الوقت- معايير مختلفة، عقوبات هنا و مساعدات هناك، سياسات اقل ما يمكن وصفها بالانحيازية والوقوف مع الظالم بوجه المظلوم، هذا هو اختصار سياسات مجلس الامم المتحدة في الشرق الاوسط. هذه السياسات التي كسرت كل معايير الثقة التي تعتمد عليها الامم المتحدة لمساعدة الدول كافة، لحل القضايا العالقة بين اطراف النزاع في كافة المناطق، فتارة تعاقب ايران على برنامج نووي اثبتت سلميته على كافة المقاييس وطورا تغض الطرف عن جرائم حرب يقوم بها الكيان الاسرائيلي في الضفة و غزة. وباعتبار الامم المتحدة صلة وصل بين الشعوب كافة لا بد ان يكون على مسافة واحدة من الجميع، كما يجب اعتماد سياسات منطقية بعيدة عن التشويه و التشويش ولكن اين هي سياسات الامم المتحدة اليوم ؟ وهل تعمل بالمساوات التي تدعو اليها؟
عقوبات اقتصادية على برنامج سلمي بامتياز
نبدا مسيرتنا من ايران، جمهورية تحاول تطوير نفسها و شعبها للوصول الى كفاءات تعيل المجتمع الايراني و تنقله من العالم الثالث الضعيف الى دولة قوية بشعبها و حكومتها و امكاناتها الاقتصادية.
وفي سياق هذا الحق في تطوير الذات والوصول الى امكانات الدولة المتقدمة قامت الجمهورية الاسلامية الايرانية بانشاء مشروع طاقة ذرية، مشروع نووي سلمي لتوليد الطاقة البديلة. ولم تستطع كل الدراسات الدولية ان تثبت عكس ذلك، ورغم محاولات الامريكيين ابراز الجمهورية الاسلامية الايرانية كدولة تعمل على انتاج السلاح النووي بقيت وفود الامم المتحدة عاجزة عن اثبات ذلك.
ورغم كل التقارير التي اصدرها مفتشو مجلس الامن واضافة لفتوى تحريم الاسلحة النووية من القائد الاعلى للثورة الاسلامية السيد علي الخامنئي، اصر المجلس على اصدار عقوبات اقتصادية استمرت لسنوات عديدة.
جرائم حرب بعيدة عن الانظار
مسيرتنا تكمل في الشرق الاوسط، وتتوقف عند كيان يطلق عليه اسم دولة، كيان يحتل الاراضي الفلسطينية منذ سنوات زاعما انها حقه الطبيعي.
ولا تخفى على احد ممارسات الاحتلال في الضفة وغزة و لبنان والجولان و غيرها. ممارسات قتل و دمار و تهجير و اعتقال تعسفي اقل ما يمكن وصفه بجرائم حرب. و رغم المعاهدات الموقعة بين الطرفين لا يزال حق الفلسطينيين مهدورا امام القدرة الاسرائيلية. ولا احد يستطيع استبعاد المعارك العسكرية الاخيرة في غزة من الحسبان، بل ولا احد يستطيع اخفاء الغارة الاسرائيلية على القنيطرة و قتل قادة المقاومة الاسلامية و الجنرال الايراني.
ورغم كل ما يجري على هذه الساحة من تجاوزات لخطوط حمراء كثيرة في مجال حقوق الانسان، لم تحرك الامم المتحدة ساكنا ولم تطالب بحق الفلسطينيين بارضهم. بل على العكس و بكل وقاحة سياسية تقوم باستنكار افعال المقاومة الفلسطينية.
معاقبة شعب يطالب بالحرية
من فلسطين الى اليمن، ثورة شعبية بامتياز واحزاب تحاول الحصول على حقها بالمشاركة بالحكم، كما تنص شرعة حقوق الانسان وكما تقول قوانين حق الشعوب على تقرير مصيرها بنفسها.
بدأ انصار الله تحركاتهم في اليمن للمطالبة باصلاح المشاكل السياسية، التي يعاني منها كل مواطن يمني، فيحرم من حقوقه السياسية ويضطهد ويمنع من التدخل في اي مجال سياسي. وكما تقول شرعة حقوق الانسان الصادرة من قبل الامم المتحدة فلكل فرد حق في المطالبة بحقوقه في دولته و القيام على حكومته بالطرق السلمية. وهذا ما استفاد منه انصار الله.
وكما يقول الشاعر "تجري الرياح بما لا تشتهي السفن"، فقد قامت رياح الانحياز في الشرق الاوسط بحمل عقوبات على المطالبين فاصدر المجلس قانونا يمنع كوادر أنصارالله وعلى راسهم امينهم العام عبد الملك الحوثي من المغادرة من الاراضي اليمنية و التوجه الى بلد اوروبي.
ما ذكر غيظ من فيض، وما خفي اعظم، فلا يسع ذكر السياسة الدولية و ما فعلته في سوريا من ارسال الارهابيين و لن نذكر التجاوزات الامريكية لدول الشرق الاوسط في العراق و افغانستان ولن نتطرق بالبحث الى ارهاب داعش و النصرة و الصمت الدولي المخيف ولن نفتح ملفات حكومة ال خليفة في البحرين و قمع المظاهرات السلمية، بل سنكتفي بما ورد و لا يخفى على ذو عقل منفتح الوصول الى حقيقة الامر. فان استطاعت السياسة الدولية الوقوف الى جانب الظالم، لن تستطيع محو الصورة الواضحة من اذهان الشعوب الشرق اوسطية. فهل تستمر الحال على ما هي عليه مانحة الحق للمتضرر باللجوء الى القضاء؟ والجدير بالذكر ان القاضي هو مجلس الامن الدولي، وان اللبيب من الاشارة ليفهم!..