الوقت- في خطوة أثارت العديد من التساؤلات حول المستقبل السياسي لليمن، حذّرت حركة أنصار الله من التحركات الإماراتية في جزيرة سقطرى، التي تشهد حالة من التوتر المتصاعد إثر تسليم الحكومة الموالية للسعودية إدارة مطار سقطرى الدولي إلى شركة إماراتية.
في بيان رسمي صدر عن المركز الإعلامي لحركة أنصار الله، أكدوا أن هذا التحرك يُعد انتهاكًا صارخًا للسيادة الوطنية اليمنية ويُشكل تهديدًا مباشرًا للحقوق المشروعة للشعب اليمني.
التسليم الإماراتي... تداعيات على السيادة اليمنية
حسب ما ورد في بيان حركة أنصار الله، فإن تسليم إدارة المطار لشركة إماراتية لا يتعدى كونه خطوة تهدف إلى تعزيز النفوذ الإماراتي في منطقة تعتبر جزءًا حيويًا من الأمن الوطني لليمن، وبالرغم من أن حكومة ما تُسمى "الشرعية" في اليمن قد بدت وكأنها تساند هذا التحرك، إلا أن حركة أنصار الله ترى أن هذه الخطوة لا تمثل انتهاكًا فقط لسيادة اليمن، بل هي أيضًا رسالة من الإمارات تسعى من خلالها إلى فرض وجودها العسكري والاقتصادي في المنطقة على حساب السيادة الوطنية.
وجاء في البيان أن التدخلات الخارجية في إدارة الموانئ والمطارات اليمنية، وخصوصًا في جزيرة سقطرى التي تتمتع بموقع استراتيجي حساس، تهدد الأمن القومي لليمن وتعرضه لمخاطر جمة قد تمتد إلى كل مناطق البلاد.
المخاطر المحتملة
يُشير مراقبون إلى أن هذا التدخل الإماراتي في إدارة المطار في سقطرى لا يقتصر على كونه انتهاكًا مباشرًا لسيادة اليمن، بل من المحتمل أن يؤدي إلى تصعيد أكبر في المنطقة، فالشركة الإماراتية التي حصلت على إدارة المطار قد تسعى، وفقًا للتوقعات، إلى استخدام المطار لأغراض عسكرية واقتصادية، وهو ما قد يعمق الأزمة اليمنية ويزيد من تعقيد الوضع القائم.
هذا التدخل يُنظر إليه على أنه جزء من استراتيجية الإمارات لتعزيز نفوذها في مناطق استراتيجية مثل سقطرى، التي تُعتبر بوابة بحرية هامة في البحر العربي، ما يجعلها نقطة توتر قد تفتح المجال لمزيد من التصعيد العسكري في المنطقة.
حق الدفاع عن السيادة
وفيما يخص رد فعل حركة أنصار الله، فإن البيان الصادر عنها جاء ليؤكد أن الحركة ستواصل الدفاع عن سيادة اليمن بكل الوسائل المتاحة، وقالت الحركة إنها لن تسمح لأي قوة خارجية بالمساس بسيادة الأراضي اليمنية أو التدخل في شؤونها الداخلية، وقد تضمن البيان تأكيدًا قويًا على أن هذه التحركات الإماراتية لا يمكن أن تمر دون رد، وأن حركة أنصار الله تعتبر هذا التحرك تهديدًا مباشرًا للمصالح الاستراتيجية لليمن.
كما شددت الحركة على أن التدخلات الإماراتية في الموانئ والمطارات اليمنية ليست مجرد تحركات اقتصادية، بل هي محاولة لتغيير الهوية الوطنية لليمن وفرض واقع جديد يتعارض مع الإرادة الشعبية للبلاد.
الآفاق المستقبلية... تصعيد أم حل دبلوماسي؟
المرحلة المقبلة ستكون حاسمة في تحديد ما إذا كانت الإمارات ستواصل تحركاتها في سقطرى وبقية المناطق اليمنية، أم إن هذا التحرك سيكون بداية لحوار سياسي مع الأطراف اليمنية المختلفة، لكن من الواضح أن التحركات الإماراتية قد تزيد من تعقيد الوضع في اليمن، وتضع المنطقة في مواجهة تصعيد عسكري غير متوقع.
وعلى الرغم من التحديات الكبيرة التي تواجهها حركة أنصار الله وحكومة "الشرعية"، فإن استمرارية التدخلات الخارجية في الشؤون اليمنية قد تؤدي إلى تحويل البلاد إلى ساحة حرب بالوكالة بين القوى الكبرى في المنطقة.
