الوقت- على مدى أشهر من الحرب التهمت نيران الحرب الصهيونية أطفال غزة من هم دون التاسعة من العمر، حيث تتضاعف أعداد الشهداء من الأطفال في القطاع، كما تتزايد معاناتهم وتتكاثر جراحهم، وفي هذا الشأن أعلنت الأمم المتحدة أن نحو 70% من ضحايا الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة من النساء والأطفال، مشيرةً إلى أن كيان الاحتلال الإسرائيلي لا يسمح بإدخال المساعدات من الأغذية والمياه إلى شمال القطاع التي تحاول إرسالها إلى هناك.
وقالت مفوضية الأمم المتحدة لحقوق الإنسان أمس: إن ما يقرب من 70% من قتلى حرب غزة الذين تحققت منهم هم من النساء والأطفال، ونددت بما وصفته انتهاكاً ممنهجاً للمبادئ الأساسية للقانون الإنساني الدولي.
ويشمل الإحصاء، الذي تجريه الأمم المتحدة منذ بداية الحرب ولا يزال مستمراً، سوى القتلى الذين تمكنت من التحقق منهم من ثلاثة مصادر ما شكل إبادة جيل كامل من الأطفال.
ويعد الأطفال هم الفئة الأكثر تمثيلا من الوفيات التي تم التحقق منها، وتتركز الفئات العمرية الأكثر تمثيلا في الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 5 إلى 9 سنوات، والأطفال من 10 إلى 14 سنة، والرُضَّع، والأطفال من 0 إلى 4 سنوات.
انتهاك ممنهج
ذكرت المفوضية السامية لحقوق الانسان في بيان يرافق تقريراً من 32 صفحة أن هذه النتائج تشير إلى "انتهاك ممنهج للمبادئ الأساسية للقانون الإنساني الدولي بما في ذلك التمييز والتناسب".
وقال المفوض السامي للأمم المتحدة لحقوق الإنسان فولكر تورك: "من الضروري أن تكون هناك محاسبة مستحقة بالنظر إلى الادعاءات بارتكاب انتهاكات خطيرة للقانون الدولي عبر جهات قضائية ذات مصداقية وحيادية، وفي هذه الأثناء، يتم جمع وحفظ جميع المعلومات والأدلة ذات الصلة".
وقال أجيث سونجاي، رئيس مكتب المفوضية في الأراضي الفلسطينية المحتلة، خلال إفادة صحفية في جنيف، إن المفوضية تحققت من الوفيات الواردة في التقرير من ثلاثة مصادر مثل الجيران وأفراد الأسرة والمنظمات غير الحكومية المحلية وسجلات المستشفيات أو موظفي الأمم المتحدة هناك.
وأضاف «الأرقام ضخمة بالطبع مقارنة بالسنوات السابقة، وبالتالي نحتاج إلى وقت للمتابعة والتحقق»، معبراً عن اعتقاده بأن الإحصاء النهائي للأمم المتحدة سيكون مماثلاً على الأرجح للأرقام التي تعلنها السلطات الفلسطينية.
وكشف التقرير أن أصغر قتيل تحقق مراقبو الأمم المتحدة من وفاته كان طفلا يبلغ من العمر يوماً واحداً، فيما كان أكبر قتيل امرأة تبلغ من العمر 97 عاماً.
وبشكل عام، يمثل الأطفال، الذين يبلغون من العمر 18 عاماً أو أقل، 44 بالمئة من القتلى، لكن الفئة العمرية التي سقط منها أكبر عدد من القتلى هي الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 5 و9 سنوات، يليها من تتراوح أعمارهم بين 10 و14 سنة، ثم الأطفال الذين تصل أعمارهم إلى أربع سنوات.
ويعكس هذا بوضوح التركيبة السكانية للمنطقة، والتي جاء في التقرير أنها تعكس تقاعساً واضحاً عن اتخاذ التدابير الاحتياطية اللازمة لتجنب الخسائر في صفوف المدنيين.
