كانت ضد مشجعي ترامب ولقد شملت هذه الأحداث قضايا من قبيل العنصرية والإرهاب الإسلامي ومكافحة الهجرة.
وآخر مثال على هذه الأعمال العنصرية التي وقعت في أمريكا قبل أيام قليلة هي أحداث شارلوتسفيل، حيث تجمع مجموعة من البيض وبعض القوميين المتطرفين في منطقة شارلوتسفيل التابعة لولاية فيرجينيا الأمريكية وبعد فترة وجيزة اندلعت بين تلك المجموعات وخصومهما صراعات خشنة ووقعت أحداث عنف كثيرة. وفي هذه المظاهرة تجمعت مجموعة من النازيين الجدد والقوميين الذين يؤمنون بتفوق العرق الأبيض والقوميين المتطرفين والمؤيدون لترامب ورفعوا شعارات دعما لسيادة أمريكا وللعرق الأبيض ورفعوا لافتات أيضا ضد المهاجرين ولقد أسفرت هذه المظاهرة في نهاية المطاف عن مقتل وإصابة العديد من الأشخاص.
نظرة الشعب الأمريكي للعنصرية الموجودة في مجتمعهم
اعرب 49٪ من الأمريكيين المشاركين في استطلاعات الرأي المشتركة التي قامت بها شبكة الأخبار "سي إن إن" بالتعاون مع "مؤسسة عائلة كايزر"، بأن أكبر مشكلة يواجهها المجتمع اليوم، هي العنصرية والفظائع العنصرية التي تحدث للأقليات العرقية في البلاد. وأشار هذا الاستطلاع من ناحية أُخرى إلى أن 41٪ من الأمريكيين عبروا في عام 1995 بأن العنصرية مشكلة رئيسية وتجدر الإشارة هنا بأن هذا الرقم انخفض بنسبة 28 في المائة بحلول عام 2011، ولكنه ازداد بسرعة خلال السنوات الأربع الماضية والآن وصلت النسبة إلى 49٪.
ومن ناحية أُخرى يمكن القول بأن الشعب الأمريكي يؤكد بأنه خلال السنوات الماضية انتشرت العنصرية بشكل كبير بين جميع فئات الشعب والأقليات العرقية المختلفة واكد بأن هذه القضية ستصبح في المستقبل القريب من اهم المشاكل التي يواجهها المجتمع الأمريكي.
وفي استطلاع مماثل أجرته مؤسسة "غالوب" في عام 2015 فيما يتعلق بحقوق الأقليات القومية والدينية حيث أُجري هذا الاستطلاع بين 3270 شخص أمريكي وكانت اهم النتائج التي خرج بها هذا الاستطلاع هي كما في التالي: 60٪ من الناس في هذا البلد بما في ذلك السكان البيض، يعتقدون بأن العنصرية ضد السكان السود زادت بشكل كبير عما كانت علية في عام 2009 (منذ بداية رئاسة باراك أوباما).
ومن ناحية أُخرى أظهرت النتائج أيضا بانه بينما يثير الأمريكيين مخاوفهم من العنصرية ضد السود فإن هنالك 33 في المائة من سكان البلاد يقولون بأن السكان البيض أيضا يعانون من التمييز العنصري والظلم ولقد سُجلت هذه الأرقام ما بين عامي 2008 و 2009.
يبدو أنه في حين أن العالم اليوم يدعوا للمساواة والعدالة والحرية، فلقد أصبحت الولايات المتحدة رمزا للهيمنة العرقية والتمييز العنصري وملجأً للجماعات العنصرية.