الوقت - قبل يومين، تولى أحمد أبو الغيط رسمياً مهام منصبه كأمين عام جديد للجامعة العربية خلفاً لنبيل العربي. ومنذ تأسيسها قبل أكثر من 70 عاماً أثبتت الجامعة العربية أنها لا تتمتع بأيّ كفاءة وقدرة على مواجهة التحديات والأزمات، ولم تعد تحظى بثقة العالم العربي لاسيّما خلال العقدين الماضيين. والسؤال المطروح الآن: هل سيتحرك أبو الغيط بإتجاه تطبيع العلاقات مع الكيان الصهيوني وهو الذي يصفه الكثير من المراقبين بأنه "وزير التطبيع مع الكيان الإسرائيلي".
فأبو الغيط معروف تماماً لدى الجميع وخصوصاً الفلسطينيين لاسيّما في قطاع غزة بصوره ولقطاته الكثيرة إلى جانب وزيرة خارجية الكيان الإسرائيلي السابقة "تسيبي ليفني" وضحكاته وإبتساماته العريضة معها وهو يمد يده إليها.
وألتقطت تلك الصور التي لا يمكن أن تنسى أو تمحى من الذاكرة قبل يومين فقط من بدء العدوان الصهيوني الظالم والمدمر على قطاع غزة عام 2008. وهي تعكس العلاقة الحميمة والتنسيق العميق بين "أبو الغيط" و "ليفني" وتشير كذلك إلى الضوء الأخضر الذي أعطته القاهرة للكيان الإسرائيلي لشنّ العدوان على غزة، والذي أدى إلى إستشهاد وجرح المئات من الفلسطينيين وتدمير المنازل على رؤوس ساكنيها، بحجّة القضاء على حركة المقاومة الاسلامية "حماس" التي تدير القطاع. وفي حينها حمّل أبو الغيط "حماس" مسؤولية العدوان على غزة بدلاً من إدانة الكيان الإسرائيلي وتحميله المسؤولية.
كما لا ينسى سكّان غزة الموقف المخزي لـ "أبو الغيط" عندما كان وزيراً للخارجية وتوعد بكسر أرجل الفلسطينيين إذا دخلوا الأراضي المصرية في أعقاب مشادّات حصلت بين قوى الأمن المصري والفلسطينيين المحاصرين على الجانب الآخر من حدود القطاع.
ولا تخفى أيضاً على أحد مواقف "أبو الغيط" أثناء الثورة الشعبية المصرية التي أطاحت بنظام الرئيس السابق حسني مبارك في عام 2011 عندما كان يلوّح بأن مصر ليست تونس في إشارة إلى ثورة الشعب التونسي التي أطاحت بنظام الرئيس السابق زين العابدين بن علي الذي قرر الهرب إلى السعودية مع زوجته ليلى الطرابلسي.
ويوصف أبو الغيط من قبل الكثير من الشخصيات المعروفة بأنه "موظف مطيع". و في هذا الخصوص يذكر إبراهيم يسري مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق: "أبو الغيط كان يعمل مستشاراً وأنا سفير وبيننا علاقة وديّة وتواصل، وعندما تولى وزارة الخارجية، قلت له "ضع إستقالتك في جيبك"، وظلّت في جيبه حتى وقت تغييره".
ويؤكد إبراهيم يسري إنّ "أبو الغيط ليس الشخص المناسب في المكان المناسب، وقد مُنيت مصر بكثير من الأزمات السياسية في عهده عندما كان وزيراً للخارجية المصرية، أمّا الجامعة العربية فهي منذ عصمت عبد المجيد ومن بعده عمرو موسى في سبات عميق، ولا أثر ولا قيمة لها على الساحتين العربية والدولية".
ويشير إبراهيم يسري كذلك إلى أن الأمين العام الأول للجامعة العربية "عبد الرحمن عزّام" كان يصرّ على تنفيذ رأيه، وإلاّ إستقال وفضح مواقف الرؤساء والملوك العرب، وكذلك محمود رياض الذي نهج منهجاً مماثلاً.
أمّا السفير المصري "عبد الله الأشعل" المرشح الرئاسي الأسبق فيصف أبو الغيط بأنه "وزير التطبيع مع إسرائيل" مندداً بتصريحاته المعادية لأهالي غزة التي تنطوي على قدر كبير من الجفاء وعدم التحلي بالدبلوماسية.
وإنتقد الأشعل إختيار الجامعة العربية لـ "أبو الغيط" أمنياً عاماً لها. وقال إن هذا الإختيار يعني أن سياسة الجامعة سوف تنسجم مع التوجهات الإسرائيلية لأبو الغيط ضد الفلسطينيين والتمهيد للتحالف مع تل أبيب ضد إيران ومحور المقاومة في المنطقة.
بدوره إعتبر السفير "هيثم أبو سعيد" أمين المنظمة الأوروبية للأمن و المعلومات أن إنتخاب "أبو الغيط" أميناً عاماً للجامعة العربية لن يكون في صالح القضايا المركزية، كما أن المنطقة ستشهد تعقيدات كبيرة في العلاقات بين الدول خصوصاً سوريا والعراق واليمن و فلسطين وغيرها من البلدان التي تعاني من الإرهاب التكفيري لما لأبو الغيظ من علاقات واسعة مع دول مجلس التعاون فلا يرفض لها أي طلب.
ولا يزال الجدل حول تعيين أبو الغيط في منصب الأمين العام للجامعة العربية يتفاعل في مصر، إذ ينتقد عدد كبير من الدبلوماسيين المصريين إختيار هذه الشخصية المعروفة بمواقفها المدافعة عن الإحتلال الإسرائيلي، وعدم الإكتراث في توجيه البوصلة للدفاع عن القضية الفلسطينية، مؤكدين أنه لا توجد لديه المؤهلات الكافية لقيادة العمل في الجامعة، على الرغم من السنوات التي قضاها سفيراً لمصر في عدد من دول العالم.
ويرجح المراقبون أن يواجه أبو الغيط الكثير من النقد واللوم من قبل الدول العربية بعد توليه المنصب، كما يعتقدون أن الجامعة ستشهد كثيراً من الأزمات في عهده، مؤكدين أن هناك رفضاً عربياً مكتوماً لتوليه المنصب ربما ينفجر خلال الأسابيع المقبلة.
وعموماً تنظر الشعوب العربية إلى "أبو الغيط" على إنه "عميل وخادم لإسرائيل" وتعتقد بأنه سيتحرك بإتجاه تطبيع العلاقات بين الدول العربية والكيان الإسرائيلي على حساب القضية الفلسطينية. وترى كذلك بأنّ السعودية ستبقى مهيمنة على قرارات الجامعة العربية وستظل تتحكم بقراراتها في ظل وجود هذا الموظف المطيع.