الوقت- بعد ان خسرت كوريا الشمالية المساندة السوفيتية لها اثر انهيار الاتحاد السوفيتي توجهت بيونغ يانغ نحو الصين لتكون سندا لها لكن الصين انشغلت ايضا بقضية نموها الاقتصادي ولذلك اختارت بيونغ يانغ تسليح نفسها بالصواريخ بعيدة المدى وبالسلاح النووي، وفي الشهور الاخيرة اجرت بيونغ يانع اختبارها النووي الرابع وارسلت قمرا اصطناعيا الى الفضاء وهذا ما استغلته وسائل الاعلام الامريكية لتضع اسم ايران الى جانب كوريا الشمالية لممارسة الضغط على طهران ايضا.
ان الغرب و وسائله الاعلامية يسعون الى تشبيه كوريا الشمالية بايران ووضع اسم هذين البلدين الى جانب بعضهما البعض ففي 12 فبراير 2013 اصدر ممثلو الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلسي الامن بيانا اعربوا فيه عن القلق ازاء البرامج النووية لايران وكوريا الشمالية، وفي الايام الاخيرة ايضا استغل المرشحون الرئاسيون الامريكيون الاختبار النووي الرابع لكوريا الشمالية لتكرار اتهاماتهم لايران واجرى هؤلاء قياسا بين الاتفاق النووي الذي ابرم مع ايران والاتفاق النووي الذي ابرم بين بيونغ يانغ و واشنطن في عام 1994 والذي تعهدت بموجبه كوريا الشمالية بالتخلي عن برنامجها النووي لكن سرعان ما أخل الامريكيون بذلك الاتفاق.
ويعتقد الخبراء ان احد اهم الفروقات بين الاتفاق النووي الذي ابرم سابقا مع كوريا الشمالية والاتفاق النووي المبرم حاليا مع ايران هو ان الاتفاق مع كوريا الشمالية كان في عدة صفحات فقط لكن الاتفاق مع ايران كان دقيقا وكانت له ضمائم وكتب في مئات الصفحات.
اما فيما يتعلق بالبرنامج الصاروخي الكوري الشمالي فالغرب يكرر الان ادعاءات حول تعاون ايران مع كوريا الشمالية في هذا المجال ويتهم هاتين الدولتين بزعزعة الاستقرار والتسبب بانطلاق سباق تسلح.
وقد ادعت وكالة رويترز ان مصادر دبلوماسية ابلغت وكالة الانباء الرسمية الكورية الجنوبية ان عددا من المسؤولين الايرانيين كانوا حاضرين اثناء مراسم اطلاق القمر الاصطناعي الكوري الشمالي الى الفضاء، كما ادعت صحيفة وول ستريت جورنال ان كوريا الشمالية تقول انها قادرة على تركيب رؤوس نووية على صواريخها وهذا يزيد المخاوف بشأن ايران التي تتعاون مع كوريا الشمالية في صنع الصواريخ، بحسب الصحيفة.
وتأتي كل هذه الادعاءات في وقت اكد فيه تقرير الكونغرس الامريكي في عام 2014 ان معلومات اجهزة الاستخبارات الامريكية تفيد انه ليس هناك اي تعاون نووي بين طهران وبيونغ يانغ.
اهداف تشبيه ايران بكوريا الشمالية
ان الغرب الذي يكرر دائما جملة "حتى لاتصبح ايران مثل كوريا الشمالية" يريد اشاعة التخويف من ايران من اجل التمهيد لفرض عقوبات على ايران وتبرير اجراءاته العسكرية ضد ايران مثل بيع السلاح لاعدائها الاقليميين وانتشار القوات العسكرية الغربية في غرب آسيا وتأليب الرأي العام ضد ايران في حال ابدت ايران مقاومة تجاه المشاريع الغربية في المنطقة.
وفي هذا الاطار سارع الامريكيون الى فرض عقوبات جديدة على ايران بذريعة قيامها باختبار صاروخ "عماد" البالستي كما بادر الامريكيون الى فرض عقوبات قاسية على كوريا الشمالية لفتح المجال امام فرض عقوبات مماثلة على ايران وقد قدم السناتور جون تون مشروعا تحت عنوان "فرض العقوبات على ايران وكوريا الشمالية" ينص على اعادة فرض كل العقوبات التي رفعت عن ايران في حال سعى الايرانيون الى الحصول على تكنولوجيا نووية من كوريا الشمالية.
وفي مجال تزويد اعداء ايران او كوريا الشمالية بالاسلحة فقد عمد الامريكيون الى تعزيز الدفاعات الصاروخية الكورية الجنوبية واليابانية في وقت تشهد العلاقات الامريكية الصينية ايضا توترا بسبب قيام الصين ببناء جزر اصطناعية في بحر الصين الجنوبي فالامريكيون كانوا يبحثون عن ذريعة لتضييق الخناق على الصين ووجدوا هذه الذريعة في الاختبار النووي الكوري الشمالي.
ان التحرك العسكري الامريكي في شرق آسيا هي رسالة مباشرة الى الصين مفادها ان امريكا ستتحرك وسترد على الصين اذا هددت هذه الدولة مصالح حلفاء امريكا في المنطقة مثل اليابان وتايوان.
وليست هذه الخطوات الامريكية بالامر الجديد فامريكا كانت تنوي نشر الدرع الصاروخية في بولندا والتشيك في السابق وقالت ان هذه الدرع هي لمواجهة الصواريخ الايرانية لكن روسيا شعرت بالخطر جراء ذلك واعلنت ان ايران هي مجرد ذريعة وان الدرع الامريكية يمكن استخدامها ضد روسيا وضد صواريخها الفضائية والبالستية لأن مدى الصواريخ الايرانية لاتصل الى بولندا والتشيك.
واخيرا يجب القول ان تضخيم خطر الصواريخ الكورية الشمالية واشاعة التخويف من كوريا الشمالية يمكن ان يتحول الى اشاعة ايران فوبیا وكذلك ممارسة الضغط على ايران عبر وضع عقوبات على كوريا الشمالية وسحب ذلك على ايران فيما بعد.