الوقت - نشرت صحيفة "طهران تايمز" الناطقة باللغة الإنجليزية في إيران، استمراراً لكشفها المتقطع حول إقالة "روبرت مالي"، الممثل الخاص للحكومة الأمريكية للشؤون الإيرانية، من وراء الكواليس، يوم الاثنين 28 أغسطس، في تقرير حصري بعنوان "الكلمة الأخيرة"، نشرت وثيقةً حول سبب إقالة روبرت مالي، وهي وثيقة أكدت وسائل الإعلام والسلطات الأمريكية صحتها.
إن ما كشفته صحيفة "طهران تايمز" مهم، لأن الحكومة الأمريكية التزمت الصمت إزاء هذه القضية منذ أسابيع قليلة، عندما تحولت قضية إقالة روبرت مالي إلى قضية إعلامية؛ وهو الصمت الذي أثار غضب وسائل الإعلام والسلطات الأمريكية، بأنه لماذا ينبغي لوسائل الإعلام الإيرانية الوصول إلى مثل هذه الوثائق والمعلومات، وعلى الأمريكيين أن يتعرفوا على قضية مالي من خلال قراءة تقارير صحيفة طهران تايمز؟
الكلمة الأخيرة
بعد أن نشرت وسائل الإعلام الأمريكية، مطلع تموز الماضي، تقارير غامضة حول إيقاف روبرت مالي واحتمال إقالته بشكل مفاجئ، أعلن المتحدث باسم وزارة خارجية هذا البلد في 30 يونيو، أثناء تأكيده لهذه التقارير ودون تقديم تفاصيل، أن روبرت مالي قد ذهب إلى "إجازة"، وحتى إشعار آخر سيتولى أبرام بيلي، نائب روبرت مالي، مهام منصبه مؤقتًا.
وبعد تصريحات هذا المتحدث، أفادت وسائل إعلام أمريكية، نقلاً عن "مسؤولين مطلعين"، بأن "إدارة الأمن الدبلوماسي أوقفت التصريح الأمني لروبرت مالي، وأرسلته في إجازة إلزامية لمزيد من التحقيق في القضية"، وهذا النوع من التقارير لم يوضح فقط الغموض الذي أحاط بإقالة روبرت مالي، بل أدى أيضًا إلى زيادة حجم الغموض.
كما ذكرنا أعلاه، كانت صحيفة "طهران تايمز" هي الوسيلة الإعلامية الوحيدة التي أوضحت خلال الأسابيع القليلة الماضية غموض هذه القضية، من خلال الوصول إلى مصادر ووثائق وزارة الخارجية الأمريكية ونشر التقارير، والآن، في التقرير الذي يحمل عنوان "الكلمة الأخيرة"، نشرت وثيقةً سريةً من الخارجية الأمريكية، توضح أسباب إقالة روبرت مالي.
بطبيعة الحال، فإن اطلاع هذه الصحيفة الإيرانية الناطقة باللغة الإنجليزية على مصادر ووثائق وزارة الخارجية الأمريكية، لا يقتصر على قضية روبرت مالي فحسب؛ بل في 22 أغسطس، نشرت صحيفة "طهران تايمز" أيضًا وثيقةً من وزارة الخارجية الأمريكية في تقرير حصري بعنوان "Crazy Schem"، يكشف الدور الواضح لواشنطن في أعمال الشغب التي شهدتها إيران العام الماضي.
وحسب هذه الوثيقة التي نشرتها صحيفة طهران تايمز، بتاريخ 21 أبريل 2023، فإن "إيرين سمارت"، مديرة مكتب الأمن الدبلوماسي بوزارة الخارجية الأمريكية، ترسل هذه المذكرة إلى روبرت مالي؛ وهي مذكرة تخبره فيها أسباب إلغاء التصريح الأمني لروبرت مالي وإقالته.
