الوقت- منذ أكثر من 22 عاماً والزعيم الفلسطيني مروان البرغوثي يتعرض لألوانٍ مختلفة من التعذيب إلا أن آلة التعذيب الصهيونية ومن بعد عملية طوفان الأقصى أصبحت أكثر وحشية حيث ذكرت صحيفة “الغارديان” في تقريرٍ لها أن القيادي الفلسطيني يقضي أيامه في السجن بزنزانة انفرادية مظلمة وضيقة، ولا وسيلة لديه لمعالجة جراحه وإصابة في الكتف، بعدما جُرّ ويداه مقيّدتان خلف ظهره.
لا شك أن ما يعاني منه الأسير الفلسطيني مروان البرغوثي اليوم هي أفعال انتقامية صهيونية يحاول الكيان الغاصب تعويض انكساره في المعركة بالانتقام وهو يعرف ما يمثله مثل هؤلاء الأسرى في عقول شرفاء العالم كرموز للمقاومة.
وحشية التعذيب
أشارت الصحيفة إلى التعذيب الوحشي الذي يتعرض له الزعيم الفلسطيني حيث نقلت سلطات الاحتلال مروان البرغوثي إلى 3 مرافق احتجاز مختلفة منذ أكتوبر، واحتُجز في كل مرة في الحبس الانفرادي، وفي ديسمبر الماضي تعرض للضرب عدة مرات في سجن أيالون، بما في ذلك حادثة سب فيها الحراس بينما تم سحل البرغوثي على الأرض عارياً أمام سجناء آخرين.
فيما اختفت الكتب والصحف والتليفزيونات التي كان يستطيع الوصول إليها منذ أكتوبر الماضي، كما تهدف الأضواء التي تومض في زنزانته كل مساء إلى جعل النوم شبه مستحيل، وكشف محاميه إيجال دوتان عن أن حالته الجسدية تتدهور، مشيرًا إلى أنه يكافح من أجل الرؤية بعينه اليمنى، نتيجة لأحد الاعتداءات، بالإضافة إلى أنه فقد وزنه ولا يبدو بحالة جيدة، مؤكدًا أنك لن تتعرف عليه إذا قارنت مظهره الحالي بالصور الشهيرة له.
وقال البرغوثي لمحاميه خلال زيارته في مارس، إنه في وقت سابق من ذلك الشهر تم جره إلى منطقة في السجن لا توجد بها كاميرات أمنية وتم الاعتداء عليه، ويتذكر أنه كان ينزف من أنفه عندما تم جره على الأرض من أصفاد يديه، قبل أن يتعرض للضرب حتى يفقد وعيه، وفق “شبكة قدس”.
وأحصى محاميه كدمات في ثلاثة أماكن على الأقل على جسد البرغوثي عندما زاره بعد أسابيع، مضيفًا إنه من المحتمل أن يكون مصابًا بخلع في الكتف بسبب الاعتداء ويعاني من ألم مستمر، لكن مسؤولي السجن رفضوا إجراء فحص طبي كامل لإصاباته.
ونقلت الصحيفة عن تال شتاينر، من المجموعة الحقوقية في اللجنة العامة لمناهضة التعذيب في كيان الاحتلال الإسرائيلي، قولها: "ما تعرض له البرغوثي يرقى إلى مستوى التعذيب، لكن هذا أصبح أمرًا معتادًا في جميع مرافق الاحتجاز منذ الـ 7 من أكتوبر"، مضيفة إن اللجنة جمعت 19 شهادة من الأسرى تشير إلى الاعتداء الجسدي أو الجنسي أو غيرها من أنواع الإذلال بالإضافة إلى الحرمان من النوم والطعام والعلاج.
وتابعت شتاينر للصحيفة: "إذا كانت هذه هي الطريقة التي يسمحون بها لأنفسهم بمعاملة السجناء البارزين مثل البرغوثي، فتخيل ما يفعلونه بالمحتجزين الذين ليس لديهم الصورة نفسها"، واصفة المستوى العام للانتهاكات بأنه "غير مسبوق".
من الجدير بالذكر، أن مصلحة السجون الإسرائيلية اللجنة العامة ضد التعذيب في "إسرائيل" واللجنة الدولية للصليب الأحمر تُمنع من زيارة السجون، منذ تشرين الأول/أكتوبر، وكان فرع “أطباء من أجل حقوق الإنسان” في كيان الاحتلال الإسرائيلي قد وثق 10 وفيات في السجون الإسرائيلية منذ تشرين الأول/أكتوبر، منها خمس حالات حضر أطباء المنظمة عمليات التشريح. وظهر على حالتي تشريح “علامات خطيرة من العنف والضرب”، فيما وجدوا في حالة أخرى أن “سبب الوفاة هو الإهمال الطبي”، وفي أربع حالات جاءت نتيجة الوفاة بسبب الإهمال الطبي القاتل، بما فيها وفاة عرفات حمدان (25 عاماً) الذي كان بحاجة لحقنات الأنسولين لعلاج مرض السكري، ومات بعد يومين من اعتقاله، في تشرين الأول/أكتوبر، ويرسم المحامون وجماعات حقوق السجناء خطًا مباشرًا بين إساءة معاملة الفلسطينيين المحتجزين داخل نظام السجون الإسرائيلي ووزير الأمن القومي اليميني المتطرف إيتمار بن غفير، الذي يشرف عليه ويختار رئيسه الجديد بالإنابة كوبي يعقوبي لموقفه المتشدد.
لماذا يشدد الاحتلال تعذيب البرغوثي ؟
برز اسم مروان البرغوثي المعتقل منذ عام 2002، بشكل متكرر خلال مفاوضات صفقة تبادل الأسرى المتعثرة بين حركة حماس والاحتلال الإسرائيلي، حيث تصر الحركة على إطلاق سراح آلاف الأسرى الفلسطينيين وبينهم عدد كبير من ذوي الأحكام الصعبة، لكن منذ بدء الحرب على غزة، ضاعف الاحتلال أعداد الأسرى في سجونه، لتصل إلى قرابة 9 آلاف أسير وأسيرة إضافة إلى عدد غير معلوم من المخفيين قسريًّا ممن اعتقلوا من داخل قطاع غزة.
وخلال هذه الفترة العصيبة، شن الاحتلال حملة تعذيب وتنكيل بالأسرى، ما أدى إلى مقتل عدد منهم وسط حالة اكتظاظ غير مسبوقة في السجون، كما أفاد معتقلون سابقون عن تعرضهم للضرب والعنف الجسدي بانتظام، إلى جانب الافتقار إلى الرعاية الأساسية، بما في ذلك محدودية الطعام، وعدم إمكانية الحصول على ملابس نظيفة، أو مواد للقراءة، أو بطانيات دافئة، أو منتجات النظافة أو الرعاية الطبية.
وبالنسبة لمروان البرغوثي بما يمثله من رمزية فلسطينية بصفته قائدًا في فتح يعيد إلى أذهان الفلسطينيين ماضي الحركة في مواجهة الاحتلال، ومحركًا محتملًا لتغيير شامل في السلطة الفلسطينية الحالية والشخصية التي يجمع الفلسطينيون عليها أنها فوق الخلافات، والقادرة على توحيد الفصائل المتعددة، من بين الأسرى المستهدفين على وجه الخصوص حيث يسعى الكيان الصهيوني من خلال تشديد التعذيب على هذا المناضل إلى إنهاء حياته تحسباً لأي صفقة تبادل أسرى يمكن أن تجبر الكيان الغاصب على إطلاق سراحه.