الوقت - خرقت الطائرات الأمريكية السيادة السورية دعماً للمسلحين وخوفاً من تقهقرهم في الشرق السوري. وذلك عبر قصفٍ جويٍ نفذته طائرات أمريكية، أدى لمقتل 60 جندياً من قوات الجيش السوري. في وقتٍ إستنكرت فيه الدولة السورية هذا التعدي الأمريكي، فيما حاولت موسكو التساؤل عن السبب الذي دفع واشنطن لذلك، معتبرةً أنه يُشكل خطراً على إنجاح الهدنة مطالبة مجلس الأمن بالإنعقاد. أما أمريكا فأعلنت أن ما حصل كان عن خطأ. فماذا في تفاصيل التعدي الأمريكي والمواقف الأساسية تجاهه؟
وزارة الدفاع الروسية تؤكد التعدي الأمريكي
أكدت مصادر عسكرية روسية أن مقاتلات أمريكية قصفت مواقع للجيش السوري في دير الزور مما أسفر عن سقوط عشرات القتلى في صفوفه، وأسهم في تمكين تنظيم داعش الإرهابي من السيطرة على جبل ثردة القريب من محيط مطار المدينة. وهو الأمر الذي دفع موسكو لدعوة مجلس الأمن لإجتماع طارئ بعد قصف قوات التحالف الجيش السوري في دير الزور. فيما أنكرت روسيا الإدعاءات الأمريكية بمشاركتها في الحملة العسكرية على دير الزور. وبحسب بيان وزارة الدفاع الروسية يوم أمس السبت في 17 أيلول، فإن 62 جندياً من قوات الجيش السوري قُتلوا وأصيب أكثر من 100 استناداً إلى معلومات تلقتها وزارة الدفاع الروسية من الجيش السوري. وذكرت الوزارة في التفاصيل أن 4 مقاتلات أمريكية، من طراز "F16" و "A-10"، شاركت في الهجوم. كما أن المقاتلات المهاجمة اخترقت الأجواء السورية من جهة الحدود العراقية مما مكن مقاتلي تنظيم داعش الإرهابي من السيطرة على جبل ثردة في محيط مطار دير الزور. وفي الحديث حول احتمال الخطأ في القصف الأمريكي، فقط أشارت وزارة الدفاع الروسية الى أن ذلك يؤكد خطأ موقف واشنطن المتصلب من تنسيقها العمليات مع الجانب الروسي. مؤكدةً أن الضربات الأمريكية توقفت فقط بعد تواصل قيادة القوات السورية مع مركز العمليات المشتركة في قطر. وهو ما اعتبره خبراء محاولة للسيطرة على الموقف الدولي ومنع إنهيار الهدنة في سوريا.
الجيش السوري يؤكد رفضه للتعدي الأمريكي
من جهته أعلن الجيش السوري أن قواته قامت بتنفيذ غارات على تجمعات لتنظيم داعش في محيط جبل ثردة ومطار دير الزور. وذلك بعد أن أعلن أن مقاتلات للتحالف الأمريكي قصفت أحد مواقعه العسكرية في محيط مطار دير الزور عند الساعة الخامسة مساءاً مما أسفر عن وقوع خسائر بالأرواح والعتاد ومهَّد بشكل واضح لهجوم إرهابيي داعش على الموقع والسيطرة عليه، بحسب تعبير بيان الجيش السوري. وأضاف البيان أن هذا العمل يُعد اعتداءاً خطيراً وسافراً ضد الجمهورية العربية السورية وجيشها ودليلاً قاطعاً على دعم واشنطن وحلفائها لتنظيم داعش الإرهابي وغيره من التنظيمات الإرهابية الأخرى، ويفضح زيف ادعاءاتهم في محاربة الإرهاب.
التحالف الدولي يعترف بدعم تنظيم داعش
أعلن التحالف الدولي في وقت لاحق أن مقاتلاته شنَّت غارات على خطوط إمداد تنظيم داعش قرب دير الزور، نافياً أن يكون قد تعمد استهداف مواقع الجيش السوري، معتبراً ان القصف قد يكون عن طريق الخطأ، معلناً أنه علق ضرباته الجوية قرب دير الزور. وهنا تجدر الإشارة إلى أن هذه الغارات الأمريكية التي استهدفت قوات الجيش السوري ليست الأولى من نوعها، في حين اعتبر مراقبون أنها قد تكون محاولة لكسر الإنجاز السوري والمعادلة السورية التي رسَّخها النظام والذي حصل منذ أيام عبر إسقاطه طائرات إسرائيلية، مما يُعيد الإعتبار للطرف الإسرائيلي والذي صدمته المعادلة السورية الجديدة. في حين يؤكد المراقبون أن هذا الموضوع يحتاج الى تأني في تقييمه وتحليله.
الغارة الأمريكية ليست بجديدة
في السادس من كانون الأول 2015، أكدت هيئة الأركان العامة في الجيش السوري أن طائرات تابعة للتحالف الدولي والذي تقوده أمريكا وجهت ضربة إلى المعسكر الميداني للواء 168 في الفرقة 7 بالجيش السوري، والذي يبعد كيلومترين غرب مدينة دير الزور. مما أسفر حينها عن مقتل 4 جنود سوريين وإصابة 12 آخرين. بالإضافة إلى تدمير الغارة لثلاث عربات قتالية لنقل المشاة وأربع سيارات مزودة بالرشاشات الثقيلة. كما أنه بتاريخ الثالث من آب المنصرم، شنَّت الطائرات الأمريكية غارات جوية هدفت لدعم المسلحين والجماعات الإرهابية التي دربتها القوات الأمريكية في مواجهة أي جهة كانت بما في ذلك القوات المسلحة السورية.
لا شك أن التأني هو موقف الكثير من الأطراف المُستهجنة لهذه الفعلة الأمريكية هو سيد الموقف. خصوصاً أن التناقض الأمريكي وصل الى حدٍ غير طبيعي، حيث أن الهدنة التي ادعت أمريكا سعيها لإنجاحها تتناقض مع قيام التحالف بقصف الجيش السوري. وهو الأمر الذي يحتاج أن ننتظر دلالاته التي ستبينها الساعات المقبلة.