الوقت - مع بداية عام 2023 ودراسة التحديات التي انخرط فيها الصهاينة من قبل ولم ينجحوا في حلها، وكذلك النظر في المشاكل والتحديات التي تنتظر هذا الکيان، يعتقد الخبراء أنه نتيجةً للتغيرات الاستراتيجية في العالم والمنطقة، لم يعد هذا الکيان قادرًا على فرض شروطه على الدول الأخرى، وسيتراجع عن مواقفه أكثر فأكثر.
مع انتهاء حرب تشرين الأول(أكتوبر) 1973، انتهى عصر الحروب الكبيرة التي حدثت بين العرب والكيان الصهيوني بعد احتلاله لفلسطين؛ وهي الحروب التي كان لها عواقب كثيرة على الإسرائيليين، ونتيجةً لذلك تغيرت البيئة الاستراتيجية لهذا الکيان وطبيعة المواجهات العسكرية إلى حد كبير.
كانت حرب 1982 على لبنان، آخر جولة من الحروب التقليدية التي دخل فيها الجيش الصهيوني. وفي ذلك الوقت، برز تحدٍّ جديد للصهاينة، وهو "المقاومة".
في هذه المرحلة تغيرت قواعد الحرب، وأصبحت قوى المقاومة الفاعلين الرئيسيين في المعركة، وفرضت قواعد جديدة للصراع على الكيان الصهيوني. كانت قواعد الحرب الجديدة التي فُرضت على المحتلين نتيجة ظهور مجموعات المقاومة، مختلفةً تمامًا عن الاستراتيجية العسكرية للکيان الصهيوني، ولم يكن لدى الإسرائيليين القدرات والأدوات المناسبة للتعامل مع هذه القواعد.
في ظل الظروف التي ظل فيها الجيش الصهيوني منخرطًا في قواعده العسكرية القديمة، خلقت المقاومة لهذا الکيان مشاكل جديدة تطلبت أدوات حديثة للتعامل معها. وبالتالي، تم إدخال مصطلحات جديدة في الموسوعة الصهيونية، مثل "الدفاع والحصانة الداخلية - الشرعية والمشاركة".
ومع ذلك، لم يستطع الصهاينة تقديم نظرية يمكنهم على أساسها التفاعل مع الحقائق الجديدة، وهو الأمر الذي كان له العديد من النتائج.
سقوط أسطورة "تفوق إسرائيل"
على الرغم من التكنولوجيا المتقدمة والأسلحة التي تمتلکها المؤسسة العسكرية للکيان الصهيوني والدعم اللامحدود الذي تقدمه الولايات المتحدة له، لكن هذا الکيان لم ينتصر في أي حرب منذ العقود الماضية، وقد شوهت صورته، وهو الذي كان يزعم أنه القوة التي لا تقهر في المنطقة، تمامًا. لأنه ثبت مرات عديدة أن الصهاينة لا يتمتعون بالكفاءة والفعالية في أنشطتهم العسكرية.
هناك أسباب كثيرة لهذا الأمر، أهمها أن تطوير المعدات التقنية والأساليب العلمية أدى إلى زيادة نسبة الجنود في القطاعات غير القتالية للجيش الإسرائيلي، بسبب رغبتهم في الابتعاد عن ساحات المواجهات العسكرية.
إضافة إلى ذلك، لا يرغب قسم كبير من جنود الكيان الصهيوني في المشاركة في صراعات عسكرية مباشرة، لأن احتمالية إنقاذهم وبقائهم علی قيد الحياة ليست عاليةً.
من ناحية أخرى، اعتمد الكيان الصهيوني دائمًا على القوة الجوية والحرب البعيدة في الحروب، ما جعل القوات البشرية تصبح جنودًا كسالى ليس لديهم دافع للقتال، وغير قادرين أيضًا على المواجهة المباشرة في الميدان.
وفي هذا السياق، يقول "إسحاق بريك"، الرئيس السابق للجنة الشكاوى في الجيش الإسرائيلي وضابط احتياطي في هذا الجيش، إن هناك ضعفًا خطيرًا في الجيش الإسرائيلي سينكشف في أي حرب مقبلة.
