الوقت- بالتزامن مع بداية الإبادة الجماعية في غزة، بدأت الهجمات اليمنية على الأراضي المحتلة والحصار البحري الذي فرضه أبطال الجيش اليمني على الصهاينة بإغلاق البحر الأحمر، وأدى استمرار هذه الهجمات على المدى القصير إلى تقليص التجارة البحرية للكيان الصهيوني عبر البحر الأحمر وتوقف ميناء إيلات، كما تم وضع الكيان الصهيوني تحت حصار بحري من قبل أنصار الله في اليمن.
لكن هذه الهجمات تواصلت بكثافة أكبر بعد وقف إطلاق النار الذي أعلنه الكيان مع حزب الله اللبناني من قبل أنصار الله، حتى أن مصادر ناطقة بالعبرية ذكرت مسألة الهجمات في اليمن كمشكلة جديدة.
كما اعترفت مصادر عبرية خلال الأيام الأخيرة بالقفزة العسكرية الكبيرة التي حققها اليمن وما يمتلكه من تكنولوجيا عسكرية عالية، ما يجعل المعركة مع اليمنيين أصعب من ذي قبل، حاليًا، ووفقًا للخبراء الصهاينة، فإن الحصار البحري الذي يفرضه هذا الكيان على اليمن قد وجه ضربة قاسية للاقتصاد الصهيوني، وأدت الهجمات الصاروخية والطائرات من دون طيار المستمرة من قبل أنصار الله في اليمن إلى الرعب والأضرار المختلفة.
وفي الوقت الحاضر، أدت الهجمات الليلية اليمنية إلى زيادة الضغط النفسي والشعور بعدم الأمان في الأراضي المحتلة، حتى أن مليوني مستوطن وصهيوني في المناطق الوسطى من الأراضي المحتلة خلال الأسبوعين الأخيرين، خلال الهجمات الأخيرة اليمنية وفي كثير من الأحيان في منتصف الليل، اضطروا إلى الفرار إلى الملاجئ، والمسألة التي ذكرها ليبرمان وزير الحرب السابق هي كما يلي: إلى متى يجب أن نركض إلى الملاجئ؟
بالإضافة إلى حقيقة أن اليمن فرض حصارًا بحريًا على الكيان الصهيوني، فإن هجماته الصاروخية وبالطائرات من دون طيار على أجزاء أخرى من الأراضي المحتلة وجهت ضربات كبيرة للصهاينة وأدت إلى تشكيل انتقادات واسعة النطاق لعدم قدرة حكومة نتنياهو لمواجهة القوات اليمنية.
قصف صاروخي يمني على الأراضي المحتلة
لكن في الأيام الأخيرة نشرت وسائل الإعلام العبرية والغربية العديد من التقارير والأخبار المتعلقة بخطط وبرامج الكيان الصهيوني والولايات المتحدة لمواجهة صنعاء وكبح جماح الشعب اليمني لوقف دعمه لغزة، الأمر الذي ينقسم بشكل عام إلى ثلاثة محاور تتلخص في: اغتيال كبار القادة، والهجوم على المراكز والبنى التحتية الاقتصادية والعسكرية المهمة في اليمن، وتنشيط الجماعات الإرهابية في اليمن، وتنفيذ السيناريو السوري.
اغتيال كبار القادة
أدت الهجمات الناجحة لأنصار الله في اليمن ضد الكيان الصهيوني وعدم قدرة الصهاينة على السيطرة على اليمن إلى إحياء الروح الإرهابية للصهاينة، ولذلك حاول الكيان الصهيوني في الأيام الأخيرة الحصول على معلومات من أجل اغتيال قيادات يمنية، أسوة بهجماته على لبنان.
