الوقت - هي مدينة حلب، و التي يجب على العالم أجمع أن يتوجه لها بالاعتذار لآلاف السنين المقبلة عما فعل بها و بأهلها من قبل الارهابيين. لقد تغيّرت معالم حلب كثيراً جراء الحرب الكونية على سوريا، و التي قسّمتها إلى غربية وشرقية، أهلها مشردون هنا أو هناك، شوارعها و أبنيتها تدمرت ولم تعد كما هي عليه، مصانعها سرقت و دمرت، أطفالها و نساؤها يقتلون كل يوم، شبابها يذبحون على حواجز الارهابيين الذين فعلوا ما فعلوا في حلب، حيث اغتصبوا الحجر و البشر.
و قد جعل الارهابيون من مدينة حلب و مدنييها ضحايا حقدهم الاعمى، لدرجة دفعت المبعوث الاممي الى سوريا ستيفان ديمستورا (الذي لطالما وصف الارهابيين في حلب بالمعارضة المعتدلة) بأن يعرب عن ذهوله و صدمته إزاء القصف العشوائي الذي تتعرض له أحياء حلب الغربية من قبل الارهابيين، و التي يذهب ضحيتها يومياً عشرات الضحايا من النساء و الاطفال، و جرح المئات بسبب الهجمات القاسية والفظيعة والعشوائية من قبل جماعات "المعارضة" المسلحة بحسب تعبير ديمستورا، و الذي اعتبر بأن قصف الارهابيين العشوائي للأماكن التي يقطنها مدنيون يمكن أن يرتقي الى جريمة حرب.
و كما كل يوم يمر على حلب، تسمع صوت سيارة الاسعاف بكثرة، حاملةً معها أطفالاً و نساءاً أبرياء أصيبوا أو استشهدوا جراء اعتداءات الارهابيين. هذا و يمطر الارهابيّون كل يوم عشوائيا أحياء حلب بالقذائف و الصواريخ، و التي كان آخرها كيميائيا، حيث استشهد اليوم 3 أشخاص بينهم امرأتان وأصيب 12 آخرون بجروح نتيجة اعتداءات التنظيمات الإرهابية بالقذائف والطلقات المتفجرة على أحياء سكنية في حلب.
و ذكر مصدرمن داخل المدينة إن "إرهابيين استهدفوا حي السليمانية بالقذائف الصاروخية، ما تسبب بمقتل 3 أشخاص بينهم امرأتان و إصابة 9 آخرين بجروح بعضهم في حالة خطرة، و وقوع أضرار مادية في منازل المواطنين و ممتلكاتهم". و في وقت لاحق، أشار المصدر إلى أن سقوط طلقات متفجرة أطلقها إرهابيون ظهر اليوم على حيي الفرقان و الأعضمية أسفرت عن "إصابة 3 أشخاص بجروح متفاوتة الخطورة".
و لا يكتفي الارهابيون باستهداف المدنيين العزل في أحياء حلب الغربية، و انما يفرضون حصاراً على حياة حلب و شوارعها، ويأخذون المدنيين في المناطق التي يسيطرون عليها دروعاً بشرية، و يمنعونهم من مغادرة المدينة رغم التحذيرات التي يوجهها الجيش السوري للمدنيين بالمغادرة و الابتعاد عن مناطق تواجد الارهابيين.
و يعتبر صمود أهالي حلب أمام هذه الصواريخ العشوائيه و بقائهم في أرضهم ما هو الى انتصار لثقافة الحياة في مقابل الذل و الوهن، أيضا يؤكد استخفاف الارهابيين بحياة المدنيين عبر القصف العشوائي بالأسلحة الثقيلة أن هذه المجموعات الارهابية لا تعير وزناً لأي من القيم الاخلاقية أو القوانين الانسانية وحتى الاعراف الدولية وربما يبدو هذا طبيعياً ومعلوماً لدى الجميع خصوصاً بعد خمس سنوات من الازمة في سوريا.
يذكر أن مدينة حلب مقسمة منذ سنوات إلى قطاع غربي تسيطر عليه الحكومة وآخر شرقي يسيطر عليه المسلحون وهو محاصر من قبل الجيش السوري وحلفائه منذ الصيف الماضي حيث بدأوا هجوما كبيرا لاستعادة الأحياء الشرقية في أواخر أيلول إلا أن الفصائل المسلحة شرعت في هجوم مضاد انطلاقا من الريف غرب المدينة في أواخر تشرين الأول المنصرم.