الوقت - إن عملية الدهس التي حدثت بالأمس في القدس المحتل، حملت معها انعكاسات كبيرة في عالم السياسة حيث أدت هذه العملية إلى إعادة القضية الفلسطينية إلى الواجهة مجدداً بعد تراجع الإهتمام بها عربياً ودولياً، ويعود الفضل في ذلك إلى شجاعة أبناء الشعب الفلسطيني الأعزل، إلا من الايمان بقضيته وعدالتها.
عملية الدهس كانت قد حدثت في الأمس وأدت الى مقتل أربعة جنود إسرائيليين، واصابة 15 آخرين على الاقل، حسب المعلومات الأولية، وتعتبر هذه العملية حسب محللين سياسيين "انتفاضة جديدة في وجه الكيان الإسرائيلي الغاصب"، وعملية على مستوى نوعي سوف تجرّ وراءها، في ظل نجاحها، عدداً آخر من العمليات.
بنيامين نتنياهو الذي سارع أمس إلى زيارة موقع تنفيذ عملية الدهس، أكد في أول تصريح له تعقيباً على هذه الحادثة أن "كل المؤشرات تشير إلى أن منفذ الهجوم مؤيد لتنظيم الدولة الإسلامية (داعش)"، مضيفاً: "أعتقد أن هناك سلسلة من الهجمات، قد تكون هناك علاقة فيما بينها، وقعت في فرنسا وبرلين، والآن في القدس ونحن سنحارب هذه الآفة وسنتغلب عليها"، وبذلك يربط نتنياهو العملية وأهدافها بالعمليات التي نفذت في أوروبا على يد "الإرهاب الإسلامي" على حد تعبيره، وبذلك يحاول نتنياهو اخبارنا أن الكيان الإسرائيلي مهدد بالإرهاب، وهو يصدر الإرهاب إلى العالم بأسره.
يذكر أن منفذ عملية الدهس هو الشهيد الشاب فادي أحمد حمدان قنبر "28 عاماً" وهو أب لأربعة أطفال ويعيش في حي جبل المكبر جنوب القدس المحتلة.
في تفاصيل العملية، كان الشهيد قنبر يقود شاحنة، في منطقة جبل المكبر في القدس، عندما دهس مجموعة من الجنود الإسرائيليين كانوا في "جولة سياحية خاصة بالعسكريين بالقرب من مستوطنة ارمونا نتسيف" المطلة على القدس.
كما أظهرت صور لكاميرات المراقبة أن الشاحنة اندفعت بسرعة عالية لدهس الجنود قبل أن يرجع بها إلى الوراء لإعادة دهسهم، ومن ثم قام الدليل السياحي المرافق للجنود الإسرائيليين بإطلاق النار على الشهيد قنبر، وقال الدليل السياحي في حديث إلى القناة العاشرة في التلفزيون الاسرائيلي "أطلقت من مسدسي أكثر من 12 رصاصة، فيما كان الجنود الآخرون يفرون من المكان".
يذكر أن هروب عشرات الجنود الإسرائيليين مع ضباطهم كان محط اهتمام وسائل اعلام الكيان الإسرائيلي، حيث كتب محلل الشؤون العسكريّة في صحيفة "هآرتس" الإسرائيليّ عاموس هارئيل "الهروب من موقع العملية كان مُربكًا ومُخجلاً"، وكان لافتًاً اضطرار الجيش الإسرائيليّ التوضيح رسميًا عبر الناطق بلسانه أنّه سيُحقق في الأسباب التي دفعت الجنود إلى الفرار مع أسلحتهم، وخاصّةً أنّ مَنْ تصدّى للمنفذ كان مدنيًا يحمل سلاحًا فرديًا.
وتجدر الإشارة إلى أن هذه العملية بددت حالة الاطمئنان التي عاشها الكيان الإسرائيلي في الأشهر السابقة، وبناءاً على ذلك لم تعد القدس "مدينة آمنة" كما جاء على لسان "نير بركات" رئيس بلدية الاحتلال في القدس منذ أيام.
وبعد استشهاد قنبر سارع الکيان الإسرائيلي عبر مسؤوليه إلى اتهامه بأنه ينتمي إلى تنظيم الدولة الإسلامية "داعش"، وأول رد على هذه التصريحات جاء عبر "الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين" التي اعتبرت أن قنبر "أحد رفاقها" وأن ما حدث يأتي في سياق طبيعي للرد على جرائم الكيان الإسرائيلي.
كما تعتبر هذه العملية بشكل أو بآخر رسالة الى الرئيس الأمريكي القادم إلى البيت الأبيض دونالد ترامب والذي صرح في وقت سابق أنه يريد نقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس المحتلة، ومضمون هذه الرسالة تقول بأن الاقدام على هذه الخطوة سيفتح ابواب الجحيم في منطقة الشرق الأوسط.
وهكذا يظهر الكيان الإسرائيلي من جديد عجزه وضعف جنوده وضباطه أمام شجاعة وبسالة الشعب الفلسطيني الذي يثبت مجدداً أن القدس عاصمة الانتفاضات الفلسطينية كلّها، وأن الشعب الفلسطيني لن يستسلم، ولن يعترف بدولة الاحتلال دولة يهودية، ولن يتنازل مطلقا عن القدس، او أي شبر من ارض فلسطين.