الوقت- في الأسبوع الماضي، تحدثت وسائل إعلام أمريكية عن التخطيط لزيارة ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان إلى واشنطن في (27 نوفمبر)، في الوقت نفسه، نقلت وكالة رويترز نقلا عن مصدرين مطلعين، أن إدارة دونالد ترامب تدرس طلب السعودية بمليارات الدولارات لشراء طائرات مقاتلة من طراز إف-35.
بمعنى آخر، في حين أن التنافس على ابتهاج رئيس الولايات المتحدة الوهمي النرجسي يدور بشكل غريب بين رؤساء الحكومات المتسلطة، إلا أن ابن سلمان، باعتباره الشخص الذي سجل سجلاً حافلاً بمثل هذه الابتزازات منذ الجولة الأولى من رئاسة ترامب، لا يمكن أن يتخلف عن الركب، هذه المنافسة المهينة بينما شهد العالم في شهر سبتمبر الماضي أن أراضي قطر، التي أنفقت حكومتها مليارات الدولارات لشراء أسلحة أمريكية، بل أعطت ترامب طائرة سوبر لوكس خاصة كهدية، قد تم غزوها من قبل الكيان الصهيوني في وضح النهار.
ويظهر أنه لم تصل حتى صفارة إنذار واحدة من الأنظمة الأمريكية الباهظة الثمن المتمركزة في قطر! ولا شك أن رئيس الولايات المتحدة المخادع لا ينوي مساعدة السعودية على إظهار قوتها الجوية في المنطقة التي يتواجد فيها الكيان الصهيوني، وبالنتيجة، فهذه فرصة أخرى لحلب "البقرة الحلوب" (اللقب الذي أطلقه ترامب على السعودية في ولايته الأولى)! } هي المنطقة وأخيرًا، إذا توافرت طائرة F-35 للسعودية، فستكون بالتأكيد تحت السيطرة الكاملة للأمريكيين، تمامًا مثل أنظمة الدفاع القطرية.
ولم ننس أنه إلا قبل عام أو عامين فقط، محمد بن سلمان، بصفته "ملك الثروة الشابة" و"نموذج الجيل الجديد من السياسيين"، و"طلاء التحديث" و... وهكذا، وقد تم الترويج لها والإشادة بها من قبل وسائل الإعلام الناطقة بالفارسية التابعة للأجنبي والمتحمسين للغرب المحلي وحتى عدد من المسؤولين التنفيذيين.
الغربيون الذين كانوا يتوقون إلى نموذج «أردوغاني» في تركيا حتى أوائل التسعينيات، ثم تحولوا نحو حزب العدالة والتنمية، مع صعود نجم ابن سلمان، وجدوا نموذجاً جديداً للوقوع في حب أمريكا.
ومن خلال قمع المعارضين السياسيين وخلق أجواء خانقة في بلاده من جهة، وتنفيذ التوجهات الثقافية والاجتماعية للمؤسسات الغربية وحقن الثقافة «الأمريكية» في المجتمع السعودي بالعصا، أصبح ابن سلمان «المشروع الدعائي» لإمبراطورية الإعلام الغربي لبيع صورته كنموذج للجيل الجديد من السياسيين الغربيين المرغوب فيهم والمطيعين لما تسمى الدول "النامية".
كان ابن سلمان، مخمورا بالدعاية الغربية، سئم قمع أي صوت مخالف أو ناقد سياسي في الداخل (وحتى في الخارج، كما في قضية خاشقجي الشنيعة) ويمتلك مفتاح الخزانة السعودية المبهمة تماما وغير الخاضعة للمساءلة، عانى من "جنون العظمة" (طبعا على مستوى القادة العرب بعد نهاية الحرب الباردة)، فقرر أن يترك بصمته على عصره بجنون وحتى خيال المشاريع العملاقة ويمكن اعتبار مشروع «نيوم» الفائق رمزاً لهذا الجنون لطموح ابن سلمان «العقيم»، المشاريع التي تبدو، إذا نظرنا إليها عن كثب، بمثابة طاولات مفتوحة للمقاولين الغربيين ومديري المشاريع ليكونوا شركاء في استغلال أصول أجيال الأسرة السعودية الحالية والمستقبلية.
وتبين مراجعة مشاريع محمد بن سلمان الطموحة، وخاصة مشروع نيوم، أنه على الرغم من تقديم هذه البرامج بأهداف طويلة المدى و"تحويلية"، إلا أنها واجهت تحديات مالية وزمنية وبشرية كبيرة أثناء تنفيذها، كما واجهت العديد من الأهداف الأولية تأخيرات وأوجه قصور خطيرة، بل تم التخلي عنها "بكل احترام".
نظرة عامة على مشاريع نيوم الرئيسية
كانت المكونات الرئيسية لمشروع نيوم الضخم كما يلي:
الخط/ الخط (2021): مدينة خطية طولها 170 كيلومترًا، بلا شوارع وسيارات ويبلغ عدد سكانها 9 ملايين نسمة.
ووفقا لتقارير جديدة، فقد تم تقليص حجم المشروع بشكل كبير، تم تخفيض الخطة الأصلية المكونة من 20 "وحدة" إلى 3 وحدات فقط وزادت التكاليف المقدرة من 1.5 إلى 8.8 تريليونات دولار.
أوكساجون (2021): مدينة صناعية عائمة على شكل مثمن مع التركيز على الصناعات المتقدمة والمستدامة.
لا تتوافر تفاصيل دقيقة عن التقدم المادي، لكنه جزء من خطة شاملة واجهت تحديات مالية خطيرة.