ويؤكد هذا الجنرال الصهيوني أن أكبر نقطة ضعف للجيش الإسرائيلي تتعلق بوضعه اللوجستي، وأن الجيش في وضع حرج. ويضيف إن الهزيمة والفشل يمنعان الجيش الإسرائيلي من القتال على جبهات متعددة في الوقت نفسه، ويدفعان "إسرائيل" إلى الدخول في المستنقع في الساعات الأولى من الحرب القادمة، والتي ستكون حربًا على جبهات متعددة، وهذه الظروف لن تسمح لها بمواصلة الحرب أو كسبها.
ولذلك، فشلت الاستراتيجية الهجومية والعدوانية التي تشكلت على أساسها العقيدة العسكرية للکيان الصهيوني في الفترات السابقة ضد قوة ردع المقاومة، وحتى الآن لم ينجح الصهاينة في كسب أي حرب، وهم أنفسهم يعترفون بأن هذا الاحتمال غير موجود في المستقبل أيضًا. وهذا يعني سقوط أسطورة التفوق الإسرائيلي الذي انهار في مواجهة المقاومة اللبنانية والفلسطينية.
التحديات الأمنية للکيان الصهيوني عام 2023
مع بداية عام 2023، يدخل الكيان الصهيوني في وضع ينطوي على تحديات أمنية واستراتيجية متعددة.
بالطبع، هذا الوضع يعيشه الصهاينة منذ أكثر من عقدين، لكن هذه المرة هناك عوامل تجعل الوضع أكثر صعوبةً وتعقيدًا بالنسبة للإسرائيليين مما كان عليه في الفترات السابقة. وخاصةً أنه في المرحلة الجديدة هناك خلافات في الرأي بين الصهاينة على مستوى المناقشات الاستراتيجية الداخلية وحتى على المستوى العملي، وهم غير قادرين على تبني استراتيجية واحدة لمواجهة التحديات.
وعلى الرغم من أن الكيان الصهيوني حاول بدعم من الولايات المتحدة تحقيق تقنيات متقدمة في المجالين الاقتصادي والصناعي، لكن في ظل وجود قضايا عديدة قابلة للانفجار وعلى رأسها قضية إيران النووية، فإنه يعاني من وضع أمني هش.
هذا التحدي الأمني للکيان الصهيوني ينطبق أيضًا على حزب الله اللبناني، وعلى الرغم من ترسيم الحدود البحرية بين لبنان وفلسطين المحتلة، لا يزال الصهاينة يشعرون بظل المواجهة العسكرية مع حزب الله.
في هذه الأثناء، لعل الوضع الداخلي لفلسطين المحتلة واشتداد المقاومة المسلحة في الضفة الغربية، والذي أصبح مشكلةً جديةً للکيان ولم يجد وسيلةً لمعالجتها، أخطر وأقرب تحدٍّ أمني يتعامل معه الكيان الصهيوني هذه الأيام. وهکذا، لا ينبغي تجاهل الدور المركزي والمهم للفلسطينيين في الأراضي المحتلة عام 1948 وفصائل المقاومة في قطاع غزة في خلق التحدي للصهاينة.
کما أن الانقسام الحاد في المجتمع الصهيوني، والذي تفاقم مع تشكيل حكومة يمينية متطرفة، يمثل تحديًا خطيرًا آخر للکيان الإسرائيلي في المرحلة الجديدة.
لكن قبل شرح هذه التحديات، من الأفضل التعرف على توصيات مجموعة من الخبراء الصهاينة في الشؤون السياسية الاستراتيجية، في الورشة التدريبية التي قدمتها المؤسسة المعروفة باسم "معهد السياسة والاستراتيجيات" في الأراضي المحتلة.
وتقدم هذه التوصيات تحت عنوان "استراتيجية طويلة المدى"، من أجل إيجاد تصميم لاستراتيجية "أمن داخلي شامل" تتعلق بالرؤية المستقبلية والأهداف المختلفة، وكذلك ترتيب أولويات سياسة الکيان الإسرائيلي المستقبلية.
تشمل التوصيات الصادرة عن الخبراء الصهاينة، دعوةً لتعاون استراتيجي أوثق مع الولايات المتحدة؛ لأن هذه الدولة هي الداعم الأكبر للکيان الإسرائيلي. أيضاً، وفقاً لهذه التوصيات، على تل أبيب أن تصمم استراتيجيةً جديدةً لمواصلة الحديث مع الأمريكيين عبر قنوات مختلفة حول جميع القضايا.