تبدأ إيرين سمارت مذكرتها بهذا الشكل: "تعلمك هذه المذكرة أنه وفقاً لمعايير حكومة الولايات المتحدة الواردة في الأمرين التنفيذيين 12968 و13467، بصيغتهما المعدلة، والتوجيهات القضائية للأمن القومي، ولوائح وزارة الخارجية، بوصفي مديرةً لمكتب الأمن الدبلوماسي التابع لمكتب أمن وكفاءة الموظفين (DS/SI/PSS)، فقد قررت أن استمرار مؤهلاتك الأمنية الوطنية ليس في مصلحة الأمن القومي بشكل واضح، أهليتك للأمن القومي، بما في ذلك تصريحك الأمني السري للغاية، سيتم تعليقها في انتظار التحقيق."
وتذكر المسؤولة الأمنية الأمريكية أيضًا ثلاثة أسباب لإلغاء التصاريح الأمنية لروبرت مالي: "السلوك الشخصي"، و"إدارة المعلومات السرية"، و"استخدام تكنولوجيا المعلومات".
وكتبت إيرين سمارت إلى روبرت مالي: "تلقى مكتب أمن الموظفين DS (DS/SI/PSS) معلومات عنك تثير مخاوف أمنية خطيرة، ويمكن تصنيفها بناءً على إرشادات الفصل في قضايا الأمن القومي المشفرة بـ E (السلوك الشخصي)، وK (استخدام المعلومات المحمية)، وM (استخدام تكنولوجيا المعلومات)."
وبعد تقديم هذه الأسباب، تنصح إيرين سمارت روبرت مالي بأنه "بموجب FAM 233.412، يجب عليك تقديم بطاقة هوية المبنى الخاصة بك، وأي بيانات اعتماد صادرة عن الحكومة، وجواز السفر الدبلوماسي إلى DS/SI/PSS."
الأمريكيون أكدوا صحة وثيقة "طهران تايمز"
بعد نشر هذه الوثيقة لوزارة الخارجية الأمريكية في صحيفة طهران تايمز، هرعت السلطات ووسائل الإعلام الأمريكية، كما في الأسابيع القليلة الماضية، وهي تؤكد صحة هذه الوثيقة، إلى الحكومة الأمريكية، بأنه لماذا يحقّ لهذه الصحيفة الإيرانية الوصول إلى وثائق وزارة الخارجية الأمريكية على هذا المستوى، بينما لا علم للسلطات ووسائل الإعلام الأمريكية بالأمر؟
وفي هذا الصدد، كتبت مجلة بوليتيكو في تقرير بعنوان "كشف وسائل الإعلام الإيرانية يثير غضب الجمهوريين": "يطالب المشرعون الجمهوريون وزارة الخارجية بالتحقيق في كيفية حصول صحيفة طهران تايمز، وهي وسيلة إعلامية حكومية في إيران، على مذكرة تبلغ المبعوث الأمريكي الخاص لإيران، روب مالي، بتعليق تصريحه الأمني".
وحسب صحيفة بوليتيكو، أصدر مايك ماكول، رئيس لجنة الشؤون الخارجية بمجلس النواب الأمريكي، بياناً حذّر فيه من أن Foggy Bottom(وزارة الخارجية الأمريكية) "يجب أن تجري مراجعةً أمنيةً من أعلى إلى أسفل، لأنني قلق من حدوث تسرب للمعلومات".
وتتابع بوليتيكو أيضًا: "كما يثير ماكونيل مخاوف من حصول صحيفة طهران تايمز مرةً أخرى على معلومات تم حجبها حتى الآن عن المشرعين الأمريكيين؛ ويطالب المشرعون بمزيد من المعلومات من التحقيق الجاري بشأن (روبرت) مالي، مثل ما إذا كان ينبغي له الوصول إلى معلومات سرية، وفي الشهر الماضي، هدّد ماكونيل باستدعاء مسؤولي وزارة الخارجية (للكونغرس) للحصول على تفاصيل هذه القضية".
