الوقت- الاجتماع الوزاري للمجموعة العربية السداسية، الذي عُقِد في العاصمة السعودية الرياض مؤخرا، أكّد على ضرورة إنهاء الحرب في قطاع غزة، ودعا إلى رفع جميع القيود عن دخول المساعدات الإنسانية إلى القطاع، كما أن الاجتماع كان برئاسة وزير الخارجية الأمير فيصل بن فرحان، وبحضور وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي، ووزير الخارجية المصري سامح شكري، ووزير الدولة بوزارة الخارجية القطرية محمد بن عبدالعزيز الخليفي، وأنور قرقاش المستشار الدبلوماسي لرئيس دولة الإمارات، وحضور أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية وزير الشؤون المدنية حسين الشيخ.
المشاركون في الاجتماع ركّزوا على ضرورة الوقف الفوري لإطلاق النار وضمان حماية المدنيين وفقًا للقانون الإنساني الدولي، ورفع جميع القيود التي تعرقل دخول المساعدات الإنسانية إلى القطاع، وأعربوا عن دعمهم الكامل لجميع الجهود المبذولة نحو الاعتراف الدولي بالدولة الفلسطينية المستقلة، بهدف تحقيق تطلعات الشعب الفلسطيني، كما شددوا على أهمية اتخاذ خطوات لا رجعة فيها نحو تنفيذ حل الدولتين، والاعتراف بدولة فلسطين على حدود الرابع من يونيو/حزيران لعام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، ووفقًا للقرارات الدولية ذات الصلة، جرى التشديد على أن قطاع غزة جزء لا يتجزأ من الأرض الفلسطينية المحتلة، وأبدوا رفضهم القاطع لأي محاولات لتهجير الشعب الفلسطيني خارج أرضه، وأي عملية عسكرية في مدينة رفح الفلسطينية.
الاجتماع من ناحية أُخرى، حذر من استمرار الإجراءات الإسرائيلية غير الشرعية في الضفة الغربية والقدس المحتلة، بما في ذلك التوسع الاستيطاني ومصادرة الأراضي والعمليات العسكرية ضد الفلسطينيين، واعتداءات المستوطنين ومحاصرة حرية العبادة للمسلمين والمسيحيين، وفي ظل إعلان الخارجية السعودية أن الرئيس الفلسطيني محمود عباس وصل إلى الرياض للمشاركة في الاجتماع الخاص للمنتدى الاقتصادي العالمي، أشارت تسريبات إلى أن عباس وعددًا من المسؤولين الدوليين سيجرون محادثات تهدف للدفع نحو التوصل إلى اتفاق سلام في غزة على هامش اجتماع المنتدى.
ويأتي ذلك، في ظل استمرار تهديدات كيان الاحتلال الإسرائيليّ بالعمليات العسكرية في رفح، إلى جانب تواصل عدوانها على قطاع غزة منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، وهذا العدوان أسفر عن وفاة عشرات الآلاف وإصابة وفقدان عشرات الآلاف الآخرين، مع استمرار تفاقم الأوضاع الإنسانية المأساوية وانتشار الجوع في القطاع المحاصر، كما أن اللقاء الوزاري للمجموعة العربية السداسية في الرياض يظهر التوجه العربي نحو الدفاع عن قضية فلسطين والتصدي للاعتداءات الإسرائيلية في غزة والضفة الغربية، وهو خطوة إيجابية في إطار التضامن العربي، لكن ينبغي أن يتم انتقاد اللقاء بسبب عدم وجود إجراءات فعلية وملموسة للتعامل مع الأوضاع الراهنة في فلسطين.
وعلى الرغم من مرور أيام قليلة على الحرب في غزة، إلا أن الخطر لا يزال ماثلاً، ولذلك فإن التصريحات واللقاءات الدبلوماسية لا تكفي في مواجهة التحديات الحالية، وتتمتع هذه الدول بالتأثير والقدرة على المساهمة في حل الأزمة الفلسطينية، ولكن يبدو أنها تفضل الاكتفاء بالكلام دون اتخاذ إجراءات فعلية، ولو كانت هذه الدول ترغب حقاً في إظهار قوتها وتصميمها على مواجهة كيان الاحتلال، فعليها أن تقدم حلاً عملياً وفعّالاً يتضمن إجراءات ملموسة مثل فرض عقوبات اقتصادية، وتوفير الدعم العسكري للفلسطينيين، ودعم جهود التسوية السلمية.
وبالتالي، ينبغي على هذه الدول أن تضع الحلول العملية والملموسة على الطاولة بدلاً من الاكتفاء بالبيانات الدبلوماسية، لأن ذلك هو الطريق الوحيد لتحقيق التغيير الحقيقي والمستدام في المنطقة، وبالتأكيد من المهم أيضًا أن يكون هناك التزام حقيقي بتنفيذ القرارات والتوصيات التي تنشأ عن هذه الاجتماعات واللقاءات الدولية، وذلك لضمان أن الكلام لن يبقى مجرد كلام بل سيتحول إلى إجراءات فعالة تحقق النتائج المرجوة.
وعلاوة على ذلك، يجب على هذه الدول أن تتبنى مواقف قوية وواضحة في المحافل الدولية وفي مجلس الأمن الدولي، وأن تضغط بقوة من أجل وقف العدوان الإسرائيلي وتحقيق العدالة للشعب الفلسطيني، ومن الضروري أيضًا أن تكون هناك جهود متكاملة للتعاون الإقليمي والدولي من أجل حل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي على أساس مبادئ القانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية، وبمشاركة شعوب المنطقة وتمثيلها الفعّال، فالكلمات واللقاءات ليست كافية بمفردها، بل يجب أن تتبع بأفعال عملية وملموسة من أجل تحقيق السلام والعدالة في الشرق الأوسط، وهذا يتطلب التزاماً حقيقياً وتعاوناً فعّالاً من جميع الأطراف المعنية.
