الوقت - حققت الحرب الشاملة بين المقاومة في قطاع غزة والكيان الصهيوني، مرةً أخرى انتصاراً كبيراً للشعب الفلسطيني، وعملية طوفان الأقصى في اليوم الرابع منذ بدايتها، والتي خلفت خسائر فادحة لدی الصهاينة، إضافة إلی أسر المئات من الإسرائيليين، واستمرار الوجود القوي للمقاومين في المستوطنات المحتلة، أعطى حماس نجاحات ميدانية مذهلة وغير متوقعة خلال هذه الفترة القصيرة.
في المقابل، فإن قادة الکيان الصهيوني، الذين لم يتعافوا بعد من الضربة الأولية المفاجئة، ولم يتمكن الجيش الصهيوني من استعادة المبادرة في ساحة المعركة بعد مرور أربعة أيام، كما هو ديدنهم فقد اعتمدوا مثل العقود الماضية الطريقة الأسهل والأكثر جبناً للتعويض عن الفشل، وهو القتل الأعمى للمدنيين من خلال القصف الوحشي للمناطق السكنية في قطاع غزة، بحيث أصبحت غالبية الضحايا الفلسطينيين الآن من المدنيين والنساء والأطفال.
ورغم أن مساحة قطاع غزة صغيرة جدًا تبلغ حوالي 360 كيلومترًا مربعًا، إلا أنها من أكثر المناطق كثافةً سكانيةً في العالم حيث يبلغ عدد سكانها مليوني نسمة، وعلى الرغم من الحصار البحري والجوي والبري الكامل، لا يوجد أمام الشعب الفلسطيني في القطاع أي وسيلة للهروب من الهجمات الجوية الوحشية والواسعة النطاق التي يشنها الکيان، وتحدث إبادة جماعية بالفعل أمام أعين العالم.
لا توجد حتى الآن إحصائيات دقيقة لعدد الهجمات والقصف الجوي على قطاع غزة، إلا أن الجيش الإسرائيلي أكد أنه قصف 130 موقعًا في قطاع غزة خلال ساعة واحدة.
في غضون ذلك، رغم أن وزارة الصحة الفلسطينية قدرت العدد الأخير للشهداء الفلسطينيين في هجمات الکيان العمياء بـ 704 شهداء، بينهم 140 طفلاً و105 نساء، ونحو 4000 جريح، لكن مع استمرار الغارات الجوية فإن أعداد الشهداء والجرحى تتزايد لحظة بلحظة، كما أعلنت وزارة الصحة أن "مستشفى بيت حانون شمال قطاع غزة خرج عن الخدمة نتيجة القصف".
إن الصهاينة الذين أثبتوا عدم التزامهم بأي من مبادئ ومعايير الحروب الدولية، في الوقت نفسه الذي قاموا فيه بالعمل الإجرامي المتمثل في قصف المدينة وتدمير البنى التحتية الصحية والاقتصادية ومنازل المواطنين، لجؤوا إلى استخدام القنابل المحظورة.
وفي هذا الصدد، أمس، وبالتزامن مع بث صور تلفزيونية لأعمدة الدخان الأبيض المتصاعدة من موقع قصف مقاتلات الکيان، ذكرت وكالة أنباء الميادين أن الجيش الصهيوني هاجم قطاع غزة بقنابل "الفسفور الأبيض" المحظورة.
كذلك، استمراراً للجريمة الواضحة ضد الإنسانية بحق سكان قطاع غزة وإدراج المدنيين في قائمة أهداف الحرب، أعلنت مصادر محلية في غزة أن الکيان الصهيوني قطع المياه والكهرباء بشكل كامل عن غزة، ويسعى لخلق أزمة غذائية وصحية من خلال تشديد الحصار وإغلاق جميع المعابر بشكل كامل، وفي الوقت نفسه، ومع ارتفاع أعداد الجرحى، زادت الحاجة إلى إرسال المساعدات الإنسانية، وخاصةً الأدوية والغذاء.
وفي هذا الصدد، وصفت منظمة هيومن رايتس ووتش التابعة للأمم المتحدة، تصريحات وزير الحرب الإسرائيلي حول حرمان سكان قطاع غزة من الماء والكهرباء والغذاء بالمثيرة للاشمئزاز، وقالت إن هذا عقاب جماعي ودعوة لارتكاب جريمة حرب.
