الوقت- في تطوّر جديد يعكس الوجه الحقيقي للفاشية الصهيونية، أدانت حركة المقاومة الإسلامية "حماس" بشدة التصريحات الخطيرة والعدوانية التي أدلى بها وزير المالية في حكومة الاحتلال الإسرائيلي، بتسلئيل سموتريتش، والتي دعا فيها بشكل علني وصريح إلى تسوية قطاع غزة بالأرض، على غرار ما حدث في مدينة رفح جنوب القطاع.
وفي بيان رسمي صدر عن الحركة، وصفت حماس تصريحات الوزير الصهيوني الفاشي بأنها "اعتراف واضح وصريح بارتكاب جرائم الإبادة الجماعية ضد المدنيين في غزة"، مؤكدة أن هذه التصريحات ليست مجرد لغو سياسي، بل هي إعلان نوايا وتحريض مباشر على ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، تستدعي ملاحقة فورية على المستوى الدولي.
وأضاف البيان إن هذه التصريحات تؤكد أن ما تقوم به حكومة الاحتلال من قصف عشوائي، وتدمير ممنهج للبنية التحتية، واستهداف المدنيين العزل، هو جزء من سياسة ممنهجة ومعلنة تهدف إلى إفراغ غزة من سكانها ودفعهم إلى التهجير القسري، عبر استخدام أدوات الموت من قصف وتجويع وحصار خانق.
الکیان الإسرائيلي يعلن نواياه الإجرامية على الملأ
وفي مقابلة إذاعية أجراها سموتريتش مع إذاعة جيش الاحتلال مساء الإثنين، قال بشكل فاضح: "لقد سوّينا رفح بالأرض، والآن جاء دور غزة بأكملها"، وأضاف: "سنُدمّر كل بيت في قطاع غزة، فكل بيت هو نفق، ولن نسمح بوجود بنية تحتية أو مدنية في هذا المكان"، ولم يكتفِ بذلك، بل هدد باستهداف شاحنات المساعدات الإنسانية إذا تدخلت حماس في عمليات توزيعها، قائلاً: "سوف نطلق النار على هذه الشاحنات".
إن هذه التصريحات، التي صدرت عن أحد أبرز الوزراء في حكومة نتنياهو اليمينية المتطرفة، تؤكد على وجود إرادة سياسية عليا لتنفيذ سياسة الأرض المحروقة في غزة، واستهداف كل ما يتحرك على الأرض، مدنياً كان أو منشأةً أو بنية تحتية، في مشهد يذكّر بسياسات الأنظمة النازية والفاشية في القرن العشرين.
دعوة حماس للملاحقة القانونية الدولية
وطالبت حركة حماس في بيانها المؤسسات القضائية الدولية، وعلى رأسها محكمة العدل الدولية والمحكمة الجنائية الدولية باتخاذ إجراءات عاجلة لتوثيق هذه التصريحات، ووضعها في سياق قانوني يُفضي إلى ملاحقة سموتريتش وكل من يشاركه في اتخاذ وتنفيذ هذه السياسات، من قادة الجيش ورؤساء الحكومة والوزراء الإسرائيليين.
وأكدت الحركة أن هذه التصريحات يجب ألا تمر دون محاسبة، وأن الإفلات من العقاب الذي تنعم به القيادات الصهيونية منذ عقود هو ما شجعها على التمادي في ارتكاب جرائمها الوحشية، مطالبة بفتح تحقيقات دولية عاجلة وشفافة حول الجرائم المرتكبة في غزة، وخاصة ما يتعلق باستخدام الجوع كسلاح حرب، والاستهداف المتعمد للأطفال والنساء وفرق الإغاثة.
تصاعد التحريض العنصري والجرائم ضد الإنسانية
في سياق متصل، أثارت تصريحات عنصرية أخرى أطلقها طبيب إسرائيلي يدعى "عاموس سابو" موجة غضب في الداخل الإسرائيلي وعلى الساحة الدولية، ففي منشور له على منصة "إكس" (تويتر سابقاً)، دعا هذا الطبيب العامل في مستشفى "مكابي" إلى "إبادة سكان غزة جميعاً"، قائلاً: "ذهبتُ إلى غزة للمشاركة في عمليات القتل، رغم أنني طبيب، لكني طلبت أن أشارك في هذه المهمة، أحد زملائي وصف ذلك بأنه شكل من أشكال الطب الوقائي، وآخر قال: هذا جزء من الصحة العامة!".
