الوقت- تمر نحو ستة أشهر على اطلاق المبادرة الجزائرية لحل الازمة الليبية لكن الاوضاع في ليبيا تزداد تدهورا يوما بعد يوم حيث ازدادت مؤخرا التدخلات الاجنبية في هذا البلد الغني بالنفط والغاز وان هذه التدخلات من القوى الاجنبية هي مرشحة للازدياد في الفترة المقبلة ما يحتم على الليبيين التجاوب مع المبادرات التي تدعو الى رأب الصدع الذي تعيشه البلاد و إعادة بعث الخيار السلمي في حل هذه الأزمة التي تهدد وجود الدولة خاصة مع تواصل الإشتباكات المسلحة في أكثر من بؤرة للتوتر.
وقد افرزت الأزمة السياسية في ليبيا جناحين للسلطة في البلاد لكل منهما مؤسساته، الأول "البرلمان المنعقد في مدينة طبرق وحكومة عبدالله الثني المنبثقة عنه" أما الجناح الثاني للسلطة فيضم "المؤتمر الوطني العام، وهو البرلمان السابق الذي استأنف عقد جلساته مؤخرا، ومعه رئيس الحكومة عمر الحاسي ورئيس أركان الجيش جاد الله العبيدي الذي أقاله مجلس النواب".
وفي هذه الاثناء أدى اللواء الليبي المتقاعد خليفة حفتر يوم الاثنين اليمين الدستورية قائدا عاما للجيش بعد أن منحه البرلمان الليبي المنحل في طبرق رتبة إضافية ورقاه إلى فريق أول، ومن المتوقع ان يباشر حفتر مهامه من اللحظة نفسها، ويأتي أداء اليمين القانونية بعد ثمانية أيام من استحداث المنصب من قبل مجلس النواب المجتمع في مدينة طبرق أقصى الشرق الليبي، ويعني هذا التعيين ان حفتر سيمضي في طريقه للحل العسكري للأزمة في ليبيا وهو ما سيؤدي الى المزيد من التوتر.
وبالفعل فقد قصفت طائرات حربية تابعة لقوات خليفة حفتر مطار معيتيقة بالعاصمة الليبية طرابلس حيث تصدت لها المضادات الأرضية وقد توقفت الرحلات الجوية لمدة ساعة قبل أن تستأنف في وقت لاحق، وقال المتحدث باسم قوات حفتر اللواء محمد حجازي أن الطائرات هاجمت المطار لأنه خارج على الشرعية، على حد وصفه.
وتعاني ليبيا حاليا من التدخلات الامريكية والقطرية والتركية ايضا وهو ما يزيد الطين بلة في هذا البلد المنكوب، وللاشارة الى هذه التدخلات نذكر بعض المواقف في هذا المجال، فقد هدد رئيس الحكومة المؤقتة عبد الله الثني، باتخاذ إجراءات تشمل وقف التعامل مع الشركات التركية، جراء التدخل التركي في شؤون ليبيا مضيفا إن التدخل التركي يترك تأثيرًا سلبيًا على أمن واستقرار ليبيا، وموقف الرئيس التركي رجب طيب أردوغان واضح، وتابع الثني "سنضطر إلى اتخاذ إجراءات تجاه هذه الدولة، وفي النهاية تركيا هي الخاسرة لأن ليبيا بإمكانها التعامل مع أي دولة، والشركات التركية هي التي ستخسر استثماراتها في ليبيا".
ويعتقد المحللون إنه بسبب تدخل قطر وتركيا في الشأن الليبي تم عرقلة إنهاء الأزمة في الدولة، فضلاًعن دعم امريكا والغرب للجماعات المسلحة في ليبيا، ويضيف هؤلاء المحللون أن سبب إدخال الحالة الليبية في نفق مظلم هو تدخل دول بعينها مثل قطر وتركيا في الشأن الليبي وان عدم تدخل أي من هؤلاء الدول كان يسهل حل وإنهاء الأزمة المعقدة في ليبيا.
وينتقد المراقبون الحظر الغربي على تزويد الجيش الليبي بالسلاح في وجه الجماعات الارهابية الصاعدة في ليبيا والتي تدمر مؤسسات الدولة بشكل ممنهج، ويقول هؤلاء المراقبون أنّ مطالبة بعض الدول العربية مجلس الأمن وامريكا بضرورة رفع قرار حظر الأسلحة عن ليبيا حالياً لتزويد الجيش الليبي بالسلاح لمواجهة الإرهاب، طالبت به جميع القوى الوطنية في الدولة منذ فترة طويلة، إلا أنّ قرار الحظر كان مقصوداً من جانب الدول الغربية التي على رأسها أمريكا من اجل اضعاف الجيش الليبي.
وهناك من يعتقد ايضا ان الدول الغربية تخاف من الجيوش الوطنية العربية لذلك تقوم هذه الدول بدعم الجماعات المسلحة من أجل أن تتحكم في مصير الدول العربية، وتستولي على مواردها النفطية بعد ان تشرعن هذه الجماعات.
وبالعودة الى البحث عن الحلول، فقد أعلنت بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا (أونسميل) الثلاثاء 3 مارس أن اجتماعا لممثلين عن قادة و مناضلين سياسيين ليبيين سيعقد خلال الأسبوع المقبل بالجزائر في إطار مسار الحوار في ليبيا وذلك بعد تعليق جلسات الحوار الوطني الليبي في 25 فبراير، ويعتبر الخبراء ان هذا الاجتماع يعتبر فرصة للحوار الجاد من أجل انقاذ ليبيا التي افرحت ثورتها الشعوب العربية والاسلامية لكن الخلافات والاوضاع الحالية واراقة الدماء فيها تعصر القلوب ألما.
