الوقت- وثّق المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان إفادات جديدة لعدد من معتقلي قطاع غزة المفرج عنهم، تكشف عن ممارسات ممنهجة من التعذيب الجنسي داخل السجون ومعسكرات الاحتجاز الإسرائيلية، شملت الاغتصاب، التعرية، التصوير القسري، والاعتداء الجنسي بالأدوات والكلاب، إضافة إلى الإذلال النفسي المتعمد.
ويؤكد المركز أن هذه الوقائع تشكّل سياسة منهجية تُرتكب في سياق جريمة الإبادة الجماعية ضد سكان قطاع غزة، بمن فيهم آلاف المعتقلين المحتجزين في أماكن مغلقة أمام الرقابة الدولية، بما فيها اللجنة الدولية للصليب الأحمر.
وتشير الإفادات الموثقة إلى حالات اغتصاب ارتكبتها قوات الاحتلال بحق مدنيين فلسطينيين، من بينهم نساء، جرى اعتقالهم من مناطق مختلفة في القطاع خلال العامين الماضيين، دون مبرر قانوني، وفي إطار سياسة عقاب جماعي تهدف إلى إذلال المعتقلين وإلحاق الأذى النفسي والجسدي بهم.
من بين هذه الشهادات إفادة ن. أ.، وهي امرأة تبلغ من العمر 42 عاماً، اعتُقلت في نوفمبر 2024 أثناء مرورها عبر حاجز إسرائيلي شمال القطاع. روت ن. أ. تعرضها لاعتداءات جسدية وجنسية خطيرة، بما فيها الاغتصاب المتكرر، التعرية، الضرب، الصعق الكهربائي، والتصوير القسري، طوال ثلاثة أيام من الاحتجاز.
وفي شهادة أخرى، تحدث أ. أ. (35 عاماً)، الذي اعتُقل من داخل مستشفى الشفاء في مارس 2024، عن تعرضه لتعذيب قاسٍ استمر 19 شهراً، شمل التهديد بالاغتصاب والتعرية، وصولاً إلى اغتصابه من قبل كلب مدرب داخل معتقل سدي تيمان، تحت إشراف الجنود.
كما أفاد ت. ق. (41 عاماً)، الذي اعتُقل أثناء نزوحه في مستشفى كمال عدوان في ديسمبر 2023، بأنه تعرض للتعذيب الجنسي طوال مدة احتجازه الممتدة إلى 22 شهراً، شمل تهديده بإحضار زوجته واغتصابها، ثم اغتصابه بعصا خشبية تحت الضرب، ما تسبب له بإصابات ونزيف.
كما وثّق المركز شهادة م. أ. (18 عاماً)، الذي اعتقل قرب مركز توزيع مساعدات في غزة، وأفاد بتعرضه لاعتداء جنسي باستخدام زجاجة أُدخلت قسراً إلى جسده عدة مرات، وتكرر ذلك بحقه وبحق معتقلين آخرين.
وكان المركز قد أصدر في مايو 2025 تقريراً يستند إلى شهادات 100 معتقل مُفرج عنهم، كشف عن أساليب التعذيب والمعاملة اللاإنسانية التي تعرضوا لها، مؤكداً أن هذه الممارسات ترقى إلى جريمة إبادة جماعية وفق عناصرها القانونية.
وفي ضوء هذه الجرائم، دعا المركز المجتمع الدولي، بما يشمل الدول الأطراف في اتفاقية مناهضة التعذيب واتفاقية منع الإبادة الجماعية، إلى التحرك الفوري لوقف التعذيب الممنهج والإخفاء القسري بحق المعتقلين الفلسطينيين، والضغط على "إسرائيل" للإفراج عن المحتجزين تعسفاً، والكشف عن مصير المخفيين قسراً، والسماح للجنة الدولية للصليب الأحمر بالوصول إلى جميع أماكن الاحتجاز.
كما حذّر من مخاطر قانون يسمح بتطبيق عقوبة الإعدام على الأسرى الفلسطينيين، أقرته لجنة الأمن القومي في الكنيست في 3 نوفمبر 2025، مشيراً إلى أن الاعترافات المنتزعة تحت التعذيب قد تُستخدم في تنفيذ إعدامات جماعية.
ودعا المركز إلى توفير الحماية والرعاية النفسية والطبية للضحايا والناجين، مؤكداً مواصلة جمع الأدلة والشهادات وتقديمها للآليات الأممية والمحكمة الجنائية الدولية لضمان المساءلة وعدم الإفلات من العقاب.
