الوقت- اعتاد العالم جرائم الاحتلال الصهيوني بحق الشعب الفلسطيني منذ75 عاماً، لكن جرائمهم أخذت تطال حرمة الموت، نعم فالاحتلال لم يحترم يوما حرمة الأحياء لكي يحترم حرمة الأموات!
مع تصاعد الأحداث الأخيرة في غزة وارتفاع عدد الشهداء الفلسطينيين كل دقيقة، عاد الجدل حول قضية سرقة قوات الاحتلال الإسرائيلي لجلد الشهداء وأعضائهم، على ما يبدو هناك سبب سياسي لعودة الحديث عن “جرائم” بنك الجلد، حيث تشير بعض المعلومات إلى المفاوضات الجارية حاليا بشأن ملف الأسرى الفلسطينيين، وتشمل الأحياء منهم والرفات، في مقابل الإفراج عن الأسرى لدى المقاومة، ومنهم عدد من الأجانب والإسرائيليين مزدوجي الجنسية المنتمين لثلاثين جنسية حسب صحيفة “وول ستريت جورنال”، ورجح موقع راديو كندا بالفرنسية أن الاحتلال غير قادر على تسليم رفات الفلسطينيين لوجود شكوك حول “سرقة جلودهم” وأعضائهم!!
كيان الاحتلال يمتلك أكبر بنك للجلود البشرية المسروقة في العالم
نعم يمتلك كيان الاحتلال أكبر بنك جلود في العالم، وهو منشأة طبية تخزن الجلود البشرية، لاستعمالها لاحقاً في معالجة الحروق والسرطانات الجلدية، وجرى تشييد هذا البنك في عام 1986، بإشراف من قطاع الطب العسكري التابع للجيش الإسرائيلي، ويقدم خدماته على مستوى دولي، وخاصة طلبات الدول الغربية.
بالمقابل، يختلف هذا البنك الإسرائيلي عن باقي البنوك حول العالم، بأن مخزوناته من هذه الأعضاء الحيوية لا تأتي من متبرعين طوعيين فقط، بل سجلت عمليات سرقة جلود من جثث شهداء فلسطينيين، وهم الذين تُسرَق أعضاؤهم أيضاً، في إحدى الجرائم البشعة التي تنفذها السلطات الإسرائيلية في حق الشعب الفلسطيني، والتي ظلت لوقت طويل طي الكتمان.
وأكد عدد من التقارير سرقة الجيش والسلطات الطبية الإسرائيلية أعضاء الفلسطينيين، كما أثبتت شهادات لأطباء شاركوا في العملية وقوع تلك الجريمة، وبالإضافة إلى هذا، هناك أدلة على متاجرة الإسرائيليين بهذه الأعضاء المسروقة، إذ تعد البلاد أكبر سوق للأعضاء بالشرق الأوسط.
تشير تقارير إلى وقوع خلافات داخل الكيان المحتل والمحيطة بـ”حصاد الأعضاء” والتي يرجح أنها وراء تفجير هذا الملف السري بين الحين والآخر، وتفجير الخلافات بين “تجار الأعضاء البشرية” يعود إلى العام 1999 عندما اعترف رئيس معهد الطب العدلي الإسرائيلي السابق، يهودا هيس، أنه تم انتزاع أعضاء بشرية وأنسجة وجلد من جثامين الشهداء الفلسطينيين، دون علم أو موافقة ذويهم في الفترة بين 1987 و1990 خلال الانتفاضة الفلسطينية الأولى.
من أين أتت "إسرائيل" بهذا الاحتياطي الكبير من الجلد البشري؟
كانت مديرة بنك الجلد قد اعترفت بنفسها حول وجود احتياطي من الجلد البشري يصل إلى 170 مترًا مربعًا، هذا الرقم الضخم للاحتياطي يجعل دولة الاحتلال في الترتيب الأول عالميا، قبل حتى الولايات المتحدة الأمريكية التي سبقتها بأربعين عاما في إنشاء بنك الجلد، مع الفرق الكبير بينهما في عدد السكان والمتبرعين، وإذا لم يكن الإسرائيليون حريصين على التبرع، فكيف انتهى بهم الأمر إلى إنشاء أكبر بنك للجلد في العالم، بالنظر لحداثة إنشائه وكذلك امتناع اليهود عن التبرع بالأعضاء لاعتقادهم أن الديانة اليهودية تحرم ذلك؟!
يتاجرون بأعضاء الشهداء الفلسطينيين
تعدّ "إسرائيل" أحد أكبر أسواق الإتجار في الأعضاء البشرية في العالم، والأكبر في منطقة الشرق الأوسط، وكشفت تقارير إعلامية عن أن "الدولة العبرية" متورطة في قتل الفلسطينيين بهدف سرقة أعضائهم الداخلية والاستفادة منها بشكل غير قانوني والمتاجرة بها ضمن شبكة دولية غير قانونية.
عام 2009، ألقى مكتب التحقيقات الفيدرالي الأمريكي (FBI) القبض على مستوطن إسرائيلي يدعى ليفي إسحاق روزنباوم، اتضح بعد التحقيق معه أنه يؤدي دور السمسار في عمليات بيع الأعضاء في الولايات المتحدة لمصلحة خلية إجرامية يديرها حاخامات وسياسيون وموظفون حكوميون في "إسرائيل".