وكتب ماكول في بيانه: "إذا كانت هذه المذكرة (وثيقة طهران تايمز) صحيحة، فهي مثيرة للقلق للغاية، وخاصةً أن هذه ليست المرة الأولى التي يظهر فيها المتحدث باسم الحكومة الإيرانية (طهران تايمز) مؤخراً أنه يتمتع بإمكانية الوصول إلى معلومات حساسة وخاصة بالحكومة الأمريكية، في حين أن الكونغرس لا يزال لا يعرف شيئاً".
وأوضحت صحيفة بوليتيكو عن صحة وثيقة طهران تايمز: "قال شخص مطلع على ملف تحقيق روبرت مالي وشاهد المذكرة الأصلية لصحيفة بوليتيكو، إن نسخة طهران تايمز تتطابق مع المذكرة الأصلية".
كما طلب السيناتور بيل هاجرتي (جمهوري من ولاية تينيسي)، عضو لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ، من المفتش العام لوزارة الخارجية الأمريكية التحقيق في "كيف حصلت صحيفة طهران تايمز على هذه المذكرة".
وأصدر هاجرتي بيانًا قال فيه: "إنه لأمر صادم، وغير مسبوق على حد علمي، أن تحصل الذراع الدعائية للحكومة الإيرانية على مذكرة "حساسة ولكن غير سرية" في أبريل 2023 تتعلق بتعليق التصريح الأمني لروبرت مالي، المبعوث الخاص (للحكومة الأمريكية لشؤون إيران)".
ومن خلال إعادة نشر مجموعة توقيعات نواب مجلس الشيوخ لشرح إدارة بايدن حول قضية روبرت مالي، و"كيف حصلت إيران على هذه المذكرة من وزارة الخارجية؟"، أضاف هاجرتي: إن الخارجية الأمريكية مدينة لأعضاء مجلس الشيوخ الأمريكي بالإجابة عن هذا السؤال، والعديد من الأسئلة الحساسة الأخرى.
بدوره نشر "جابرييل نورونها"، المستشار السابق لوزارة الخارجية الأمريكية لشؤون إيران، رسالةً على تويتر، قال فيها: "نشرت صحيفة طهران تايمز – الوسيلة الإعلامية الرسمية الإيرانية – مذكرةً "حساسةً ولكن غير سرية" حول روبرت مالي، تشرح فيها سبب إلغاء تصريحه الأمني، أعتقد أن الرسالة صحيحة"، وأضاف: "حقيقة أن الإيرانيين كانوا يعرفون سبب إلغاء ترخيصه، وما زال الكونغرس لا يعرف، أمر مقلق للغاية على العديد من المستويات".
وكتب موقع Algemeiner أيضًا في تقرير يشير إلى تقرير "الكلمة الأخيرة" الذي نشرته صحيفة طهران تايمز: "نشرت صحيفة طهران تايمز، الوسيلة الإعلامية الرسمية الإيرانية، تفاصيل حول إيقاف روبرت مالي في عدة مناسبات منذ يوليو/تموز، ولم يتم نشرها من قبل".
ويشير هذا الموقع إلى اعتراض المشرعين الأمريكيين، ومن بينهم جيم بانكس، على نشر مثل هذه الوثائق من قبل صحيفة طهران تايمز، والذي قال "على إدارة بايدن أن توضح الآن ما فعله روبرت مالي حتى تم إلغاء تصريحه الأمني، وما هي المعلومات الحساسة التي تم تقديمها للنظام الإيراني".
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية في حديث لـ "Algemeiner" إن "وزارة الخارجية على علم بنشر تقرير طهران تايمز، لكنها لا تعلق على القضايا الداخلية، لا يزال روبرت مالي في إجازة، وبسبب مخاوف تتعلق بالخصوصية لا يمكننا إضافة المزيد من المعلومات".