الوقت- بوضوح، تحدثت صحيفة عبرية عن تصاعد الخلاف بين رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع يوآف غالانت، وتشير التقارير إلى وجود خلافات قديمة بينهما، إلا أن الوضع اتخذ منحى أكثر تعقيدًا، جاء ذلك بعد إعلان نتنياهو أنه اقترح على وزير الدفاع عقد مؤتمر صحفي مشترك، إلا أن غالانت "اختار ما اختار"، ما يشير إلى تصاعد الخلافات بينهما، وأشارت صحيفة "معاريف" إلى أن رئيس الوزراء قرر عدم مشاركة أعضاء مجلس الحرب، بما في ذلك غالانت ووزير الدفاع بيني غانتس، في الإعلان عن "إنجاز كبير" يتعلق بإعادة المختطفين من قطاع غزة، ولفتت التقارير إلى أنه تم استدعاء وزير الدفاع يوآف غالانت لحضور اجتماع، ومع ذلك، جرى ذلك في الوقت الذي اجتمع فيه مكتبه لعقد مؤتمر صحفي خاص به، حيث قد أُرسلت دعوة لوسائل الإعلام، وأكدت الصحيفة أن الأسابيع الأخيرة شهدت تحديات صعبة وتساؤلات معقدة، حيث اعتمد رئيس الوزراء نتنياهو على دعم ثابت من فريقه، والذين ظهروا كل ليلة، ومن بينهم وزير الدفاع غالانت ووزير الدفاع بيني غانتس، وأكدت الصحيفة أن الانطباع الدائم كان أن الوزيرين البارزين كانا موجودين لتقديم الدعم والوزن والشرعية للمتحدث الرئيسي نتنياهو.
نتنياهو وغانتس في أوج الخلافات
في ختام تقريرها، استنتجت الصحيفة: "لكن في هذه المرة، في اليوم الذي يلي الفشل الكارثي في 7 أكتوبر، جاء رئيس الوزراء ليقدم محتوى مختلفًا تمامًا، لم يكن مجرد ناقل للرسائل والإجابة على الأسئلة الصعبة، بل كان لديه أيضًا أخبار طيبة، وهو أمر لم يحدث منذ ذلك الحين"، وأضافت الصحيفة: "في ذلك اليوم، ردًا على 'اعتداءات إسرائيلية يومية بحق الشعب الفلسطيني ومقدساته'، شنت حركة 'حماس' هجومًا على المستوطنات في جنوب قطاع غزة، ما أسفر عن مقتل 1200 إسرائيلي وإصابة آخرين، وأسرت نحو 239 شخصًا، وتم تبادل العشرات منهم خلال هدنة إنسانية مع الكيان الذي قتل أكثر من 15 ألف شخص وإصابة ثلاثة أضعاف عددهم.
ومنذ السابع من أكتوبر، يشن الجيش الإسرائيلي حربًا مدمرة على قطاع غزة، مع تداول هدنة لمدة سبعة أيام، أسفرت هذه العمليات عن وفاة 15,207 فلسطينيًا وإصابة 40,652 آخرين، مع تسجيل دمار هائل في البنية التحتية ووصفها بأنها "كارثة إنسانية غير مسبوقة"، وفقًا لمصادر رسمية فلسطينية ومنظمات دولية، وأوضحت الصحيفة أن هذا الإنجاز يتمثل في "إطلاق سراح 110 رهائن من غزة كجزء من الصفقة مع حركة حماس"، وفي هذه المرة، قرر رئيس الوزراء نتنياهو عدم مشاركة أعضاء مجلس الوزراء الحربي في هذا الإنجاز الكبير، وبالتالي لم تتم دعوة وزير الدفاع يوآف غالانت ووزير الدفاع بيني غانتس.
و ووفقًا للصحيفة، "زعم مكتب نتنياهو أنه تم بالفعل دعوة غالانت وتم تسليم الدعوة إلى مكتبه"، ورأت الصحيفة أن "الاختلاف بين روايات المكتبين يشير إلى الفجوة القائمة بين نتنياهو وغالانت، والتي نشأت قبل وقت طويل من السابع من أكتوبر وتزايدت مع مرور الوقت"، وفي أكتوبر الماضي، حمّل رئيس الوزراء نتنياهو في تغريدة الجيش وأجهزة المخابرات مسؤولية عدم توقع هجوم "حماس" في السابع من ذلك الشهر، لكنه قام بحذف التغريدة لاحقًا واعتذر عن الأمر، وذلك تحت وطأة الانتقادات الواردة من داخل الحكومة وخارجها، وقد كشفت صحيفة "يديعوت أحرونوت" قبل ذلك بأيام عن وجود خلافات بين رئيس الوزراء نتنياهو وكبار المسؤولين في الجيش بشأن التقييمات والخطط والقرارات، وبالنسبة لبداية هذه الخلافات بين نتنياهو وغالانت، قالت الصحيفة إن الصدع بينهما "نشأ خلال تمرير خطة الحكومة لما يُسمى الإصلاح القانوني، حيث اشتبه نتنياهو وحاشيته بغالانت كمعارض للخطة، وبرزت الادعاءات في نقاشات الدائرة الأقرب لرئيس الوزراء بأن وزير الدفاع يقف إلى جانب الجيش والمعارضين أكثر من مرة".
