الوقت- عام من الحرب الطاحنة كان وقعها على من خلف القضبان الصهيونية أشدّ وطأة على من هم تحت قصف طائرات الصهاينة وصواريخهم وليثبت ذلك وبكل عنجهية وفاشية قام الاحتلال الإسرائيلي في الذكرى الأولى لطوفان الأقصى بنشر مشاهد لتعذيب الأسرى الفلسطينيين بسجن عوفر لتشتيت الأنظار عن هيبته التي مرغها رجال المقاومة بالوحل، الأمر الذي يبرز أهمية تسليط الضوء على المعاناة التي شهدها هؤلاء الأسرى في سجون الاحتلال الصهيوني الفاشي وصمودهم خلال عام كامل من الحرب وتعرية الاحتلال وداعميه أمام الرأي العام العالمي الذي بات اليوم يدرك تماماً وحشية الكيان الغاصب وعدم شرعيته.
من الجدير بالذكر أنه قد تجاوزت حصيلة أعداد المعتقلين الفلسطينيين، منذ ال 7 من أكتوبر/ تشرين الأول 2023 أكثر من 11 ألفا و100 من الضّفة بما فيها القدس، حسب توثيق لنادي الأسير الفلسطيني.
يتفاخرون بوحشيتهم
في نوع من التغطية على فشلهم أمام صمود رجال المقاومة في ميادين القتال بث وزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار بن غفير، على حسابه بمنصة "إكس" زيارته لسجن عوفر الإسرائيلي يظهر فيه تعامل الجنود الإسرائيليين القاسي مع الأسرى الفلسطينيين الذين زعمت السلطات الإسرائيلية أنهم من قوات "النخبة" التابعة لحماس، ويظهر مقطع الفيديو الذي تم بثه، قيام القوات الإسرائيلية باقتحام الزنازين التي يتواجد بها الأسرى الفلسطينيون، واقتادوهم قسرا إلى ساحة السجن الرئيسية، التي كان يوجد بها فراش السجناء ما يظهر المعاملة القاسية وغير الإنسانية التي يتعرض لها الأسرى الفلسطينيون.
ونشرت منظمة "بتسيلم" الحقوقية الإسرائيلية في وقت سابق، تقريرا موسعا عنونته بـ"أهلا بكم في جهنم" في إشارة لما كان يردده سجانون عند وصول الأسرى للسجون، مضيفة إن "السجون تحولت إلى شبكات للتعذيب".
وذكرت أن من أبرز أدوات التعذيب غاز الفلفل، وقنابل الصوت، وعصي وهراوات خشبية وحديدية، وبنادق وأعقابها، وقبضات الخواتم الحديدية، ومسدسات صعق كهربائية، والكلاب والضرب واللكم والركل.
رد حماس
اعتبرت حركة "حماس، أن نشر كيان الاحتلال الإسرائيلي "مشاهد صادمة" لعمليات اعتداء وتنكيل بحق الأسرى الفلسطينيين بالتزامن مع ذكرى معركة "طوفان الأقصى"، هو "محاولة فاشلة لمسح فشل الاحتلال".
وقالت الحركة في بيان: إن "ما تم نشره من مشاهد صادمة وثقت عمليات اعتداء وتنكيل بحق الأسرى الفلسطينيين في سجن عوفر الصهيوني، وبإشراف وأوامر مباشرة من الوزير الإرهابي إيتمار بن غفير، يكشف الوجه الحقيقي الإجرامي لهذا المحتل النازي، وتأكيد مصور لطبيعية الظروف المأساوية التي يعيشها أسرانا داخل السجون".
وأضافت إن "بث هذه المشاهد بالتزامن مع الذكرى السنوية الأولى لمعركة طوفان الأقصى في السابع من أكتوبر، هي محاولة فاشلة لمسح فشل الاحتلال وهيبته التي تهشمت، وذله وانكساره الذي تحقق على أيدي مقاومتنا الباسلة".
وتابعت الحركة: إن "تصاعد عمليات التنكيل بحق الأسرى وحرمانهم من حقوقهم واستمرار الاحتلال في سياساته العدوانية بحقهم، لن يكسر عزمهم وإرادتهم الصلبة، فعتمة السجن سيعقبها فجر الحرية القريب، وشعبنا ومقاومتنا على عهد الوفاء للأسرى البواسل، مهما كلف ذلك من أثمان"، ودعت "العالم الحر والمؤسسات الحقوقية والدولية إلى فضح جرائم العدو الإرهابي النازي بحق أسرانا ورفع دعاوى قضائية ضد قادته القتلة المجرمين على هذه الانتهاكات الفظيعة والتي تتم على مرأى ومسمع العالم أجمع".
