الوقت- انه الجار الشمالي للسعودية، العراق الذي يعاني الأمرين جراء تدخل السعودية في شؤنه الداخلية، فالسعودية لا تريد أن ترى عراقاً قوياً مزدهراً موحداً مستقراً، و ذلك بسبب العقلية الطائفية لنظام آل سعود، و بسبب تخوف السعودية من قيام نظام مستعصي لها في العراق لانها ترى فيه مقومات قيام هذا النظام.
اعتقد البعض أنّه بعد تعيين "ثامر السبهان" سفيراً للسعودية في العراق بعد قطيعة دامت لأربع و عشرين سنة، أن الوضع سوف يتحسن و يزدهر، و لكن ما لبثت أن مرّت أربع و عشرون ساعة حتى تكشف الغطاء، السعودية لا زالت تتدخل، و ذلك بعد وصف السهبان للحشد الشعبي ب"المليشيا الشيعية"، هذا التصريح لقي موجة غضب عارمة في الشارع العراقي حيث كشف النائب عن التحالف الوطني "أحمد الشيخ"، عن جمع ما يقارب مائة توقيع من أعضاء مجلس النواب لتغيير السفير السعودي في بغداد أو إيجاد آلية معينة للتعامل مع سفارة الرياض.
واعتبر أن "تحذير الخارجية العراقية للسفير السعودي، وردود الخارجية السعودية التي ادعت ان تصريحات سفيرها لا تمثل وجهة نظر حكومته غير كافً", مضيفا "أن العلاقات الدولية مبنية على أنظمة وأعراف دبلوماسية". وأشار الشيخ "ان خروج السفير السعودي عن هذه الأعراف لسببين؛ السبب الأول عدم الكفاءة والمعرفة والثاني التحرك من خلال أجندة مدروسة"، موضحا "أن الدولة فيها من الضعف ما يسمح لأمثال هؤلاء بالحديث بما يشكل تدخلا في سافرا بالشأن الداخلي العراقي".
و أعلن رئيس كتلة "الصادقون"( أكبر كتلة في البرلمان العراقي ) أن الكتلة قد جمعت أكثر من80 توقيعاً ووضعتهم تحت تصرف الحكومة من أجل طرد السفير السعودي. و أضاف العضو في كتلة الصامدون "حسن سالم" بأن "الكتلة قدمت طلباً الى الهيئة البرلمانية من اجل طرد السفير السعودي بسبب تصريحاته و تصرفاته المشبوهة".
و قالت السيدة "ابتسام الهلالي الكسور" العضو في كتلة "ائتلاف دولة القانون" أن هذه التواقيع قد جمعت بسبب اتهام "السهبان" للحشد الشعبي بالميليشيا، و بسبب تحركاته المشبوهة في العراق. و أكدت أنه "يجب طرد "السهبان" من العراق بسبب اهاناته".
و اعتبرت رئيسة حركة ارادة في العراق النائبة "حنان الفتلاوي" في بيان لها أن: "السفير السعودي "ثامر السبهان" لم يخذل نفسه فقط انما خذل كل المطبلين والفرحين بفتح سفارة سعودية في العراق، والذين صدعوا رؤوسنا بهذا الإنجاز الكبير"، مبينةً أن "السفير يتحدث عن إشراك المكونات في الحكم متناسياً أن حكم السعودية حكر لأبناء عبد العزيز منذ أكثر من ثمانية عقود".
وأشارت رئيسة حركة ارادة الى التدخل السافر للسفير السعودي في الشأن العراقي وقالت، أن "السفير السعودي يعطي دروساً في الديمقراطية وهو يعيش في بلد لايفقه ابجديات الديمقراطية ويتوارث الحكم حتى لو كان على جماجم الابرياء".
وأضافت "الفتلاوي": أنه "كان المفروض بالسعودية أن تدخل ضابطها القديم "السبهان" في دورة دبلوماسية قبل أن تبعثه ليكون سفيراً في العراق"، مشيرة إلى أن "كل السفراء الذين التقيانهم يفكرون مئة مرة قبل ان يتكلموا بأي كلمة، لكن المؤسف أن السفير السعودي جعل لسانه يسبق عقله وجعله يتحدث بكلام لا يمكن ان يصدر من جاهل وليس من سفير".
و كانت وزارة الخارجية العراقية قد اعترضت على تصريحات "السهبان "في 24 كانون الثاني 2016، و طالبت وزارة الخارجية السعودية بتقديم توضيحات جراء تحركات "السهبان" المشبوهة.
و "ثامر السبهان" هو عميد ركن سابق في الجيش السعودي عمل في لبنان لفترة طويلة، و بحسب جريدة الرياض" كان صاحب دور فعّال في "مكافحة ما یسمی بالنفوذ الإيراني" هناك، في إشارة إلى حزب الله. الضابط "السبهان" كان له تاريخ حافل في مجال العمل الأمني أيضا، كما تشير سيرته الذاتية (الخالية من أي تجربة دبلوماسية)، فهو عمل ضابط الأمن والحماية المرافق لقائد القيادة المركزية الأميركية في حرب الخليجیة الثانية بين عامي 1990 و1991، وكان "السبهان" مسؤولاً عن حماية عدة مواقع للقوات الأميركية والبريطانية والفرنسية في العاصمة الرياض. تولّى الرجل أيضاً مسؤولية حماية عدد من المسؤولين الغربيين كوزير الدفاع "ديك تشيني" و رئيس أركان القوات المشتركة (وزير الخارجية السابق) "كولن باول".
اذاً، السعودية تتخذ موقفاً واضحاً تجاه العراق، الدمار و الرضوخ مقابل الأمن و الازدهار، و على ما يبدو أن هذا الأمر لن يتغير بين ليلة وضحاها، سواء ببقاء سفيرها الحالي أم استبداله، و على ما يبدو أن سياسة "الانحناء للرياض" المعتمدة من قبل الحكومة العراقية لن تتغير الا باستهداف الفساد المستشري في البلاد.