الوقت- في لحظةٍ يتصاعد فيها العدوان الوحشي للكيان الصهيوني على قطاع غزة، يبرز صوت اليمن عاليًا محذرًا من أن أي خرقٍ لوقف إطلاق النار لن يمر دون عقاب، التحذير اليمني ليس مجرّد تصريح سياسي، بل إعلان عن حضورٍ عربي جديد يُعيد تعريف معادلة القوة في المنطقة، فاليمن، الذي خبر العدوان وعرف معنى الصمود، يوجّه اليوم رسالة مزدوجة: تضامن لا يتزحزح مع الشعب الفلسطيني، واستعدادٌ للردّ على أي تجاوز يرتكبه الكيان المعتدي.
هذه الرسالة تضع الكيان الصهيوني أمام معادلةٍ جديدة، قوامها أن الجغرافيا التي حاول السيطرة عليها لم تعد آمنة له، من هنا تنبع أهمية الموقف اليمني الذي يربط بين الأخلاق والسيادة، ويثبت أن المقاومة لم تعد شعارًا بل نهجًا استراتيجيًا يتجاوز حدود الخطاب ليصل إلى فعلٍ رادعٍ ومشروعٍ في وجه الغطرسة الصهيونية.
تحذير صنعاء
تصريح نائب وزير الخارجية اليمني عبد الواحد أبو رأس لم يكن مجرد تنديدٍ دبلوماسي، بل إعلان موقف صريح بأن صنعاء تراقب كل تحركات الكيان الصهيوني بدقة، وأنها لن تتهاون أمام أي اعتداء جديد على غزة، فاليمن الذي أثبت قدرته على تحويل التهديدات إلى واقعٍ ميداني، لا يتحدث من فراغ.
تحذيره يأتي في إطار فهمٍ استراتيجي لتحولات الصراع، حيث تدرك صنعاء أن ميزان القوى لا يُقاس فقط بالأسلحة بل بالإرادة والشرعية الأخلاقية، لذلك فإن كل خرقٍ لوقف النار سيُقابل بردٍ سياسي وإعلامي وربما عملياتي، يعيد إلى الكيان المعتدي ذكرى أن ساحات المنطقة لم تعد آمنة.
هذا الموقف يعكس انتقال اليمن من موقع المراقب إلى الفاعل، ومن الصوت المتضامن إلى الشريك في معركة الوعي والسيادة، إنه تحذير يختزن خلفه قدرةً كامنةً على فرض معادلاتٍ جديدة في وجه غطرسةٍ طالما ظنت أنها محصّنة ضد الردع.
اليمن في مواجهة العدوان.. البعد الأخلاقي والاستراتيجي
اليمن اليوم لا يتحدث فقط عن التضامن مع فلسطين، بل عن التزامٍ أخلاقيٍ يترجم إلى مواقف وسياسات. فالمعركة التي يخوضها الشعب الفلسطيني ضد الكيان الصهيوني هي في نظر اليمن معركةٌ إنسانية قبل أن تكون سياسية، لهذا جاءت رسالة صنعاء لتقول إن الأمة لا تزال قادرة على الدفاع عن قيمها، وإن الاعتداء على غزة هو اعتداء على كل حرٍ في العالم.
في المقابل، يسعى الكيان الصهيوني إلى تصوير عدوانه كـ"دفاعٍ عن النفس"، في حين أنه يمارس إبادة جماعية موثقة بحق المدنيين، هذا الانكشاف الأخلاقي يدفع دولاً كاليمن إلى تصعيد خطابها السياسي والدبلوماسي لتعرية زيف الرواية الصهيونية، كما أن وجود قوى إقليمية داعمة للمقاومة يمنح اليمن مساحةً للتحرك والتأثير، ما يجعل تحذيره جزءًا من جبهةٍ أوسع تتشكل في وجه التمدد الصهيوني ومحاولاته لإخضاع الشعوب العربية بالإرهاب والترويع.
الردع اليمني.. حضورٌ ميداني وظلٌ ملازم للكيان الصهيوني
ما يميز الموقف اليمني هو أنه لا يكتفي بالبيانات أو الخطابات، بل يؤكد استعداده لتحويل التحذير إلى فعل، فصنعاء تتابع تحركات الكيان الصهيوني "ظلًّا بظلّ"، وتعلن بوضوح أنها لن تسمح للمعتدي بأن يخطو خارج حدوده دون أن يدفع الثمن.
هذا النهج يعكس فلسفة الردع بالمتابعة الدقيقة: أي جعل العدو يشعر أن أي مغامرة ستقابلها مقاومة من حيث لا يتوقع، اليمنيون الذين أثبتوا قدرتهم على كسر الحصار ومواجهة أعتى التحالفات يدركون أن معركتهم مع الكيان الصهيوني ليست فقط تضامنًا مع غزة، بل دفاعًا عن مبدأ السيادة وحق الشعوب في المقاومة. وكلما ازداد العدوان الصهيوني توحشًا، ازداد التصميم اليمني صلابةً وإصرارًا على أن يظل حضورهم مصدر قلق دائم للعدو، فصنعاء اليوم ليست بعيدة عن غزة، بل تقف في خندقٍ واحد معها، تراقب وتتوعد وتستعد.
انعكاسات الموقف اليمني على ميزان الصراع الإقليمي
إن تحذير اليمن من تبعات العدوان لا يمكن فصله عن إعادة رسم خريطة الاصطفافات في المنطقة، فمع تزايد جرائم الكيان الصهيوني، بدأت بعض الدول العربية تتحرك من مربع الصمت إلى مربع الفعل، اليمن يمثل رأس حربة في هذا التحول، إذ استطاع رغم معاناته الداخلية أن يفرض حضوره في المعادلة الإقليمية.
الموقف اليمني يحمل دلالات عميقة: فهو يبرهن أن القضية الفلسطينية لا تزال بوصلة الشرف العربي، وأن من يناصرها يمتلك شرعية معنوية أقوى من كل التحالفات المؤقتة، كما أن هذا التحذير يعكس يقين صنعاء بأن العدو الصهيوني لا يفهم إلا لغة القوة، وأن الردع هو اللغة الوحيدة التي تجبره على التراجع، بهذا يصبح الصوت اليمني امتدادًا لصوت المقاومة في كل مكان، وإشارة إلى أن زمن الهيمنة الصهيونية دون رد قد ولّى، وأن الشعوب الحرة بدأت تكتب معادلتها بيدها.
في الختام، يؤكد الموقف اليمني أن الصمت لم يعد خيارًا أمام الجرائم التي يرتكبها الكيان الصهيوني بحق الشعب الفلسطيني، في عالمٍ امتلأ بالبيانات الباردة والمواقف الرمادية، يأتي صوت صنعاء ليعيد للكرامة العربية معناها الحقيقي، إنه صوتٌ لا يكتفي بالإدانة، بل يحمل وعدًا بالردع والمساءلة، فالكيان المعتدي الذي اعتاد الإفلات من العقاب بدأ يدرك أن هناك من يراقبه ويلاحقه خطوة بخطوة، وأن كل اعتداء سيقابل بموقفٍ لا يلين، التحذير اليمني ليس صرخة في الفراغ، بل إعلان عن يقظة عربية تتشكل من تحت الركام، تقف في وجه الطغيان وتعيد تعريف ميزان القوة، ومن رحم المعاناة اليمنية ودماء غزة، تولد وحدةٌ مقاومة تعيد للأمة بوصلة العزّة والسيادة، وتقول بوضوح: إن الشعوب الحرة لا تُهزم، وإن زمن الصمت انتهى.