ورغم حذف التغريدة لاحقاً بفعل ضغط الإعلام ومنظمات حقوق الإنسان، إلا أن مضمونها يعكس انتشار الذهنية النازية الجديدة داخل قطاعات واسعة من المجتمع الإسرائيلي، بما في ذلك المؤسسات الطبية والعلمية، حيث تحوّلت "الصحة" إلى أداة للقتل الجماعي، وأصبحت دعوات الإبادة الجماعية خطاباً عادياً بين من يُفترض أنهم مهنيون.
هذه التصريحات لم تأتِ من فراغ، بل هي نتيجة طبيعية لسنوات من التحريض الممنهج ضد الفلسطينيين، الذي قادته شخصيات سياسية وعسكرية ودينية داخل الكيان الإسرائيلي، وبدعم وتواطؤ من الإعلام الإسرائيلي والغربي على حد سواء، لقد تحوّل الفلسطينيون، في نظر العديد من المسؤولين الإسرائيليين، إلى "سوس" أو "حشرات مقززة"، وهي نفس المفردات التي استخدمها النظام النازي في وصف اليهود قبيل تنفيذ المحرقة.
إن هذا الخطاب الإبادي، إذا ما قورن بما يجري على أرض الواقع من دمار شامل في غزة وقتل عشوائي، يُظهر بما لا يدع مجالاً للشك أن الكيان الإسرائيلي يُمارس جريمة الإبادة الجماعية وفقاً لتعريف اتفاقية الأمم المتحدة لسنة 1948، التي تجرّم الأفعال المرتكبة بقصد التدمير الكلي أو الجزئي لجماعة قومية أو إثنية أو عرقية أو دينية.
المجتمع الدولي أمام اختبار تاريخي
وفي ظل هذا التصعيد الخطير، دعت حماس المجتمع الدولي إلى الكف عن الاكتفاء بالبيانات الدبلوماسية، والانتقال نحو إجراءات عملية تحاسب قادة الاحتلال على جرائمهم، وقالت الحركة إن التهاون الدولي، وخاصة من قِبل الولايات المتحدة ودول الاتحاد الأوروبي، يشكل غطاءً لهذه الجرائم ويُعتبر شراكة ضمنية في تنفيذها.
وطالبت حماس بعقد جلسة طارئة في مجلس الأمن لبحث تصريحات سموتريتش وفتح ملف الإبادة الجماعية في غزة، وإرسال بعثات تقصي حقائق دولية إلى القطاع المحاصر، وتفعيل آليات المقاطعة والعقوبات ضد "إسرائيل"، ولا سيما أن تصريحات الوزير الصهيوني تشكل دليلاً قاطعاً لا لبس فيه على نية الإبادة، وهو ما يُعدّ أخطر مستوى من الجريمة في القانون الدولي.
دماء غزة ليست مباحة
بيان حماس جاء بمثابة ناقوس خطر جديد، يُحذّر من مستقبل مظلم ينتظر الفلسطينيين في ظل تمادي قادة الاحتلال في مخططاتهم الإجرامية، وصمت دولي مريب يتناقض مع كل ما يُرفع من شعارات حقوق الإنسان والعدالة الدولية.
إن تصريحات سموتريتش ليست مجرد زلة لسان، بل هي مرآة تعكس حقيقة ما يجري على الأرض من جرائم مروعة، وتجسد رؤية حكومة الاحتلال لغزة ككيان يجب محوه من الخريطة، وهذا يتطلب تحركاً دولياً شاملاً، قانونياً وسياسياً، لإيقاف هذه المجازر، ومحاسبة مرتكبيها، وإنصاف الضحايا الفلسطينيين الذين تُزهق أرواحهم يومياً دون أن ترفّ للمجتمع الدولي عين.
دماء أطفال غزة ونسائها وشيوخها ليست مباحة، ولن تبقى دون ثمن، وشعب فلسطين، رغم المجازر والتضحيات، سيبقى صامداً على أرضه، مدافعاً عن حقه المشروع في الحياة والكرامة والحرية.