الوقت- من المهم أن نلقي الضوء على جوانب مختلفة للأحداث الجارية، حيث يبذل الغرب جهداً كبيراً للتحقق من ملابسات حادثة مستشفى الأهلي، التي أسفرت عن وفاة العديد من الأبرياء، بما في ذلك الأطفال والنساء.
تقدمت صحيفة "نيويورك تايمز" بأدلة توثق مسار الصاروخ الذي أصاب المستشفى، ما أثار تساؤلات حول المسؤولية، علاوة على ذلك، تناقش الدول الغربية في إطار النقاش العالمي حول الصراع الحالي في المنطقة وتسعى إلى إيجاد حل دبلوماسي للأوضاع الصعبة.
إن الحفاظ على النقاش والتحقق من الأحداث بدقة هو جزء مهم من العمل الصحفي لفهم السياق بشكل أفضل.
والنزاع الإسرائيلي الفلسطيني تاريخيًا شهد تصاعدًا في العنف وانتهاكات حقوق الإنسان من جميع الأطراف، ومنظمات حقوق الإنسان مثل "هيومن رايتس ووتش" قد سجلت تقارير توثق انتهاكات وجرائم ضد الأطفال الفلسطينيين وغيرهم من المدنيين.
صفعة لأجهزة المخابرات الأمريكية والغربية
البداية كانت عندما أبدى الرئيس جو بايدن استفسارًا حول هوية الجهة المسؤولة عن قصف المستشفى الأهلي في قطاع غزة، الذي أسفر عن وفاة 476 شخصًا، معظمهم من الأطفال والنساء.
فيما بعد، أبدى الرئيس بنشوة أمس شكوكًا بشأن دقة الأرقام المتعلقة بضحايا القصف الإسرائيلي الذي كان مدمرًا، إضافة إلى ذلك، دعمت دول كبرى مثل فرنسا، بريطانيا، ألمانيا، وكندا تصريحات الرئيس الأمريكي على مستوى متنوع.
وإذا كانت تصريحات الرئيس بايدن تهدف إلى منع محاكمة "إسرائيل" أمام المحكمة الجنائية الدولية بطابعها السياسي، فإن هناك مخاوف متزايدة تجاه دور محتمل للصين وروسيا وبعض الدول العربية في هذا السياق.
وعلى الرغم من شهرة أجهزة المخابرات الغربية، بما في ذلك الأمريكية والفرنسية والكندية والألمانية، إلا أنها لم تتمكن حتى الآن من تقديم أدلة قاطعة تدعم الرواية المزعومة حول المسؤولية لجماعة الجهاد الإسلامي في الهجوم على المستشفى.
وتظل هذه القضية محل اهتمام وتضليل دولي كبير والتحقيق الشفاف للحقائق يبقى ضروريًا لكشف مدى الجرائم الإسرائيلية.
صحيفة "نيويورك تايمز" نشرت تقريرًا مؤخرا يكشف عن تشكيكها في الادعاءات الغربية، بما في ذلك تلك التي صدرت عن البيت الأبيض ولندن وباريس وبرلين، حيث اعتمدت على تحليل علمي لأشرطة فيديو، بما في ذلك من الجزيرة، لتقديم حجج قوية تدحض الرواية الغربية بشأن الصاروخ وتضع شكوكًا حول مسؤولية "إسرائيل".
ومن خلال فحص شامل لمسار الصواريخ واتجاهاتها في الجوار القريب من المستشفى خلال الهجوم، لم تترك الصحيفة مجالاً لأدلة ضعيفة تبرئ تل أبيب من المسؤولية، وهذا يبرز أهمية التحقق الشامل والشفاف من الحقائق المحيطة بهذه الحادثة المعقدة.
وتقرير الصحيفة كشف أن التحليل البصري المفصل أظهر أن مقطع الفيديو الذي تم الاستشهاد به، والذي يعود لليلة التي شهدت القصف في الـ17 من أكتوبر، يعرض مشاهد مختلفة عما ادعي. وبناءً على هذا التحليل، يُظهر أن الصاروخ الذي يظهر في الفيديو ليس السبب الرئيسي وراء الهجوم على المستشفى، بل انفجر في السماء على بعد ميلين تقريباً من المكان، وهذا يسلط الضوء على أهمية إجراء تحقيق دقيق ومحايد لتحديد مسؤولية هذا الحادث الذي أودى بحياة العديد من المدنيين الفلسطينيين.
