الوقت- في خضام الهجمة الإعلامية الشرسة التي تستهدف قوات الحشد الشعبي إثر مشاركتها في معارك الفلوجة، و بالتزامن مع "بروبغندا" إعلامية تتحدّث عن قيام قوات الحشد التي تضمّ 30 ألف مقاتل سني بإرتكاب عمليات تطهيرعرقي عبر إستهدافها أبناء العشائر، جاءت المجزرة التي إرتكبها تنظيم داعش الإرهابي بحق عشيرتي البوصالح والبوحاتم في منطقة تقاطع السلام غرب الفلوجة لتفضح كافة الإدعاءات التي لاقت رواجاً واسعاً في الأيام الأخيرة.
رغم أن المجزرة الأخيرة التي بلغت حصيلتها الأولية نحو 30 مدنيا بين قتيل وجريح، أكثرهم من النساء والأطفال، لا تقارن مع المجازر المماثلة التي إرتكبها التنظيم الإرهابي الأبرز بحق عشيرتي الشعيطات والبونمر السنيتين، إلا أنها فضحت الخط الإعلامي التي تصدّرته قناتي الجزيرة والعربية حول إستهداف الحشد الشعبي للنازحين والثأر منهم.
ثنائية المجازر والهجمة الإعلامية ليست بأمر جديد، فكما حصل في سوريا، وقبل ذلك في الرمادي، يبدو أن هذه القنوات الإعلامية تلاقي تنظيم داعش الإرهابي، الذي يصدر مع إشتداد وطيس الحرب تعليمات بمنع خروج الأهالي من المدينة المستهدفة (الفلوجة حالياً) من اجل استخدامهم كدروع بشرية لتعطيل تقدم القوات الأمنية التي تحاول تحرير المدينة، في منتصف الطريق، عبر الضغط الإعلامي على القوات المهاجمة لإعطاء التنظيم الإرهابي فرصة الصمود، أو الهروب في أسوء الأحوال.
حتى يتيقّن القارئ الكريم من هذه الإدعاءات، وكي لا تكون من نسج الخيال تكفي مطالعة سريعة للصفحات الإعلامية المروّجة للأكاذيب، ليدرك حينها أن أذرع داعش الإعلامية لا تقتصر على قناة "الخلافة الإسلامية" أو "دابق" أو وكالة "أعماق"، بل تعتبر قناة الجزيرة ومن خلفها العربية الوجه الإعلامي الأبرز للتنظيم الإرهابي الأبرز، فعلی سبيل المثال لا الحصر، عند متابعة تغطية قناة الجزيرة للمعركة الجارية في الفلوجة، تعمد القناة إلى إظهار القوات العراقية كخاسر وحيد، في حين أنها لم تنقل أي خبر عن خسائر داعش، وإذا أرادت تغطيته، توحي للمشاهد العربي والغربي على أنها مجازر ترتكب بحق المدنيين السنّة من قبل الحشد الشيعي، رغم أنه فضلاً عن الحشد الذي يضم آلاف المقاتلين السنة، هناك قوات عراقية من مختلف الطوائف إضافةً إلى العشائر السنية التي تقاتل كتفاً إلى كتف مع أبناء الحشد الشعبي.
إن تنظيم داعش الإرهابي ومن خلال إرتكابه لهذه المجازر فضح هذه الخطوط الإعلامية، و وضعهم في "خانة اليك" أمام الشعوب العربية والإسلامية، إلا أن ذلك لا يعني تراجعهم عن مشروعهم تجاه العراق، سوريا أو بقيّة دول المنطقة. وبالتالي، يمكن القول أن هذه المجازر برّئت قوات الحشد الشعبي من الإتهامات التي تطالها في إطار هجمة إعلامية لا تقل سخونة عن معركة الفلوجة.
لا شك في أن أي مراجعة موضوعية لهجمات تنظيم داعش الإرهابي تؤكد أن "الإرهاب لا دين له"، فرغم أنه فتك بـ1566 شيعي في سبايكر، وطحن المئات وربّما الآلاف من الأكراد والأيزديين، إلا أن المجازر التي إرتكبها بحق أهل السنة في سوريا والعراق فاقت هذه الأعداد بكثير. كيف يتم إعطاء الصراع بعد طائفي وقد أعدم التنظيم 800 من أبناء عشائر الشعيطات السورية، و 583 من أبناء عشائر البونمر، و300 من عشائر البوفراج والبوغانم والبوعيثة، و 207 من الكرابلة والسلمان والبومحل، و 134 من الجبور، و89 من العبيد، و 72 من العزة، و 64 من الجيسات، و 47 من البوحشمة، و35 من البوفهد، و14 من البوعيسى.
في الحصیلة شيكون التنظيم الإرهابي الأبرز قد أعدام خلال عام واحد 2345 شخصا من أبناء العشائر السنية فقط، إضافةً إلى عدد مشابه من الطائفة نفسها لكنهم ليسوا من أبناء العشائر.
إن إعطاء الصراع بعداً طائفياً، يدلّ على محاولة البعض لإلصاق تهمة الإرهاب في طائفة معيّنة، وذلك يعود لأسباب تتعلّق بحماية داعش التي وجدت فيه بعض الدول ضالّتها سواءً لناحية تنفيذ مشاريعها أو كسر الدول والجهات التي لا تتماشى معها.