الوقت- في تطور لافت على الساحة اليمنية، كشفت تقارير إعلامية عن وجود عناصر من الكيان الصهيوني بغطاء صحفي في عدد من محافظات جنوب اليمن، بالتعاون مع المجلس الانتقالي الجنوبي المدعوم إماراتياً، والتنسيق مع جهات أمريكية، هذه الخطوة تكشف عن استراتيجية غير معلنة لتمكين أطراف إقليمية ودولية من التوغل الميداني في المنطقة، واستغلال الصراعات المحلية لتحقيق أهداف جيوسياسية بعيدة المدى.
حضور عناصر إسرائيلية وأمريكية في مواقع حساسة جنوب اليمن يثير أسئلة حول عمق التدخل الخارجي في اليمن، ومدى استخدام التغطيات الإعلامية كأداة للتأثير العسكري والسياسي، كما يطرح تحدياً كبيراً أمام القوى الإقليمية والدولية في كيفية إدارة التوازن بين دعم الحكومات المحلية والحفاظ على استقرار المنطقة، وخصوصاً في ظل تصاعد التوترات بين الأطراف المتصارعة، من هذا المنطلق، يصبح من الضروري تحليل أبعاد هذا التواجد.
الدور الميداني والتحالفات الإقليمية
أظهرت المعلومات أن فريق جروزاليم بوست، بمرافقة أمريكيين و"إسرائيليين"، تمكن من الوصول إلى محافظات عدن والضالع وأبين وشبوة وباب المندب، واجتمع مع قيادات المجلس الانتقالي، هذه الاجتماعات لم تقتصر على الزيارات الإعلامية، بل تضمنت تقديم خطط واستعراض المعدات العسكرية المطلوبة لمواجهة صنعاء، بما في ذلك رشاشات خفيفة، معدات دفاع جوي، طائرات مسيرة، وأنظمة للرؤية الليلية، تشير هذه المعطيات إلى أن التغطيات الصحفية ليست مجرد نشاط إعلامي، بل أداة لتقييم القدرات الميدانية وتحديد الأولويات الاستراتيجية.
من منظور استراتيجي، يمثل هذا التواجد محاولة واضحة لتعزيز النفوذ "الإسرائيلي" والأمريكي في اليمن، عبر دعم المجلس الانتقالي كقوة محلية تضمن مصالحهم في المنطقة، كما يعكس هذا الدور المؤثر في الجنوب اليمني رغبة في إعادة رسم موازين القوة العسكرية بين الأطراف اليمنية، وتعزيز قدرة التحالف على مواجهة أنصار الله.
ويُظهر التقرير كذلك أن هناك تنسيقاً مسبقاً لتزويد المجلس الانتقالي بالمعدات الضرورية لمواجهة العاصمة صنعاء، ما يعكس استراتيجية طويلة الأمد للضغط العسكري والسياسي، تهدف إلى تحقيق أهداف بعيدة المدى في إدارة اليمن بما يتوافق مع مصالح والكيان الصهيوني والولايات المتحدة.
الأبعاد
يمثل التواجد الصهيوني والأمريكي بغطاء صحفي نموذجاً للتدخل غير المباشر في النزاعات الإقليمية، حيث يتم استغلال وسائل الإعلام كواجهة لتحقيق مصالح استراتيجية، وفي هذا السياق، يصبح المجلس الانتقالي الجنوبي أداة لتحقيق أهداف التحالف الغربي في اليمن، بما في ذلك الحفاظ على خطوط الملاحة في باب المندب وتأمين المواقع الحيوية للضغط على صنعاء، هذا التحالف يظهر كيف يمكن للقوى الدولية استخدام التحالفات المحلية لتوسيع نفوذها، مع ضمان تغطية سياسية ودبلوماسية.
علاوة على ذلك، يُظهر هذا التواجد تكامل الأبعاد العسكرية والإعلامية مع السياسة الإقليمية، حيث يسعى التحالف لضمان هيمنة نسبية على الملفات اليمنية، وتأمين مصالح حلفائه الإقليميين في السعودية والإمارات، إن هذه الديناميات تطرح تساؤلات حول قدرة اليمن على الحفاظ على سيادته الوطنية، وتعكس تفاعلات معقدة بين القوى الإقليمية والدولية التي تعمل على توظيف النزاعات الداخلية لتحقيق أهداف استراتيجية، من منظور الرياض وأبوظبي، يمثل هذا التواجد تحدياً لإدارة التوازن بين دعم القوى المحلية والحفاظ على مصالحها في المنطقة، في حين يبقى ملف أنصار الله محورياً في اختبار مدى فاعلية هذه التحالفات في إعادة تشكيل موازين القوة.
تأثير التدخل الخارجي
يمثل التدخل الصهيوني والأمريكي في الجنوب اليمني مؤشرًا على التعقيد في المنطقة، دعم المجلس الانتقالي الجنوبي بالمعدات العسكرية والمعلومات الاستخباراتية يعكس استخدام القوى الخارجية أدوات محلية لتعزيز نفوذها، هذا التواجد يطرح تساؤلات حول قدرة الدول الإقليمية، مثل السعودية والإمارات، على التحكم في تأثيرات هذا التدخل وضمان عدم خروجها عن سيطرتها، كما يوضح الدور الإعلامي كغطاء لعمليات عسكرية واستراتيجية، ما يزيد من حساسية الموقف ويضع الأطراف الإقليمية أمام خيارات صعبة في إدارة النزاعات وحماية مصالحها.
في الختام، إن التواجد الصهيوني والأمريكي في جنوب اليمن يعكس تحولاً استراتيجياً في إدارة النزاعات ، حيث تتحول القوى الخارجية إلى لاعبين مؤثرين عبر دعم أدوات محلية، هذا الواقع يضع اليمن أمام تحديات أمنية وسياسية معقدة.