حالة الاستياء تجاه التحركات الإماراتية في سقطرى
أثار التدخل الإماراتي في جزيرة سقطرى حالة من الاستياء والغضب بين أبناء الجزيرة، حيث تصاعدت التظاهرات الشعبية الرافضة للوجود الإماراتي في المنطقة، مع تسليم إدارة مطار سقطرى الدولي إلى شركة إماراتية، بدأت أصوات الاعتراض تتعالى في الشوارع، مطالبة بإخلاء الجزيرة من التدخلات الأجنبية، ومؤكدة على تمسكها بالسيادة الوطنية.
المظاهرات التي خرجت في سقطرى تضمنت مطالبات بإيقاف المشاريع الإماراتية في الجزيرة، التي يرى السكان المحليون أنها تهدف إلى فرض سيطرة أجنبية على أراضيهم، المتظاهرون أكدوا في هتافاتهم على ضرورة الحفاظ على الهوية اليمنية وعدم السماح لأي طرف خارجي بتغيير الواقع السياسي أو الاقتصادي للجزيرة، معتبرين أن هذا الوجود يهدد الاستقرار والأمن المحلي.
دور الإعلام في تغطية الأحداث في سقطرى... ضعف التغطية وتفرد الإمارات بالجزيرة
لقد كان دور الإعلام في تغطية الأحداث في جزيرة سقطرى ضعيفًا، حيث لم تحظَ الجزيرة بما يكفي من الاهتمام الإعلامي الدولي والعربي تجاه التحركات الإماراتية الأخيرة، على الرغم من الأهمية الاستراتيجية للجزيرة، والتي تشكل نقطة محورية في البحر العربي، إلا أن الإعلام لم يُظهر التغطية اللازمة للأحداث التي تشهدها سقطرى، ما سمح للإمارات بأن تستفرد بالجزيرة وتستمر في تعزيز وجودها العسكري والاقتصادي فيها.
إن غياب التغطية الإعلامية الفاعلة يعكس ضعفًا في تسليط الضوء على مخططات الإمارات في الجزيرة، والتي تُعتبر تهديدًا للسيادة اليمنية، وفي ظل هذا التهميش الإعلامي، يمكن أن تستمر الإمارات في تنفيذ استراتيجياتها بحرية ودون أي رقابة دولية حقيقية، ما قد يؤدي إلى تغييرات كبيرة في الواقع السياسي والاقتصادي للجزيرة.
من المهم أن تتنبه وسائل الإعلام إلى هذا الموضوع وتخصص وقتًا كافيًا لتغطية الأحداث في سقطرى، والعمل على كشف المخططات الإماراتية، يجب أن يتم تسليط الضوء على الأبعاد الاستراتيجية لتدخل الإمارات في سقطرى وكيف يؤثر ذلك على السيادة اليمنية وأمن المنطقة بشكل عام.
كما يجب على وسائل الإعلام أن تكون صوتًا للمواطنين اليمنيين في سقطرى الذين يعارضون هذا الوجود الأجنبي، وأن تعمل على تنسيق جهود التضامن العربي والدولي لرفع الغطاء الإعلامي عن هذه التحركات وفضحها أمام العالم.
الأهمية الاستراتيجية لسقطرى... بوابة بحرية حيوية
تتمتع جزيرة سقطرى بموقع جغرافي استراتيجي فريد يجعلها نقطة محورية في البحر العربي، بالإضافة إلى ذلك، تساهم سقطرى في ضمان أمن الملاحة البحرية عبر منطقة حيوية تُستخدم لمرور آلاف السفن التجارية التي تحمل بضائع حيوية من وإلى الأسواق العالمية، هذه الأهمية البحرية جعلت الجزيرة نقطة جذب استراتيجية للدول الكبرى التي تسعى إلى تأمين مصالحها التجارية والعسكرية في المنطقة.
سيطرة أي قوة أجنبية على سقطرى يعني بالضرورة تحكمًا غير مباشر في حركة الملاحة والتجارة الدولية، ما يعزز من قدراتها في التأثير على الاقتصاد العالمي، كما قد يضع الدول المصدرة والمستوردة للنفط والبضائع في موقف حساس، وبالتالي، فإن أي تغيير في وضع الجزيرة السياسي أو العسكري يمكن أن يؤثر بشكل كبير على الأمن البحري ويزيد من التعقيدات الجيوسياسية في المنطقة.
في النهاية، يبقى السؤال مطروحًا هل ستكون هذه التحركات بداية لتغيير المعادلات السياسية في اليمن، أم إنها ستؤدي إلى تصعيد أكبر يعصف بالاستقرار الإقليمي؟ كل هذه التساؤلات ما زالت مفتوحة، ويبدو أن الأيام القادمة ستكون حاسمة في تحديد مستقبل اليمن.