وقد قوبل هذا الإجراء من جانب الکيان الصهيوني برد فعل من أنطونيو غوتيريش، الأمين العام للأمم المتحدة، الذي قال في كلمته: "إن حرمان قطاع غزة من الغذاء والخدمات الأساسية أمر غير مقبول، ونطالب بدخول المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة".
حماس: إذا لم يتوقف القصف سنقتل الأسرى!
إزاء الهجمات المجنونة التي يشنها الصهاينة والتي نفذت بكثافة واتساع غير مسبوقين وأوقعت العديد من الضحايا في فترة قصيرة من الزمن، أعلنت حماس في بيان مفاجئ أنه إذا لم يتم وقف الهجمات غير المنضبطة على المدنيين، فإن هذه المجموعة ستتخذ أيضًا إجراءات مضادة، وستكون حياة السجناء الصهاينة في خطر.
وبهذا الصدد، قال أبو عبيدة المتحدث باسم كتائب القسام في بيان مصور بثته شبكة الجزيرة: إنه من أجل إنهاء "الجريمة الصهيونية الفاشية ضد الشعب الفلسطيني"، من الآن فصاعداً "في كل مرة يتم استهداف شعبنا دون سابق إنذار، سيقابل ذلك بإعدام رهينة مدنية"، وأكد أن العدو لا يفهم لغة الإنسانية والأخلاق، وحمّل الاحتلال مسؤولية هذا القرار أمام العالم، وأكد: الآن الكرة في ملعب الاحتلال.
ويأتي التهديد بقتل الأسرى في وقت لم تهدد فيه الفصائل الفلسطينية من قبل بقتل الأسرى الصهاينة، لأنها تبقيهم محتجزين للحصول على تنازلات على طاولة المفاوضات، وإطلاق سراح الأسرى الفلسطينيين في سجون الکيان.
ولكن، كما أكد المتحدث باسم كتائب القسام، فإن السلوك الوحشي والفاشي للصهاينة الذين ارتكبوا جرائم إبادة جماعية وجرائم ضد الإنسانية، لم يترك أي خيار أمام الفلسطينيين، وفي ظل الصمت المميت للمنظمات الدولية مثل مجلس الأمن، الذي لا يتفرج إلا على قتل المدنيين الفلسطينيين، يستخدمون كل الوسائل لوقف آلة القتل الإسرائيلية.
وتأكيداً للمواقف الفاشية والعنصرية للسلطات الصهيونية، يكفي أن وزير دفاع الکيان وصف الفلسطينيين بـ"الحيوانات البشرية"، وأمر باستكمال حصار قطاع غزة "بلا كهرباء، بلا ماء، بلا وقود".
ومن المثير للاهتمام أن إذاعة الجيش الصهيوني أعلنت الليلة الماضية، نقلاً عن مسؤولين عسكريين، أنهم سيواصلون قصف قطاع غزة المستمر بغض النظر عن احتمال تعرض الأسرى الإسرائيليين للأذى في هذه الهجمات.
وتشير تقديرات غير رسمية، نقلاً عن مصادر فلسطينية، إلى أنه تم أسر أكثر من 150 إسرائيليًا في قطاع غزة، معظمهم من العسكريين.
ومن المؤكد أن تهديد "القسام" يأتي في إطار الحرب النفسية ومحاولة الضغط على جنود جيش الاحتلال الصهيوني، الذين فقدوا معنوياتهم أمام قدرات المقاومين، وبطبيعة الحال عند سماعهم الأخبار التي تفيد بأن السلطات لا تقدر حياة السجناء، سوف يشعرون بالقلق من الوقوع في مصير رفاقهم نفسه.
كما أن التهديد بقتل الأسرى سيثير بالتأكيد قلق الحكومة الصهيونية المهتزة، بشأن العمل غير المدروس المتمثل في غزو واسع النطاق لقطاع غزة، وأفاد موقع "والا" العبري، أمس، بأن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أبلغ الرئيس الأمريكي جو بايدن أن "إسرائيل يجب أن تدخل قطاع غزة".
وذكرت صحيفة واشنطن بوست، نقلاً عن مصادر حكومية أمريكية، أن الجيش الصهيوني قد يشن هجومًا بريًا واسع النطاق على قطاع غزة في الساعات المقبلة.