وفي هذا الصدد، أعلن إسرائيل كاتس، وزير الحرب في الكيان الصهيوني، صراحة في الأيام الأخيرة أن هذا الكيان ينوي استهداف قيادات جماعة أنصار الله في اليمن، وفي هذا الصدد، قال كتس: "مثلما استهدفنا السنوار في غزة وهنية في طهران ونصر الله في بيروت، سنتعامل مع قيادات الحوثيين (أنصار الله) في صنعاء وأجزاء أخرى من اليمن".
وهدد إيلي كوهين، وزير الطاقة في الكيان الصهيوني، علناً باغتيال السيد عبد الملك الحوثي وقال: "أوجه هذه الرسالة إلى زعيم الحوثيين بأنه إذا استمر في تصرفاته، فسيكون مصيره مصير يحيى السنوار وسيعاني كما الزعيم السابق لحركة حماس، والسيد حسن نصر الله، الأمين العام لحركة حزب الله كما نشرت وسائل الإعلام العبرية مقطع فيديو نشرت فيه لائحة القادة اليمنيين الذين تم اغتيالهم على يد الجيش والمؤسسات الأمنية التابعة للكيان الصهيوني".
الكيان الصهيوني لديه حدود بعيدة المسافة في تنفيذ الغارات الجوية على اليمن، ونظراً لبعد اليمن عن الأراضي المحتلة، فإنه لا يمكن تنفيذ هجمات جوية عديدة ومكثفة لمهاجمة اليمن، كما حدث في غزة ولبنان، وبشكل عام، فإن المسافة الكبيرة بين الأراضي المحتلة واليمن، وافتقار الكيان إلى المعلومات المتعلقة بأنصار الله في اليمن، وعدم وجود بنك أهداف متاح، وعدم المعرفة ببنية أنصار الله والمنطقة الخاضعة لسيطرتهم، أدت إلى الهجوم الصهيوني، ولا ينبغي أن تنفتح يد الكيان على اليمن كما حدث في أماكن أخرى.
لكن الصهاينة، على الرغم من القيود المذكورة على تنفيذ الغارات الجوية، يستعدون لهذا الموضوع من أجل استهداف البنى التحتية المهمة في مناطق مختلفة من اليمن خلال عدة هجمات بدعم عسكري من المملكة المتحدة والولايات المتحدة في البحر الأحمر، كما تشير بعض التقارير إلى أن هناك احتمالاً أن يستخدم الجيش الإسرائيلي قواته البحرية لمهاجمة اليمن ومحاولة كسر الحصار البحري.
وبطبيعة الحال، قبل اتخاذ مثل هذا الإجراء، يجب على سلطات الكيان أن تنتبه إلى عواقبه الخطيرة، لأن القادة اليمنيين أعلنوا أنهم قادرون على مهاجمة نقاط حيوية في الأراضي المحتلة، ولذلك أعلن يحيى سريع المتحدث باسم القوات المسلحة اليمنية أنه خلال إحدى الهجمات الأخيرة تم استهداف مطار بن غوريون بصاروخ باليستي فلسطين 2 تفوق سرعته سرعة الصوت، وفي العملية الثانية تعرضت مدينة القدس المحتلة لقصف صاروخي بصاروخ من طراز ذو الفقار.
وفيما يتعلق باحتمال وجود سفن إسرائيلية في البحر الأحمر، ينبغي لقادة الكيان الصهيوني أن يأخذوا في الاعتبار أيضًا أنه من الأسهل بكثير على الجيش اليمني استهداف السفن العسكرية للكيان الصهيوني في البحر الأحمر بدلاً من استهدافها وسط الأراضي المحتلة، لأن قيادات أنصار الله أمامها خيارات مفاجئة يمكنها تغيير معادلات قيادات الكيان الصهيوني.
