الوقت - حاولت جهات عديدة خلال السنوات الاخيرة أن تفسد العلاقات بين الیمن والجمهورية الاسلامية الايرانية عبر سياسات متعددة كان ضمنها توجيه شتی الاتهامات لايران من ضمنها ان ايران تدعم بعض الجهات الیمنية ضد الحكومة وماشابه هذه الاتهامات. لكن الیوم وبعد ان تمكن الشعب الیمني ان ينتصر بارادته في مواجهة الفساد والقوی الاجنبية التي تدعم الشر والتطرف في بلاده، اصبح هذا الشعب وحکومته يسعیان الی مزيدا من التقارب مع ايران التي لا تريد لليمن سوی ان يكون حرا ومستقلا يسير بحياته دون ان تحكم علیه قوی الشر والفساد الداخلية والاجنبية.
ولهذا نري ان «عبدربه هادي منصور» الرئيس الیمني قد وافق اخيرا علی السفير الايراني الجديد بعد ان رفض ذلك قبل هذا، وتشير هذه الموافقة من قبل الرئيس الیمني علی ان طهران وصنعا تتجهان نحو علاقات افضل عسی ان تكون في شتی المجالات. كما ان الشعب الیمني يتطلع الی هذه العلاقات الطيبة منذ زمن طويل لكن وكما اسلفنا فقد حُرم هذا الشعب من هذه العلاقات البناءة بين طهران وصنعا بسبب السياسات الخبيثة التي حاولت العديد من الجهات الاجنبية تنفيذها في الیمن خاصة واشنطن والرياض.
ايران التي كانت دائما تدعم تطلعات الشعب الیمني فقط ولا تتدخل بأي شأن آخر غير ذلك في الساحة الیمنية، لم يصدر منها اي عمل يضر بالامن والاستقرار في هذا البد علی عكس مانراه من التصرفات التي تصدر من دول اخری. فعلی سبيل المثال الجميع يعرف ان السعودية تدعم تنظيم القاعدة الارهابي في الیمن في شتی المجالات التسليحية والمادية وغير ذلك بالرغم من دعايتها الكاذبة التي تتحدث عن محاربة القاعدة، وكذلك امريكا وبحجة مواجهة القاعدة ايضا في الیمن ترتكب المجازر الواحدة تلو الاخری ضد الابرياء عبر الفتك بالناس من خلال طائراتها بدون طيار. وقل ما تمضي فترة دون ان نشهد فيها خبر حول مقتل العديد من الیمنيين عبر ضربهم بصواريخ موجهة من هذه الطائرات والتبرير سرعان ما یأتی من قبل واشنطن ان العمل لم يكن متعمدا بل كان خطئا.
كما ان ايران وعلی عكس تلك الدول لم تصطف يوما من الايام مع القوی التي يناهضها الشعب الیمني بل علی العكس كانت دائما تقف الی جانب الشعب الذي يتطلع الی اهدافه السامية والنبيلة في هذا البلد. الجميع رای كيف كانت الرياض وواشنطن والدول العربية في الخليج الفارسي سخرت جميع امكانياتها لدعم الدكتاتورية في الیمن بالرغم من انها تری الملايين من شعب هذا البلد يناهض هذه الدكتاتورية ويحاول التخلص منها عبر مظاهراته الیومية. ولو القينا نظرة علی تصرفات ايران في هذه الفترة إزاء هذه الاحداث التي شهدتها الیمن، فاننا لرأينا ان ايران كانت ولازالت تقف الی جانب مايطالب به الیمنييون وتدعم ذلك عبر مختلف الطرق.
في هذه المرحلة وكما اسلفنا علی مايبدو فان ايران والیمن بعد ما اصبح الطريق معبّدا، ينويان تنمیة علاقاتهم الثنائية في شتی المجالات ولاشك ان ذلك سوف ياتي بالكثير من المصالح لشعبي هذين البلدين في القريب العاجل. ايران التي تمتلك مصادر الطاقة وتملك عناصر قوة اخری من ضمنها في المجالات الصناعية والعسكرية تستطيع ان تلبي حاجات الیمنيين في هذه المجالات من خلال ابرام الاتفاقات التعاونية الثنائية مع الیمن. حيث تثبت التجارب السابقة ان تعاون ايران مع الدول الاخری لم يكن لغرض حصولها علی مصالحها علی حساب الطرف الآخر، بل كان دائما ياتي لتمكين تلك الدولة من تحقيقها الاكتفاء الذاتي في مجال هذا التعاون من أجل تمكينها ان تكون بغناء عن اي طرف خارجي في المستقبل.
الیمن الیوم وبعد ما انتبهت الی الخطر الذي يواجهها من قبل السعودية كما المح لذلك الرئيس الیمني خلال الفترة الاخيرة من الممكن ان تكون شريكا مهما لايران للنهوض بشعبها الذي هو بحاجة الی من يساعده حتی يتخلص من حقبة التخلف والحرمان الذي فرضت علیه من قبل دول اجنبية وكذلك بسبب الحكومات المستبدة التي حكمت في هذا البلاد خلال العقود الماضية. وبالطبع فان السعودية وواشنطن وجهات اجنبية اخری سوف تحاول ان تكون حجرعثرة في طريق اي محاولة ايرانية يمنية للتقارب، لكن علی الحكومة الیمنية الجديدة ان تواجه هذه المساعي بحزم وألا تجعلها ان تكون حاجزا لمنع التقارب مع ايران.
وفي النهاية نؤكد مرة اخری ان لايران قدرات اقتصادية كثيرة يمكن ان تساعد الیمنيين في حال وجدت الارادة المطلوبة من قبل حکومتهم الجديدة، كما ان ايران تمتلك سجل طويل من الخبرات في مجال الاعمار ومواجهة الازمات الامنية الاجنبية حيث انها تستطيع تزويد الیمن بمثل هذه التجارب خاصة ان صنعا بأمس الحاجة للتخلص من المشاكل الامنية التي تعاني منها داخليا بسبب ارهاب القاعدة المدعوم خارجيا. وكذلك الیمن بحاجة الی شروع مرحلة جديدة من البناء والاعمار في البلاد وان لايران في هذا المجال ايضا خبرة واسعة حصلت علیها خلال العقود الماضية يمكن ان تعبّد الطريق امام الیمنيين لينهضوا ببلادهم عبر اقصر الطرق واقل التكالیف في حال وجد هنالك مجال للتعاون بين صنعا وطهران.