ترويينا (2022): وجهة جبلية للرياضات الشتوية والاستجمام لمدة أربعة مواسم
ويبدو أن المشروع يسير وفق الجدول الزمني حيث من المقرر أن يستضيف دورة الألعاب الآسيوية الشتوية 2029.
أقيم حفل الافتتاح الكبير في أكتوبر 2024، لكن التقارير تقول إن الجزيرة لم يتم فتحها بعد أمام الجمهور وأن فنادقها ومرافقها لم تعمل.
لدى الخبراء شكوكٌ جدية
بعد أن كشفت الحكومة السعودية عن خططها لبناء مدينة ضخمة خطية في الصحراء، أعرب خبراء التصميم الحضري عن شكوكهم بشأن جدوى رؤيتها المثالية، في أغسطس 2022، طلب موقع "دي زين"، المتخصص في الهندسة المعمارية وتصميم وبناء المساحات الحضرية، آراء عدد من الخبراء البارزين في هذا المجال حول مشروع ابن سلمان الجنوني والطموح للغاية.
وقال مارشال براون، مدير مركز برينستون للخيال الحضري وأستاذ مشارك في الهندسة المعمارية بجامعة برينستون: "لتحقيق الطابع البسيط والموحد للغاية المقترح في التصاميم، هناك عدد لا يحصى من الظواهر الفيزيائية والبيئية التي يجب التعامل معها".
وحذر فيليب أولدفيلد، عميد كلية البيئة المبنية بجامعة نيو ساوث ويلز في سيدني، من أن التكلفة الكربونية الهائلة الخفية للبناء "ستطغى على أي فوائد بيئية"، قالت هيلين شارتييه، مديرة التخطيط والتصميم الحضري في C40 Cities، إنها "لا ترغب في العيش في مكان ضيق كهذا"، بينما قالت المهندسة المعمارية ويني ماس: "أود أن أعيش في بيئة كهذه". وقد تم الترويج لـ "ذا لاين" كبديل مستدام للتصميم الحضري التقليدي.
وقد أصدرت الدولة الغنية بالنفط في الشرق الأوسط مؤخرًا صورًا مثيرة لـ "ذا لاين"، والتي تُظهر جدارين عملاقين من المرايا يمتدان بالتوازي مع بعضهما البعض لمسافة 170 كيلومترًا عبر الصحراء، صممه استوديو الهندسة المعمارية الأمريكي مورفوسيس، وسيكون ارتفاع الهيكل 500 متر وعرضه 200 متر فقط؛ وستمتلئ المساحة بين الجدارين بنسيج حضري كثيف وأشجار ونباتات وشبكة سكك حديدية عالية السرعة تحت الأرض.
وقال ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان إن المدينة، المصممة لتسعة ملايين شخص، "تتحدى المدن الأفقية التقليدية وتخلق نموذجًا للحفاظ على الطبيعة وتعزيز قابلية الإنسان للعيش"، سألت ديزين خبراء التخطيط والتصميم الحضري عن الوظيفة الفعلية لمثل هذا الهيكل.
ويحذر أولدفيلد وشارتييه من أن الجدران ذات المرايا تشكل خطورة على الطيور المهاجرة وتعطل التنوع البيولوجي، "ما تأثير هذا السور العظيم على الحيوانات ومرورها؟" سأل شارتييه، ويعتقد كلاهما أن التركيز يجب أن يكون على دمج المدن القائمة، وقال شارتييه: "يمكن أن يكون ذلك بمثابة إلهاء عن القرارات الحقيقية".
وتم تقديم مشروع نيوم بهدف مركزي هو "بناء المستقبل اليوم" وكجزء أساسي من "رؤية 2030" للمملكة العربية السعودية للحد من الاعتماد على النفط، ومع ذلك، فإن تقييم تنفيذها حتى الآن يشير إلى وجود فجوة كبيرة بين المثل الأولية والواقع.
وبلغت التكلفة التقديرية لمشروع نيوم 8.8 تريليونات دولار، أي أكثر من 25 ضعف الميزانية السنوية للمملكة العربية السعودية، كما وجد أحد المراجعين الداخليين أدلة على "التلاعب المتعمد" في الأرقام المالية من قبل الإدارة العليا، لقد تأخرت العديد من المعالم، على سبيل المثال، جزء كبير من أراضي المشروع سيظل لم يمسه برية بحلول منتصف عام 2022!
الأهداف والدوافع الرئيسية
ومن خلال إطلاق مشاريع طموحة، يسعى محمد بن سلمان إلى تحقيق أهداف متعددة الأبعاد في إطار رؤية المملكة العربية السعودية 2030، وترتكز هذه الأهداف بشكل أساسي على "تغيير اقتصاد البلاد من الاعتماد التقليدي على النفط، وإعادة تحديد مكانة السعودية الدولية، وإحداث التحول في المجتمع".
اقتصادي: تقليل الاعتماد على عائدات النفط وتنويع الاقتصاد وجذب الاستثمار الأجنبي وتطوير قطاعات السياحة والتكنولوجيا والترفيه
الاجتماعية والثقافية: تحديث صورة المملكة العربية السعودية وخلق مجتمع جديد وجذاب للشباب
دوليًا وجيوسياسيًا: زيادة النفوذ الإقليمي والدولي والتحول إلى مركز تواصل بين القارات الثلاث، تطبيع العلاقات مع إيران، التفاوض مع "إسرائيل" للتطبيع في إطار "حلف إبراهيم"، تعزيز العلاقات مع الصين.