تفعيل الجماعات الإرهابية في اليمن وتنفيذ السيناريو السوري
وتشير التقارير والتقديرات الأمنية إلى أن الولايات المتحدة وإنجلترا والكيان الصهيوني يحاولون تطبيق نموذج سقوط الحكومة السورية في اليمن، لأن العمليات الجوية غير فعالة في إيقاف اليمنيين، ويقول "عيران أورتال"، جنرال قوات الاحتياط في الكيان الصهيوني، في هذا الصدد: "لا يمكن هزيمة اليمنيين بالضربات الجوية، وهذا يتطلب عمليات برية، وهو ما لا تستطيع إسرائيل القيام به".
وذكرت وسائل إعلام صهيونية أن التحالف السعودي الإماراتي يحاول إعادة تنظيم معارضة أنصار الله في اليمن وإجبارها على تحقيق تقدم بري على غرار ما حدث في سوريا، وحاليا أجزاء من اليمن تقع في أيدي الجماعات الإرهابية المدعومة من الدول الغربية والعربية، ومن الأهداف الرئيسية للأمريكيين هو تفعيل هذه الجماعات من أجل مهاجمة مدن اليمن من أجل جعل الحالة السورية مفعلة في هذا البلد.
كما ردت حركة أنصار الله رسميا على التصرفات الاستفزازية ضد اتفاق وقف إطلاق النار في اليمن من قبل القوات الموالية للتحالف السعودي الإماراتي، وأكدت أنه لا يمكن محاولة تنفيذ التطورات في سوريا في اليمن.
وقال رئيس فريق صنعاء المفاوض محمد عبد السلام، في بيان نشرته شبكة "المسيرة" الإعلامية التابعة للحركة، إن "الوضع في اليمن مختلف تماما عما حدث في سوريا".
وحذر عبد السلام من أن "إشعال أي معركة في اليمن في الوقت الراهن يعني إشعال حرب نارية براً وبحراً وجواً"، وقال: "أمام صنعاء طريق طويل لاستهداف أي مؤيد لهذه الحرب، وأضاف "حركة أنصار الله لن تصمت أمام كل من يدعم المرتزقة والخونة".
وأكد وزير خارجية حكومة الإنقاذ الوطني اليمنية، خلال اللقاء مع المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة جمال أحمد عامر، لهذا البلد: حسب كلام عبدالملك الحوثي زعيم أنصار الله اليمنيين الحركة، تم إنشاء معادلة بسيطة؛ إن نهاية عملية دعم غزة لن تتحقق إلا مع انتهاء التعدي على هذا الحاجز، وأكد عامر: أن "السعودية والإمارات تتخذان إجراءات تهدف إلى إشعال نار الحرب الأهلية، وتكرار السيناريو السوري في اليمن أمر غبي".
مسيرة الشعب اليمني نصرة لغزة
وحسب مصدر ميداني فإن التحالف الغربي العبري العربي يحاول الاشتباك مع أنصار الله داخل اليمن من خلال تفعيل الجبهات البرية، وأخيراً ومع هذا التحدي الجديد سيتم إيقاف عمليات المقاتلين اليمنيين في عمق الأراضي المحتلة والبحر الأحمر، ويمكن للصهاينة الخروج من المأزق.
وأضاف هذا المصدر الميداني: رغم جهود الأمريكيين والكيان الصهيوني فإن الخلافات بين الجماعات المسلحة في المناطق المحتلة باليمن كبيرة جداً، وتخشى بعض الجماعات المسلحة أنه مع بدء الصراع مع أنصار الله بالإضافة إلى ذلك صد الهجمات، ستنفذ عمليات لاستعادة وتطهير المناطق المحتلة وتفقد الموقع الحالي والنقاط المحتلة حيث لم يعد لها مكان في اليمن.
وأشار هذا المصدر الميداني: حالياً، تتمركز القوات اليمنية شمال مدينة تعز، وتدخل المدينة بأقل خطأ من الجانب الآخر، وتدفع المسلحين إلى الخلف في أقصر وقت ممكن، وبلا أدنى شك، وتطهير هذه المنطقة سيكون بمثابة ضربة قوية للتحالف الغربي والعبري والعربي.