إضافة إلى ذلك، يجب بذل جهد جاد لتقوية العلاقات مع بعض دول المنطقة وتطويرها، من أجل خلق تحالف إقليمي في نهاية المطاف للتعامل مع إيران. کما تتضمن استراتيجية الکيان الإسرائيلي طويلة المدى، وفقًا لتوصيات خبراء الکيان في معهد السياسات والاستراتيجيات، رؤيةً للتفاعل مع الواقع الفلسطيني من خلال سياسة أكثر صرامةً مما كانت عليه في الماضي، حيث يتم تعزيز فكرة الفصل بين الفلسطينيين والإسرائيليين في ديمغرافية الضفة الغربية.
ننوي في هذا القسم وصف التحديات الأمنية الأربعة الرئيسية التي تواجه الکيان الصهيوني، وهي كالتالي:
1. إيران
منذ انتصار الثورة الإسلامية الإيرانية قبل أكثر من 43 عامًا، أدرج الکيان الصهيوني إيران ضمن أعدائه الرئيسيين، وبدعم من حليفته الموثوقة أمريكا وبعض الأنظمة العربية، كان يحاول دائمًا تدمير إيران وتطويقها والضغط عليها، لأنه يعتبر هذا البلد تهديدًا وجوديًا كبيرًا له في المنطقة.
وقد ازداد عداء الكيان الصهيوني لإيران بعد تطوير البرنامج النووي السلمي لهذا البلد، ووضع الاستراتيجيون الإسرائيليون هذا المشروع على رأس أولوياتهم الأمنية، واعتبروا امتلاك إيران للتكنولوجيا النووية مشكلةً حقيقيةً، ويؤكدون أن على العالم كله أن يمنع هذا التقدم للإيرانيين، وعلى الدول الغربية والولايات المتحدة وحلفائها العرب أن يتحدوا في هذا الصدد.
في الواقع، يعود الموقف العدائي للکيان الصهيوني ضد برنامج إيران النووي إلى عدة أسباب. السبب الأول هو أن حصول إيران على الطاقة النووية يشكل تهديداً كبيراً لأمن ووجود الکيان الصهيوني، وسيتم تشكيل قوة ردع قوية في المنطقة تستهدف قلب الصهاينة. ولذلك، لن يتم تنفيذ مشروع الشرق الأوسط الجديد بالطريقة التي تريدها أمريكا والکيان الصهيوني.
وأصبحت هذه القضية مصدر قلق الصهاينة، وهم يحاولون منع إيران من أن تصبح قوةً نوويةً بأي وسيلة؛ لأنه في هذه الحالة، ستحرم طهران الإسرائيليين من العديد من عناصر القوة والتفوق.
عاموس يادلين، الجنرال السابق في الجيش الإسرائيلي ورئيس مركز دراسات الأمن الداخلي لهذا الکيان، يقول إن "إيران هي التحدي الوجودي الأكبر لإسرائيل، وخاصةً إذا كانت تمتلك الطاقة النووية. لسنا متأكدين من أن هذا سيحدث في عام 2023، لكن في غياب اتفاق نووي، ستحقق إيران تقدمًا سريعًا في هذا المجال."
كما قال رئيس الموساد ديفيد بارنيا إن "إسرائيل تحاول ضمان عدم امتلاك إيران للطاقة النووية في السنوات القادمة أو عدم امتلاكها أبدًا، وهذا هو الوعد الذي قطعناه أنا والموساد."
من جهة أخرى، قال إفرايم جانور رداً على تفاؤل بارنيا بمنع إيران من الحصول على الطاقة النووية: "لا أعرف من أين جاءت ثقة رئيس الموساد؟ على عكسه، لست متفائلاً على الإطلاق."
2. حزب الله
يعتبر العديد من الخبراء الصهاينة حزب الله قوةً عسكريةً متناميةً يمكنها، مع ترسانتها الصاروخية المتطورة، استهداف عمق المدن الفلسطينية المحتلة والعديد من الأهداف الإسرائيلية الحيوية والحساسة.
