الوقت- العاهل الأردني عبد الله الثاني الذي وجد في حرق معاذ الكساسبة فرصة لاستعراض القوة، توجه نحو العشائر الأردنية وأعلن عن بدء عملية الثأر للطيار معاذ الكساسبة. وعلي الأمة العربية التي تفقد في كل يوم أبناءها بطريقة أسوأ من مقتل الطيار الأردني، أن تصفق لملك الأردن، وتصدق بأنه انضم فعلاً إلي جبهة مكافحة الإرهاب الذي يسفك دماءنا.
وبعيداً عن كل الأحداث الدامية التي وقعت في الأيام الأخيرة، يجب الحديث مباشرة عن دور الأردن، الذي هو دور دمية أو مرتزق يؤدي الخدمات لمن يدفع أكثر، وبطبيعة الحال إن الأولوية في هذه العملية هي لأمريكا والكيان الإسرائيلي.
الجميع يعرف أن الأردن إذا أراد أن يدافع عن أمنه وشعبه أمام الإرهابيين، يجب عليه أن يترك الموقع الذي هو فيه الآن، ولكن هذا الأمر سوف لن يتم في المدى القصير على الأقل. واليوم يؤدي ملك الأردن دور المكمل لما يقوم به داعش الارهابي في سوريا والعراق.
إن السيناريوهات الملحمية التي يختارها الأردن لا تقلل من مسؤولية ملكه الذي يحاول الهروب من مهمة مكافحة قواعد الإرهابيين داخل حدود هذا البلد. والجميع يعلم أن عمان لا تزال قاعدة لكل أنواع التآمر علي كل أعداء أمريكا والكيان الإسرائيلي وحكام الجزيرة العربية. وفي هذا السياق أيضاً تأتي حملة القمع غير المسبوقة التي تواجهها المقاومة الفلسطينية في الضفة الغربية. كما أن الجماعات التي تسعى لتدمير سوريا تحت إشراف أمريكا وفرنسا وبريطانيا وبتمويل من السعودية وقطر، تتلقي الدعم من هذا البلد أيضاً.
ويكفي في هذا السياق أن نراجع بعض الحقائق عن إجراءات عبد الله الثاني ضد سوريا:
إن الأردن وبالتنسيق مع الكيان الإسرائيلي، يستضيف غرفة العمليات الأمريكية – السعودية لإدارة الجماعات المسلحة في جنوب سوريا. ومعظم عمليات هذه الجماعات المسلحة مع التعليمات والنصائح وتقديم الخرائط المفصلة والدقيقة، قد تمت عن طريق غرفة العمليات هذه.
ملك الأردن يواصل لعبة الأكاذيب المعتادة، حيث ينفذ برامج لدعم المعارضة السورية بما في ذلك جبهة النصرة في جنوب الأردن، وفي الوقت نفسه يبعث برسائل إلى دمشق، يؤكد فيها علي ضرورة التعاون لمكافحة الإرهاب أو التعرض لضغوط أميركية وأوروبية هائلة وكذلك من الدول العربية المطلة علي الخليج الفارسي.
إن العاهل الأردني يتولي إدارة الجماعات المسلحة في شرق وجنوب درعا، والتي تلقت التدريبات في منطقة عرعر بالسعودية والزرقاء في الأردن، ويقوم بتزويدها بالأسلحة الثقيلة من قواعد للاستخبارات الأردنية في مدينة "الرمثا". وبالإضافة إلى ذلك فإن معظم قادة جبهة النصرة في جنوب سوريا هم أردنيون، وحتي عدد من هؤلاء هم الضباط السابقون (والحاليون) في أجهزة الاستخبارات الأردنية .
وحول الجيش الأردني أيضاً فقد أجريت فيه تغييرات هيكلية واسعة النطاق بعد التوقيع علي اتفاقية وادي العربة مع الكيان الإسرائيلي. لقد تعزز هذا الجيش بعد وصول الملك عبد الله الثاني إلي السلطة، وتقلصت فيه القوات البرية، وتوقف تطوير القدرات الهجومية لهذا الجيش مقابل إعطاء الطائرات المقاتلة للأردن مجاناً. وما مناورات "الأسد المتأهب" السنوية في الأردن، سوي عرض دور خيالي عن القوات المسلحة الأردنية في المنطقة. وقد تولي الجيش الأردني مهاماً مماثلة في عام 1994 شملت مكافحة الإرهاب ودعم الجهود الغربية وحماية الكيان الإسرائيلي.
وعندما وجد ملك الأردن أن هناك وجهات نظر معارضة لمنطقه، وأن عدداً من كبار العسكريين في الجيش الأردني يدعون إلي منع تقسيم سوريا والتوقف عن دعم الإسلاميين المتطرفين فيها، بادر في أقل من 10 سنوات إلي تشكيل قوات الدرك.
إن جهود ملك الأردن وأنصاره في الداخل والخارج، تظهر أنها جزءاً من مناورة لا تحدث تغييراً في الموقف الأردني. لقد أطلق الأردن سراح مفت يسكن في القدس بسبب "مكافحة داعش"، في حين من المعروف أنه أحد الآباء الروحيين لتنظيم القاعدة وفرعه السوري المعروف باسم جبهة النصرة. وهذه هي المجموعة التي أعلنت علاقتها بالكيان الإسرائيلي علناً.
وهذا التحالف ليس بسبب القواسم المشتركة المناهضة لسوريا، بل نتيجة محاربتهما المشتركة لمحور المقاومة في مساحة تشمل الجولان وجنوب سوريا والحدود الأردنية.