الكيان هو المجرم
تقرير "نيويورك تايمز" يشير بوضوح إلى أن نتائج التحليل البصري الذي أجرته لا توضح بدقة السبب الفعلي ومن المسؤول عن ما جرى في المستشفى الأهلي، ومع ذلك، فإن تحليلها يلقي شكوكًا كبيرة على صحة أحد الأدلة الرئيسية التي استند إليها المسؤولون الإسرائيليون لتبرئة قضيتهم وتقديم سرد الأحداث. تظهر مقاطع الفيديو التي جمعتها وحللتها الصحيفة أن القصف الإسرائيلي قد حدث، وتظهر انفجارين بالقرب من المستشفى في غضون دقيقتين من بداية القصف، هذا يجعل توجيه الضوء نحو تحقيق مستقل لتحديد المسؤوليات في هذا الحادث أمرًا ملحًا.
وبعد أسبوع من حادثة المستشفى، لا تزال هناك العديد من الأسئلة المتعلقة بهذا الحدث دون جواب بشكل نهائي.
يظهر أن المستشفى لم يتعرض لضرب مباشر، وبغض النظر عن سبب الانفجار، فإنه أثر بشدة على فناء المستشفى حيث كان الناس يبحثون عن مأوى، وأثر على السيارات المتوقفة أيضًا، وبالنسبة لتفسيرات الفيديو، فقد أشار متحدث باسم مكتب مدير المخابرات الوطنية الأمريكية إلى وجود تفسيرات متنوعة بين الصحيفة ووكالات الاستخبارات الأمريكية بخصوص الفيديو، ما يظهر التعقيد والحاجة إلى التحقيقات الدقيقة لتفسير ما جرى في المستشفى.
كذلك، يشير تقرير "نيويورك تايمز" إلى أن مسؤولين إسرائيليين استشهدوا بفيديو بثته شبكة الجزيرة الإعلامية في مقابلات إعلامية ووسائل التواصل الاجتماعي.
وأظهر الجيش الإسرائيلي هذا الفيديو ثلاث مرات على منصة "إكس"، محددين الجسم الجوي المتحرك على أنه صاروخ موجه تم توجيهه نحو "إسرائيل" وانفجر عن طريق الخطأ.
وهذه الادعاءات تشكل جزءًا من الرواية الإسرائيلية بشأن الحادث، ولكن تقرير الصحيفة يسلط الضوء على الاحتياطات المطلوبة لتحقيق شفاف ودقيق يمكن أن يلقي الضوء على ما حدث بالضبط.
من ناحية أخرى، تتحدث المعلومات أن العديد من وسائل الإعلام عرضت الفيديو واستندت إليه كدليل على أن صاروخًا فلسطينيًا ضرب المستشفى.
ومع ذلك، أوضح التقرير أن الصاروخ الذي ظهر في الفيديو لم يكن قريبًا من المستشفى، وتم إطلاقه من "إسرائيل" بدلاً من غزة، وبدا أنه انفجر فوق الحدود بين الأراضي الفلسطينية وغزة على بعد ميلين على الأقل من المستشفى، وهذا يشير إلى أهمية إجراء تحقيق مستقل ودقيق لتحديد ملابسات الحادث بشكل دقيق وموثوق.
تقرير "نيويورك تايمز" أوضح أنه من أجل تتبع حركة الجسم في السماء ومعرفة مساره إلى الأراضي الإسرائيلية، قامت الصحيفة بمزامنة لقطات قناة الجزيرة مع خمس مقاطع فيديو أخرى تم تصويرها في الوقت نفسه، وشملت هذه المقاطع لقطات من القناة الإسرائيلية رقم 12 وكاميرا الدوائر التلفزيونية المغلقة في تل أبيب، هذا التحليل الدقيق يساعد في تقديم رؤية أوضح حول ملابسات الحادث.
وتم عرض الصاروخ في مقاطع الفيديو المختلفة من مختلف الاتجاهات، بما في ذلك من الشمال والجنوب والشرق والغرب، باستخدام صور الأقمار الصناعية لتحديد موقع إطلاق الصاروخ في مقاطع الفيديو هذه، وتم تحديد أن الصاروخ أُطلق باتجاه غزة من منطقة قريبة من بلدة ناحال عوز الإسرائيلية قبل وقت قصير من انفجار المستشفى الذي أسفر عن الكثير من الضحايا، ويبدو أن النتائج التي وصلت إليها الصحيفة تتفق مع نتائج بعض الباحثين عبر الإنترنت، وهذا التحليل متعدد الزوايا يلعب دورًا مهمًا في توجيه التحقيقات وتحديد ملابسات الحادث بشكل دقيق.