إضافة إلى ذلك، تتمتع قوات حزب الله بقدرة قتالية عالية، وفي السنوات الأخيرة، وخاصةً بعد المشاركة في المعارك السورية ضد الإرهابيين، أحرزت تقدمًا ملحوظًا في التدريب وتنفيذ العمليات العسكرية. وعليه، فإن القادة الصهاينة يعرفون جيداً أن مواجهة حزب الله في أي حرب مستقبلية، ستكون أصعب بكثير من حرب تموز (يوليو) 2006. مباشرةً بعد هذه الحرب، طوّر حزب الله قدرات مقاتليه وأزال نقاط الضعف التي كانت لديهم من قبل.
لم يعد حزب الله في نظر الصهاينة، قوةً صغيرةً يمكن التعامل معها بأبسط الوسائل. بدلاً من ذلك، وفقًا لاعترافات المسؤولين العسكريين الإسرائيليين، أصبح حزب الله الآن جيشًا لديه معادلة ردع استراتيجية، وقواته لديهم القدرة على الجمع بين حرب العصابات والحرب التقليدية، ويمكنهم استخدام الدبابات والعربات المدرعة وغيرها من المعدات العسكرية.
كما يعتبر قادة الکيان الإسرائيلي حزب الله بأنه هو الطرف الأول الذي يدرك نقاط ضعف "إسرائيل" على الجبهة الداخلية لفلسطين المحتلة، والصواريخ التي أطلقها في عمق الأراضي المحتلة عام 2006 كانت تشكل خطراً حقيقياً على الصهاينة.
لذلك، فإن هجمات حزب الله الصاروخية ستتوسع بالتأكيد في الحرب المقبلة، وستستهدف جميع الأراضي الفلسطينية المحتلة، من الشمال إلى المدن الوسطى وإيلات وصحراء النقب في الجنوب، وذلك في حين أن أنظمة الدفاع الجوي للجيش الصهيوني قد أثبتت عدم قدرتها على التعامل مع هذه الصواريخ.
3. الساحة الفلسطينية
تنقسم التحديات التي تواجه الكيان الصهيوني في الساحة الداخلية لفلسطين إلى ثلاثة أقسام: قطاع غزة والضفة الغربية والأراضي المحتلة عام 1948، وفي ظل التغييرات الحالية، سيكون مقدار وخطورة كل من هذه التحديات مختلفًا.
على سبيل المثال، فصائل المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة قوة بارزة في الحرب ضد الاحتلال، وقد ثبت ذلك في معارك السنوات الماضية. حيث لا تقتصر مقاومة قطاع غزة ضد المحتلين على إطلاق النار خلف الحدود، بل وضعت وحدات المقاومة في هذه المنطقة استراتيجيةً منتظمةً لتنفيذ عمليات متقدمة في عمق مواقع الصهاينة.
والأحداث التي وقعت في حربي 2014 و 2021 بين قطاع غزة والجيش الصهيوني، تثبت أن مقاومة غزة أصبحت من أخطر التهديدات الوجودية ضد الاحتلال، وعلى الرغم من استخدام كل قواته العسكرية والبرية والجوية والاستخبارية والنفسية، إلا أن الجيش الصهيوني لم يتمكن من تحقيق ردع دائم ضد مقاومة غزة.
کم أن مقاومة غزة الآن في مرحلة تستطيع فيها تنفيذ عمليات صاروخية متقدمة في جميع أنحاء الأراضي المحتلة، وفي حرب أيار 2021 رأينا كيف شلّت هذه العمليات الجبهة الداخلية لفلسطين المحتلة.
وهذا يعني أن المقاومة من منظور عسكري يمكن أن تشكل تهديداً حاسماً للأمن الاستراتيجي والداخلي للصهاينة، والسبب في ذلك أن فصائل المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة نجحت في تطوير قدراتها التنظيمية والعسكرية وفرض معادلاتها على الکيان الصهيوني. و"النفق" نوع مختلف من أسلحة المقاومة في غزة، والذي فاجأ الکيان الإسرائيلي مرات عديدة ولم يكن للصهاينة حل ناجح للتعامل معه.
لكن الجزء الثاني هو الضفة الغربية، التي أصبحت منذ أواخر عام 2021 وطوال عام 2022 أشبه بمنطقة عمليات لن تتوقف. ومنذ ذلك الحين، أصبحت النزاعات المسلحة داخل المدن الفلسطينية والعمليات الاستشهادية للفلسطينيين في المستوطنات الصهيونية، عناوين الأحداث على الساحة الداخلية الفلسطينية، وهذا الوضع أجبر الكيان الصهيوني على إرسال نصف جيشه إلى قرى ومدن الضفة الغربية، وخاصةً المناطق الشمالية.