كما دعت الحركة "ذوي الأسرى، وكل أبناء شعبنا في الضفة الغربية، إلى تصعيد حراكهم المساند للأسرى الأبطال، وبذل كل ما بوسعهم وفي مختلف الميادين في سبيل دعمهم والانتصار لهم".
قبل وبعد السابع من أكتوبر
لا شك أن الأسرى يمرون بمرحلة خطيرة هي الأسوأ بتاريخ الحركة الوطنية الأسيرة منذ عقود، ويواجهون تهديداً حقيقياً على حياتهم، وقبل السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023 ليس كما بعده بالنسبة لآلاف الأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال الإسرائيلي، الذين قد مورست ضدهم أبشع الجرائم من القتل والإعدام، إلى التعذيب الوحشي والتحرش الجنسي والاغتصاب، وحتى التجويع والحرمان من أبسط حقوقهم الإنسانية.
وحسب نادي الأسير الفلسطيني فإن عدد الشهداء في أوساط الأسرى داخل السجون والمعتقلات بعد اندلاع طوفان الأقصى هو الأعلى تاريخياً منذ عام 1967، ومن بينهم مئات من أسرى قطاع غزة، كما سبق هذه المرحلة تحريض من الحكومة الإسرائيلية ضد الأسرى، وصل إلى حد دعوة الوزير إيتمار بن غفير إلى إعدام الأسرى.
بعد تاريخ ال 7 من أكتوبر/تشرين الأول 2023- اختلفت الأوضاع كليا، وهناك تحولات جذرية لدى المنظومة الإسرائيلية في التعامل مع الأسرى الذين تحولت حياتهم إلى جحيم، ويعيشون واقعاً كارثياً في ظل السلوك العدواني الإسرائيلي الذي يجردهم من كل حقوقهم الإنسانية، ومن مقتنياتهم الخاصة وصورهم وذكرياتهم، ويمارس عمليات تنقل واسعة وقمعية داخل المعتقلات، وقد تعرض الأسرى على مدى عام لهجمة إسرائيلية شرسة من حيث الحرمان من حقوقهم، وتعرضوا للتعذيب والضرب وسياسة التجويع ووقف زيارات المحامين والأهالي واللجنة الدولية للصليب الأحمر، ومنع إدخال الملابس، وقطع المياه والكهرباء عنهم
والأسوأ من ذلك كله تعرض الأسرى لعمليات الاعتداء الوحشي والإهانة وامتهان كرامتهم الإنسانية، وارتفاع وتيرة الضرب والتحرش الجنسي وحتى الاغتصاب، وبشهادات موثقة من أسرى عانوا جراء نزعة الانتقام التي تعرضوا لها من جنود الاحتلال، وهذا ما تسبب في ارتفاع كبير في أعداد الشهداء الذين ارتقوا داخل السجون والمعتقلات، جراء الضرب المبرح والجرائم الطبية والاعتداءات الوحشية، وما يزيد من خطورة هذا الواقع أنه يترافق مع سياسة القتل الطبي وعدم توفير الرعاية الصحية اللازمة، ما أدى إلى ارتفاع كبير في أعداد الأسرى المرضى، وهناك معتقلون بينهم أطفال وأسيرات مصابون بجروح وكسور نتيجة عمليات القمع والتعذيب.
تحريض بن غفير على الأسرى
منذ تولي بن غفير وزارة الأمن الداخلي حول السجون إلى مقابر، وعاش الأسرى على مدى العام الماضي حياة كارثية على كل الصعد، وكل من تعرض للاعتقال بعد هذا التاريخ ناله شكل أو عدة أشكال من التعذيب الممنهج، فالتعذيب لدى الاحتلال هو نظام وسياسة مبرمجة، وحتى من هم معتقلون منذ سنوات وعقود طويلة نالهم التعذيب والحرمان من المنجزات والحقوق التي انتزعتها الحركة الأسيرة عبر سنوات من النضال داخل السجون.
شكلت التعليمات الصادرة عن منظومة الاحتلال من خلال بن غفير تهديداً حقيقيا وخطيرا على حياة الأسرى، وشهدت السجون ارتفاعاً هائلاً في أعداد الأسرى وحالة اكتظاظ شديدة، وحرمان المعتقلين من أبسط حقوقهم.
ويريد بن غفير وحكومته من وراء هذه السياسة تحطيم الأسرى كعنوان للنضال الوطني، ولكن هذه السياسة العنصرية التي تمثل الوجه القبيح للاحتلال تتحطم على صخرة صمود الأسرى، ونرى ذلك بين الأسرى المحررين من السجون الذين رغم آلامهم وأوجاع أجسادهم فإنهم يظهرون معنويات عالية ويؤكدون إيمانهم بحتمية النصر والحرية.