ومنذ ذلك الوقت، ازداد الوضع سوءًا قبل أحداث 7 أكتوبر بقليل، واليوم، لا يستطيع أحد التنبؤ بالمستقبل، لا في ميدان المعركة، ولا في المجال السياسي، ومن المحتمل أن يحتفظ وزير الدفاع بمنصبه في اليوم التالي (بعد الحرب)، ومن المحتمل ألا ينجو أحد من قادة الكيان من كارثة 7 أكتوبر، وتسود توقعات في "إسرائيل" بأن تحقيقات مرتقبة بشأن المسؤولية عن الفشل في مواجهة أحداث 7 أكتوبر ستطيح بحكومة نتنياهو، التي تتولى السلطة منذ نحو عام، وتقود إلى إجراء انتخابات مبكرة، وختمت الصحيفة بأنه "حتى يتضح الوضع ويأتي اليوم التالي، سيواصل مسؤولان كبيران يرتديان الأسود ثنائيتهما الغريبة وهي: قيادة الحرب بينما يواجهان صراعًا داخليًا صعبًا".
وفي 26 مارس/آذار 2023، أعلن مكتب نتنياهو إقالة غالانت من منصبه؛ على خلفية تصريحات للأخير طالب فيها بوقف التعديلات القضائية التي طرحتها الحكومة، والتي أدت إلى خروج تظاهرات ضخمة في البلاد على اعتبار أنها تحد من صلاحيات المحكمة العليا في مراقبة السلطتين التنفيذية والتشريعية، لكن نتنياهو تراجع، وأعلن في 10 أبريل/نيسان الماضي الإبقاء على غالانت في منصبه، وقالت صحيفة عبرية إن الخلاف بين رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع يوآف غالانت تصاعد، حيث تشير الصحيفة إلى وجود خلافات قديمة بينهما، ولكن تعمقت الخلافات بشكل كبير.
توترات مستقبلية
في أكتوبر الماضي، أعلنت "إسرائيل" بدء المرحلة الثانية من ما وصفتها بـ "حرب طويلة وصعبة مع حماس" شملت هذه المرحلة توغلات برية في قطاع غزة، وكانت مصحوبة بغارات جوية مكثفة، وبعد طوفان الأقصى، بدأ الإسرائيليون في تغيير إدراكهم، حيث بدؤوا في الاعتقاد بأن دولتهم تقوم بعمليات تدميرية ذات طابع ذاتي نتيجة للسياسات القمعية والتمييز التي تطبقها حكومتهم ضد الفلسطينيين والمواطنين العرب في فلسطين، وتزايدت الاتهامات الدولية الموجهة ل"إسرائيل" بارتكاب أعمال تمييز عنصري واضطهاد ضد الفلسطينيين والأقليات العربية في الأراضي الفلسطينية المحتلة، وتم وصف سلوك "إسرائيل" بأنه "أبارتهايد" أو فصل عنصري.
وعلى الرغم من محاولات "إسرائيل" للدفاع عن سياستها وتبريرها، إلا أن هذه الاتهامات تثير قلقًا متزايدًا بشأن تصاعد العنف والاضطهاد الوحشي الذي يتعرض له الفلسطينيون، يستمر العدو الصهيوني في ارتكاب أعمال عدائية وجرائم بشعة ضد الفلسطينيين، ما يعزز من القلق بشأن تصاعد العنف والاضطهاد الذي يتعرضون له، كما تبنت تل أبيب منهجًا عنصريًا تجاه الفلسطينيين، وشهدنا المجازر الأخيرة في غزة، ما يزيد من الاتهامات الموجهة إليها بممارسة العنصرية في الأراضي الفلسطينية وضد المواطنين العرب، وهذا يتسبب في زيادة الضغط على "إسرائيل" وكشف المزيد من جرائم الفصل العنصري والاضطهاد.
كثيرون استخدموا المقارنة بين السياسات الإسرائيلية وألمانيا النازية، لأن تاريخ النازية يعتبر فصلاً مظلمًا في تاريخ الإنسانية، حيث ارتكبت العديد من الجرائم ضد الإنسانية، بما في ذلك الإبادة الجماعية، وهذا تماما ما تقوم به الآلة العسكرية للكيان بحق الأبرياء، فالوضع الذي تصفه يظهر التحديات الكبيرة التي تواجهها "إسرائيل" في السياق الإقليمي والداخلي، ويشير التوتر السياسي والاجتماعي إلى الانقسامات العميقة داخل المجتمع الإسرائيلي، وهو ما قد يؤثر على الاستقرار الداخلي للكيان، ومناخ التوترات السياسية والاجتماعية قد يعزز الانقسامات ويؤدي إلى تصاعد التوترات.