ومن المرجح أن تتكثف عملية مواجهة الجيش الصهيوني لأوضاع الضفة الغربية، في ظل حكم المتطرفين الإسرائيليين وأشخاص مثل إيتمار بن غفير وبتسلئيل سموتريتس، والسياسات الفاشية للحكومة الجديدة للکيان الصهيوني بقيادة بنيامين نتنياهو، قد تؤدي بالوضع إلى صراع عسكري شامل في عموم الضفة الغربية بين الفلسطينيين والصهاينة.
أما الجزء الثالث من التحديات الأمنية للکيان الصهيوني في الساحة الداخلية لفلسطين، فيتعلق بالأراضي المحتلة عام 1948، وحوالي 22٪ منها فلسطينيون.
في ظل التطورات الأخيرة، يشعر الإسرائيليون أن كل جهودهم لنزع الهوية الفلسطينية من هذه المنطقة والسيطرة على العرب القاطنين فيها، كانت عبثيةً ولم تصل إلى هدفها. وقد تجلى ذلك بوضوح في وحدة الفلسطينيين الذين يعيشون في أراضي عام 1948 مع فلسطينيي القدس وقطاع غزة والضفة الغربية، لمواجهة الکيان الصهيوني في حرب مايو 2021.
وليس من المبالغة القول إن تأثير وجود فلسطينيي أراضي 1948 في ساحة المعركة مع المحتلين، لم يكن أقل من الهجمات الصاروخية على تل أبيب والمدن الكبرى في فلسطين المحتلة من قبل فصائل المقاومة في قطاع غزة، وأصبح دافعًا لمقاتلي المقاومة والفلسطينيين الآخرين في مناطق أخرى.
ولذلك، يتوقع الإسرائيليون أن يظل هذا التحدي على رأس اهتمامات الأجهزة الأمنية لهذا الکيان، وقد يصبح التحدي الرئيسي للصهاينة على الساحة الداخلية في المستقبل.
4. التحدي الداخلي للمجتمع الصهيوني
على الصعيد الداخلي، تعتبر "الاستراتيجية طويلة المدى" التي ذكرناها، الخطة الرئيسية للحصانة الداخلية للکيان الصهيوني، وهي عنصر أساسي في التعامل مع التحديات الخارجية المعقدة.
وحسب هذه الاستراتيجية، على الإسرائيليين - سواء في الحكومة أو في أحزاب مختلفة أو مؤسسات ومستوطنين آخرين - محاولة توحيد الساحة الداخلية؛ لأن التماسك الداخلي شرط أساسي لمنع انهيار الأمن الداخلي للإسرائيليين، ودونه لا يمكن التعامل مع التحديات المعقدة الأخرى التي تواجه هذا الکيان.
لكن على الرغم من كل هذه الجهود، فإن الانقسامات العميقة التي نشأت في المجتمع الداخلي للکيان الصهيوني خلال السنوات الماضية، وكذلك الاستقطاب الداخلي الذي يظهر عمق الصراعات الاجتماعية والعرقية في الرأي العام الإسرائيلي، تتزايد وتتفاقم مع تشكيل حكومة نتنياهو الفاشية.
كذلك، في ظل تشکيل حكومة بهذا النهج، أثيرت العديد من التحذيرات حول تدهور العلاقات الداخلية للصهاينة. ولهذا السبب، طلب الخبراء الإستراتيجيون في الکيان الصهيوني من الحكومة الجديدة إعادة النظر في سياساتها الداخلية على الأقل.
الاستنتاج
وفق ما تقدم، يمكن الاستنتاج أن الكيان الصهيوني عالق في واقع مضطرب وغير مستقر على الصعيدين الأمني والسياسي، ويعود جزء كبير منه إلى تطوير قدرات إيران وحلفائها في جميع أنحاء المنطقة.
وإضافة إلى التطور المتزايد لقدرات فصائل المقاومة في كل من فلسطين ولبنان، فإن الجيش الإسرائيلي وعلى الرغم من امتلاكه أسلحة وتقنيات متطورة، إلا أنه لم يتمكن بعد من إعداد استراتيجية للتكيف مع الواقع الحالي للعالم والمنطقة، ومواجهة تحديات المستقبل.