الوقت ـ لا مصلحة للشعب الباكستاني في استمرار العنف والاصطدامات الدامية في البلاد، حيث راح ضحية هذه الإصطدامات الآلاف من الابرياء خلال الاعوام الماضية، ويعتقد الكثير أن السلام بات الیوم هو المطلوب من قبل معظم الفصائل الباكستانية والحكومة وقبل ذلك من قبل الشعب الباكستاني نفسه. لكن رغم العديد من المساعي الداخلية لاحلال السلام وإنهاء الخلافات الداخلية من قبل العديد من الشخصيات الباكستانية، فانه توجد هنالك الكثير من المعوقات بسبب التدخل الاجنبي خاصة من قبل امريكا والسعودية في الشؤون الباکستانیة الداخلیة.
ویسعی الكثير من الشخصيات الباكستانية الی لملمة الجراح التي المّت بالشعب الباكستاني علی يد الجماعات الارهابية خاصة جماعة طالبان المتطرفة والتي راح ضحية آخر أعمالها الاجرامیة 132 انسانا بريئا من بينهم 125 طفلا حسب الاحصائية الرسمية التي اعلنتها الحكومة الباكستانية للهجوم الدامي علی أحدی المدارس العسكرية في بيشاور. «سراج الحق» زعيم الجماعة الاسلامية الباكستانية أحد الاشخاص الذين يسعون الی احلال السلام في باكستان وإنجاح المساعي الرامية الی إجراء المحادثات بين الحكومة الباكستانية والجماعات المعارضة. حيث اعلن سراج الحق في حديث صحفي له مع وكالة فارس للأنباء الايرانية خلال الايام الماضية، « اننا نسعی مرة اخری لاحياء المحادثات بين الحكومة والمعارضة»، خاصة الحوار مع حركة الانصاف الباكستانية أحدی ابرز التيارات المعارضة للحكومة وفقا لما أکده هذا الزعیم الحزبي الباکستاني. مؤكدا ان الحكومة الباكستانية وحركة الانصاف ابدتا مرونة في مواقفهما لحل المشاكل العالقة بين الجانبين.
حيث يعتبر وفقا لتصريحات سراج الحق انصراف «عمران خان» عن مطالبته بتنحية رئيس الوزراء الباكستاني الحالي احد اهم القضايا التي تبث روح الامل لحل الازمة السياسية بين الحكومة الباكستانية وحركة الانصاف. واشار سراج الحق الی أنه يجب الالتفات الی المطالب الشرعية والقانونية للمعارضة من ضمنها بحث قضية تزوير الانتخابات. وفي المقابل وفقا لاعتقاد زعيم الجماعة الباكستانية يجب علی حركات المعارضة ايضا تغيير سلوكها تجاه الحكومة. كما اكد زعيم الحركة الاسلامية الباكستانية أن الموافقة علی استقالة اعضاء حركة الانصاف، سيفاقم الازمة السياسية في البلاد. وتشهد باكستان خاصة خلال الاعوام الماضية خلافات واسعة مع حركة طالبان التي تسلك نهج القتل والارهاب في البلاد.
مما تجعل هذه القضية الوصول الی حل لانهاء الخلافات بين الحكومة والمعارضة الباکستانیة اكثر ضرورة من اي وقت مضی. ولاشك أن انتهاء الخلافات السياسية في البلاد سيكون عاملا مهما في مواجهة الارهاب الطالباني. الدول الغربية خاصة امريكا لاتريد الامن والاستقرار لباكستان وهي تدعم النهج الارهابي لطالبان بالرغم من ادعاءات واشنطن بانها تعارض النهج المتشدد لهذه الحرکة. لكن لايوجد اي شك لمن يعرف السياسة الامريكية أن واشنطن تبحث دائما عن الفوضی في باكستان لانها تدرك في تلك القضية مصلحة لاستمرار تحالفها مع هذه الدولة. وتستطيع باكستان تحقيق تنمية اقتصادية متسارعة في شتی المجالات الاقتصادية في حال انتهت من الارهاب الداخلي من خلال حل مشاكلها مع احزاب المعارضة. كما أن لباكستان مشاكل كثيرة مع الهند وحتی مع افغانستان جارتها المسلمة وبناء علی هذا فان استمرار الخلافات الداخلية بين الحكومة والمعارضة، سيضعف باكستان كثيرا ويجعلها أكثرعرضة للضغوطات الخارجية. ونظرا لمثل هذه المشاكل، تعتبر دعوة سراج الحق زعيم الجماعة الاسلامية الباكستانية الرامية الی حل الخلافات الداخلية في باكستان ذات أهمية كبيرة. لذا يجب علی جميع الاحزاب والحركات الباكستانية دعم مساعي سراج الحق لمحاصرة الخلافات الداخلية وإحلال الامن والاستقرار والسلام في باکستان، لتفويت الفرصة علی المتربصين بهذا البلد. وثمة من يعتقد ان المنطقة ايضا ستنتفع في حال شهدت باكستان امنا واستقرارا داخليا لان ذلك سيساعد علی تجفيف جذور الارهاب في باكستان بشكل خاص وفي المنطقة بشكل عام.
وفي النهاية نقول أنه في حال انتهت الخلافات الداخلية في باكستان فان ذلك سيساعد اسلام آباد علی تنمية علاقاتها مع جيرانها خاصة الجمهورية الإسلامية الإيرانية التي تربطها معها علاقات اقتصادية كبيرة خاصة في مجال مشاريع نقل الغاز الايراني الی الاراضي الباكستانية. ونظرا لمثل هذا التعاون المتوقع بين طهران وإسلام آباد في حال انتهت الخلافات الداخلیة في باکستان، فاننا سنرصد تحركات مشبوهة من قبل واشنطن للحيلولة دون حصول مثل هذا التعاون بين إيران وباكستان، ومن هنا يصبح القول اكثر مصداقية أن واشنطن لاتريد انتهاء الخلافات الداخلية الباكستانية علی عكس ماتسعی الیه الشخصيات الباكستانية من ضمنهم سراج الحق زعيم الجماعة الاسلامية في باكستان.