وأظهر التقرير أن في 88 بالمئة من الحالات، قُتل 5 أشخاص أو أكثر في الهجوم نفسه وهو ما يشير إلى استخدام القوات الإسرائيلية لأسلحة ذات تأثير على منطقة واسعة.
وفي سياق آخر، قال مكتب الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية إن كيان الاحتلال الإسرائيلي لا يسمح بإدخال المساعدات من الأغذية والمياه إلى شمال غزة التي تحاول الأمم المتحدة إرسالها إلى هناك.
وقالت المتحدثة المساعدة باسم الأمم المتحدة ستيفاني تريمبلاي للصحفيين: إن المساعدات الوحيدة التي سمحت "إسرائيل" بإدخالها منذ بداية هجومها الأخير هناك قبل شهر هي لوازم المستشفيات خلال مهمات الإجلاء الطبي.
وتابعت إن الهجوم يمنع ما يقدر بنحو 75 ألفاً إلى 95 ألف فلسطيني في شمال القطاع من الحصول على المواد الأساسية لبقائهم على قيد الحياة، وأضافت تريمبلاي إن القصف الإسرائيلي والعمليات البرية تحول دون وصول العاملين في المجال الإنساني إلى المحتاجين
بنك أهداف
منذ الأيام الأولى للحرب كانت الطفولة في غزة أحد أهم أهداف الصواريخ الصهيونية، وفي هذا الشأن شارك مغردون فلسطينيون ووسائل إعلام مختلفة صورًا ومقاطع فيديو توثق استهداف جيش الاحتلال الإسرائيلي للأطفال في قطاع غزة، الذي يتعرض للإبادة منذ 14 شهرًا، في محاولة لإيصال رسائلهم وصور معاناتهم للعالم والمنظمات الحقوقية للتحرك لوقف الإبادة التي يتعرضون لها.
وعلى سبيل المثال فقد شارك أحد النشطاء صورة عن استهداف طفل وأوضح عبر حسابه في منصة "إكس" أن هذه الصورة تظهر جنديًا إسرائيليًا يتحكم عن بُعد بطائرة "كوادكوبتر"، قامت بقتل الطفل عبد الرحمن بعد إلقاء قنبلة عليه في حي الشيخ رضوان شمال مدينة غزة.
كما نشر الصحفي الفلسطيني محمد الزعانين في تغريدة عبر موقع إكس صورة لأم ذهبت لشراء ألعاب لطفلها، لكنها عندما عادت وجدته غارقًا في دمائه بفعل استهداف إسرائيلي، وقد فارق الحياة، صدمة لن تفارق الأم، وهي الصدمة ذاتها التي عاشتها عشرات آلاف الأمهات في غزة، في قصة واحدة من القصص المروعة لعمليات قتل الأطفال في غزة.
حرمان من التعليم
إلى جانب القتل يواجه أطفال غزة عاما آخر من الحرمان من التعليم ومستقبلا يكتنفه الغموض حيث لم تسلم المدارس ولا الجامعات من آلة التدمير الصهيونية.
فيما، حذر تقرير جديد لوكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) من أن القصف الجوي الإسرائيلي المستمر والاجتياح البري لغزة قد يؤدي إلى تراجع تعليم الأطفال والشباب لمدة تصل إلى 5 سنوات.
وفي هذا الخصوص أوضح أحمد عايش النجار، مدير العلاقات العامة في وزارة التربية والتعليم في غزة، قوله إن التدمير الواسع والمنهجي للبنية التحتية التعليمية ومقتل الآلاف من الطلاب والمعلمين والكوادر التعليمية "جعل من شبه المستحيل على الوزارة إعادة العملية التعليمية إلى سابق عهدها".
ومع عجز الوزارة عن تنفيذ خطة فعالة للعام الدراسي، فقد تُرك المعلمون في غزة ليحاولوا (من تلقاء أنفسهم) تنظيم برامجهم التعليمية الخاصة بهم، وقد أخذ البعض منهم على عاتقه إنشاء مدارس مؤقتة في الملاجئ والمخيمات في جميع أنحاء القطاع.