الوقت - تسير العلاقات الإيرانية السعودية على طريق التطور بعد التطبيع مطلع العام الجاري، ويمكن رؤية أحدث زيادة في التعاون بين إيران والسعودية، في التصريح الافتراضي للسفير الإيراني في الرياض.
حيث كتب "علي رضا عنايتي"، سفير إيران لدى السعودية، عن ذلك على صفحة X الاجتماعية: "التقيت مع الأمير عبد العزيز بن سعود بن نايف وزير الداخلية السعودي، وتم خلال هذا اللقاء التأكيد على اتجاه توسيع العلاقات بين البلدين في المجالات الأمنية وإنفاذ القانون، بما في ذلك مختلف أبعاد التعاون الثنائي وتفعيل لجان حرس الحدود ومكافحة المخدرات، وغيرها من اللجان الفرعية".
بشكل عام، تشمل مجالات العلاقات بين إيران والسعودية أقساماً مختلفةً، يمكن الوقوف على كل منها في مكانه، في هذا التقرير، ألقينا نظرةً على إمكانات تطوير العلاقات الإيرانية السعودية في مختلف القطاعات.
الأمن، الأهمية الأولى
لا شك أن مسألة الأمن الإقليمي بالنسبة لإيران والسعودية، تعتبر أهم مجالات التعاون بين الجانبين.
منذ الانسحاب المفاجئ للولايات المتحدة من أفغانستان، تراجعت ثقة الشركاء العرب للغرب، وخاصةً السعودية، تجاه التعاون الاستراتيجي مع الولايات المتحدة.
بالنسبة للدول العربية، لا يمكن الاعتماد على أمريكا والشركاء الغربيين الآخرين، ولذلك، فإن الدول الخليجية، وخاصةً السعودية، كانت تميل خلال السنوات القليلة الماضية نحو الكتل غير الغربية مثل الصين وروسيا.
ويعدّ تعاون السعودية النفطي مع الصين، والتعاون العسكري والأمني مع روسيا، من أهم السبل لتغيير اتجاه السعوديين من الغرب، في هذه الأثناء، ومع توسع العلاقات مع الصين وروسيا، كان من الطبيعي أن يتجه السعوديون نحو توسيع العلاقات مع إيران، وقد تم تطبيع العلاقات بين الرياض وطهران مطلع العام الجاري بوساطة بكين، بناءً علی هذه الظروف.
ومن ناحية أخرى، يحاول السعوديون تطوير العلاقات الأمنية مع طهران، لضمان عدم تشكيل البلدين أي تهديد لبعضهما البعض في خضم التطورات في المنطقة.
الميزة الاقتصادية للعلاقات بين طهران والرياض
إن توسيع العلاقات بين طهران والرياض، له فوائد اقتصادية لكلا الجانبين، بالنظر إلى الظروف المناخية للسعودية، تعدّ المنتجات الغذائية والزراعية الإيرانية، إلى جانب الفولاذ، من بين الخيارات الرئيسية التي يمكن أن تساعد في تطوير العلاقات الاقتصادية بين البلدين.
وفيما يتعلق بالقضايا الاقتصادية والتجارية، فإن أحد المجالات الرئيسية لفرص التعاون بين السعودية وإيران، هو الاستثمار في قطاع الطاقة الإيراني، وقد يؤدي هذا الأمر إلى تعاون أكبر بين إيران ومنظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك)، حيث تدرك الدول الأعضاء في المنظمة أنه في بعض الأحيان تكون هناك حاجة إلى حلول وسط للتوصل إلى الإجماع.
وفي هذا الوضع، وبالنظر إلى الاحتياطيات الضخمة من النفط والغاز، فإن الهدف الأهم لإيران هو استعادة مكانتها في أوبك، لأن المستوى الحالي لصادرات النفط لا يتوافق مع معايير هذا البلد.
وعلى الرغم من التحديات، يمتلك كلا البلدين احتياطيات كبيرة من النفط والغاز، ويمكنهما الاستفادة من الاستثمار المشترك والشراكة، وإضافة إلى ذلك، فإن زيادة الاستثمار في صناعة النفط الإيرانية - بما في ذلك استكشاف وتطوير واستغلال حقول النفط والغاز - أمر مهم، بالنظر إلی أن متوسط عمر البنية التحتية النفطية في إيران مرتفع، وأن حقول النفط الرئيسية تدخل النصف الثاني من عمرها الاقتصادي.
وبطبيعة الحال، إذا استمرت العقوبات على إيران، فقد تكون السعودية مهتمةً بشراء بعض المنتجات البتروكيماوية الإيرانية، بحيث تقوم بشراء المنتجات البتروكيماوية الأولية من هناك وتحويلها إلى منتجات نهائية وبيعها في السوق.
ويمكن للدخل من هذه المبيعات، أن يغطي بعض المدفوعات المباشرة المتأخرة المستحقة على إيران، وعلى أي حال، يتيح ارتفاع أسعار النفط للمملكة العربية السعودية، المضي قدماً في خططها التنموية الاقتصادية.
الممرات الدولية
في الوقت الحاضر، لدى السعودية وحدها تجارة تبلغ قيمتها نحو 1.6 مليار دولار مع روسيا، ويعتبر طريق إيران من أفضل الطرق الملائمة لمرور هذه البضائع، كما يمكن للبلدين لعب دور مركز عبور لدول المنطقة، وزيادة هذا التعاون اللوجستي.
وتعدّ شحنة العبور الأخيرة بين روسيا والسعودية عبر إيران، مثالاً على هذا التعاون في مجال العبور، حيث وصلت حمولة الحاويات المذكورة إلى "ميناء عباس" عن طريق السكك الحديدية من معبر "إينتشة برون" الإيراني، وتم إرسالها إلى السعودية عن طريق النقل البحري، ويمكن اعتبار هذا الإجراء مثالاً ناجحاً للتعاون المشترك في مجال النقل بين إيران والسعودية.
الحج محور التعاون
على الرغم من أن الأمن والاقتصاد مجالان مهمان لنتائج التعاون الإيراني السعودي، إلا أن الحج هو المحور الرئيسي لاستمرار العلاقات الإيرانية السعودية.
حيث ناقش رئيس منظمة الحج والزيارة الإيرانية وسفير السعودية لدى إيران، أمس، مسألة استئناف إرسال الحجاج الإيرانيين للعمرة، فضلاً عن تسهيل سفر الحج، وتم التوقيع على اتفاقيات أيضًا.
حتى في فترة قطع العلاقة بين إيران والسعودية، كانت دبلوماسية الحج هي القناة المرغوبة الوحيدة للدبلوماسية والتفاوض بين إيران والسعودية، من أجل حل التوترات بين البلدين.
والآن، في فترة توسيع العلاقات، زاد التعاون في مجال الحج والسياحة، كما أتاحت إيران أيضًا الفرصة للزوار والسياح السعوديين للسفر إلى مدن مختلفة في إيران.