الوقت- شكّل قرار القضاء المصري القاضي بالإفراج عن الرئيس الأسبق حسني مبارك، حديث الشارع المصري، على الرغم من محاولة بعض وسائل الاعلام المصرية التعتيم على الخبر والتنويه إليه بشكل خجول.
واكتفت كبريات الصحف المصرية العريقة والمحطات التلفزيونية بخبر ثانوي وكأن القضية لا تخص مصر أو مرتبطة بـ"محكمة القرن"، ورغم أن الموضوع لم يكتب بالمانشيتات الرئيسية لأغلب وسائل الاعلام المصرية ولكنه كان الموضوع الرئيسي الذي يتداوله المصريون على وسائل التواصل الاجتماعي وفيما بينهم.
ووصف رواد مواقع التواصل الإجتماعي، قرار النائب العام المستشار نبيل صادق، بالإفراج عن الرئيس الاسبق حسنى مبارك، وعودته إلى منزله بمصر الجديدة، بـ"المستبد"، والغير "متكافئ"، مشيرين إلى أن القرار يعد انتصاراً لـ"الثورة المضادة"، مع وجود بعض الشباب في السجون أو مقيدين بسلاسل بإنتظار تنفيذ عقوبة تكميلية مثل وضعهم تحت المراقبة لمدة مماثلة لمدة العقوبة.
وتساءل عدد من المصريين عن تناقض الدولة في احتفالها بذكرى ثورة يناير،في حين أنها أصدرت براءة مبارك ونظامه كلهم، الثورة طلع عندها حمل كاذبواللي قتلوا الثوار بقوا على الأسفلت".
بدوره أدان مصطفى مرسي (65 عاما) الذي قتل ابنه محمد برصاص الشرطة في ضاحية المرج بشمال القاهرة في 28 كانون الثاني/يناير 2011 ما اسماه"الحكم الفاسد ببراءة مبارك" قائلاً:" دم ابني ذهب سدى. انه حكم فاسد".
وتساءل البرلماني السابق أيمن نور في تغريدة له بموقع "تويتر" عن أوجه مقارنة بين الرئيس الاسبق محمد حسني مبارك المدان في قضية سرقة المال العام، وبين الناشط السياسي أحمد ماهر المدان في قضية تظاهر، واضاف قائلًا:" سؤال عن الخطوره الإجرامية ايهما اخطر واحق بالمراقبة؟ مدان بسرقه مال عام ام مدان في تظاهر؟ مبارك؟ ام احمد ماهر؟".
كما عرض الإعلامي المصري محمد الغيطي خلال حلقة من برنامجه "صح النوم" المذاع على فضائية " LTC"، مجموعة من الصور قال إنها لقصر يمتلكه مبارك وأولاده في باريس وفي شرم الشيخ، مشيرًا إلى أن هذه الفخامة لن يراها الشعب المصري إلا في الأفلام الأجنبية، خاصة أن مبارك وعائلته جلسوا على كرسي الحكم لفترة طويلة مما جعلهم يستطيعون تكوين ثروة كبيرة، واعتبر الغيطي أن مبارك لم يترك السلطة إلا بعد تمكنه هو وشلته وعصابته من سرقة خير مصر وبلعه ونهبه وتهريبه للخارج.
بينما اعتبر الصحفي المصري عماد السيد في برنامج أحلى صباح اليوم الثلاثاء أنّ التغطية الإعلامية المصرية لقضية مبارك كانت ترتكز بالأساس على النواحي القانونية والقضائية مهملة ردود أفعال الشارع المصري ، حسب تعبيره، موضّحا أنّ هذا الجانب تم تداوله في التغطيات الإعلامية العالمية، وتابع '' تعود أسباب ذلك لعدم رغبة وسائل الإعلام المصرية في إثارة حفيظة الإدارة ''.
بينما سخر الناشط الحقوقي جمال عيد، من قرار الإفراج عن الرئيس الاسبق محمد حسني مبارك، داعيًا أن يمد الله في عمره لحين محاكمته محاكمة عادلة، وقال عيد في تغريدة له بموقع تويتر:" أدين مبارك بتهمة السرقة ، بُرء مبارك من تهمة القتل ، وما هو ببريئ، اللهم مد في عمره لحين محاكمته محاكمة عادلة ، ليلقى جزاءه"، وتابع :" مبارك ع الاسفلت اخيرا الحرية لمٌفجر ثورة يناير، من الحبس المرفه لملعب الاسكواش".
أما أستاذة العلوم السياسية في جامعة القاهرة، مي مجيب، فقد اعتبرت إن "مفهوم الربيع العربي انتهى ولم يعد موجوداً بمصر الآن"، واضافت مجيب لوكالة الصحافة الفرنسية، أنه ببراءة مبارك "انتهى الحديث عن الربيع العربي تماماً، كذلك فالحديث عن مبارك ورموز عصره أصبح مرحَّباً به في الإعلام والشارع".
وكان مبارك قد انتقل للاقامة في شرم الشيخ عقب اسقاطه وتسليمه السلطة للمجلس الاعلى للقوات المسلحة في 11 شباط/فبراير 2011، الا انه تحت ضغط الشارع آنذاك، تم القبض على مبارك ونجليه علاء وجمال في نيسان/ابريل 2011 واحتجزوا في سجن طره ثم بدأت المحاكمات، وبعد الافراج عن نجلي مبارك منذ أشهر، قررت النيابة المصرية إخلاء سبيله بعد قضائه مدة الحبس الاحتياطي في قضية القصور الرئاسية، وذلك بعد أن تم احتساب مدد الحبس التي قضاها في محبسه من مدة الحبس الاحتياط، وسط تأكيدات من محاميه بخروج موكله خلال يوم أو اثنين من المستشفى إلى منزله في مصر الجديدة،
ويشكل الحكم ببراءة مبارك وإخلاء سبيله صدمة كبيرة لأسر مئات الشباب الذين قتلوا اثناء الثورة، بعد 5 سنوات من الأخذ والرد في القضية، التي تعد واحدة من إفرازات الثورة المصرية التي انطلقت شرارتها أبان ما يسمى بـ " الربيع العربي".