ويرجح الصحفي دونالد بوستروم، في تحقيقه المذكور، ارتباط هذه الشبكة بعمليات سرقة أعضاء الشهداء الفلسطينيين التي تجري في "إسرائيل". وقال بوستروم: "إن نصف الكلى المزروعة للإسرائيليين منذ بداية العقد الأول من القرن الحادي والعشرين جرى شراؤها بشكل غير قانوني. ولدى السلطات الصحية الإسرائيلية المعرفة الكاملة بهذا العمل، لكنها لا تفعل شيئاً لوقفه".
وفي تقرير نشرته صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية عام 2016، اعترفت "إسرائيل" بأنها فقدت العشرات من جثث الشهداء الفلسطينيين، ونقلت الصحيفة تصريحات لمصادر في الجهازين القضائي والأمني الإسرائيلي عن فقدان 121 جثة لشهداء تحتجزهم سلطات الاحتلال منذ التسعينيات.
اعترافات صهيونية بسرقة الأعضاء من الفلسطينيين
بثت القناة الثانية الإسرائيلية فيلماً وثائقيا لمدير معهد التشريح أبو كبير يهودا هيس يؤكد انه في سنوات التسعينات كانت كل جثة تصل إلى المعهد تنتزع من ظهر صاحبها، ودون موافقة مسبقة من عائلته، رقعة جلدية تؤخذ إلى بنك الجلد في مستشفى هداسا في القدس الغربية حيث يتم تحويلها لجنود في جيش الاحتلال تعرضوا لإصابة او حروق، إضافة إلى نزع قرنيات من عيون الجثث.
وفي دراستها عن التعامل مع أجساد الفلسطينيين في مركز «أبو كبير» للطب الشرعي في «تل أبيب»، والتي نشرتها في كتاب بعنوان «على جثثهم»، قالت الباحثة الأنثروبولوجية مئيره فايس إنّها شاهدت أثناء وجودها في المعهد «كيف يأخذون أعضاء من جسد الفلسطينيين، وفي المقابل، يتركون جثث الجنود سليمة.
وأضافت الباحثة: «إنهم يأخذون القرنيات والجلد وصمامات القلب بشكل يجعل غياب تلك الأعضاء لا يلاحظه غير المتخصصين، إذ يعوضون القرنيات بأجسام بلاستيكية وينزعون الجلد من الخلف كي لا تراه الأسرة (أسرة الشهيد).
كيان الاحتلال يمنع أهالي الشهداء من تشريح جثث أبنائهم
في الواقع، لم تشرح السلطات الفلسطينية، سواء في قطاع غزة أو الضفة الغربية جثمان أي قتيل سلمته "إسرائيل" بعد احتجازه، لأن سلطات الاحتلال تقوم بتجميد الجثامين إلى ما دون 40 درجة تحت الصفر و لا يمكن القيام بإجراءات طبية شرعية إلا بعد تفكك التجمد، وهذا يحتاج على الأقل إلى ما بين 24 و48 ساعة حيث تفرض سلطات الاحتلال شروطاً صعبة لآليات التسليم والدفن، وحسب اللجنة الوطنية لاسترداد جثامين الشهداء، ووزارة الصحة الفلسطينية، وعائلات القتلى، ومؤسسات حقوق الإنسان العاملة في الأراضي الفلسطينية، ومنظمة "بتسليم" الحقوقية الإسرائيلية، فإن "إسرائيل" تشترط على عائلة القتيل عدم تشريح الجثة، ودفن الجثمان في الليلة ذاتها التي يتم تسلمه فيها، ويكون ذلك بحضور عدد محدود من أقارب القتيل ويجري تحديدهم مسبقاً، وتفرض غرامات مالية على مخالفين تقدر بقيمة 13 ألف دولار أمريكي في حال جرى التشريح، وأكثر من خمسة آلاف دولار في حال تأخير عملية الدفن.
اللقاء الأول بين الطبيب الإسرائيلي و الأسير لتمييز نقاط الضعف
حسب تقارير لأسرى فلسطينيين يستخدم الاحتلال اللقاء الأول بين الأسير الفلسطيني والطبيب لتمييز نقاط الضعف الجسدي، بحيث يدركها جهاز التحقيق ويستغلها بالتعذيب الجسدي أو النفسي، إن الطبيب الإسرائيلي يشرف على تعذيب المعتقلين، إذ يقدم للمحققين بشكل مستمر موجزًا عن الحالة الصحية للمعتقل مفادها منحهم الضوء الأخضر لاستكمال التحقيق ما لم يشارف المعتقل على الموت، وبغض النظر عن خوضه لإضراب عن الطعام أو حرمانه من النوم لأيام متواصلة أو كسر أضلاع قفصه الصدري.
حتى اليوم، لم يُتّخذ أي إجراء جنائي أو قضائي بحق الاتهامات الموجهة ضد أطباء كيان الاحتلال، بما فيها 1200 شكوى تعذيب وصلت اللجنة العامة لمناهضة التعذيب في «إسرائيل»، وذلك لعدم وجود أدلة كافية أو لتبريرها بالضرورة الأمنية.