الوقت- في البداية لا بد من الإشارة إلى أنه موخراً دخل المستوى السياسي في الحكومة الاردنية بحالة التوتر بعد عودة محتملة لخصم الأردن الأبرز في إسرائيل بنيامين نتنياهو الى الواجهة، الامر الذي يعني وبكل بساطة التصعيد مع الاردن في أزمة أكثر عمقا مع ما تسمى الدولة العميقة للكيان الصهيوني وايضا والاهم حالة صدام واضطراب في الاراضي الفلسطينية المحتلة من الطراز الذي يعبث بمصالح واستقرار الاردن. المؤسسات الرسمية والأمنية الاردنية بقيت طول يوم الاربعاء على جمر الانتظار والترقب لما ستؤول اليه تائج الانتخابات الاسرائيلية وهذا أظهر بشكل واضح مستويات متقدمة اردنية من الاهتمام وبداية مرحلة جديدة من المواجهة مع حكومة يترأسها بنيامين نتنياهو. في هذا السياق عقد اجتماع اقليمي في مؤسسات سيادية أردنية لوضع سلسلة من الخطوات الاحتياطية التكتيكية وخصوصا أن الجناح اليميني المتطرف بقيادة نتنياهو سبق ان ارسل معترضا على ما اسماه تدخل الاردن بانتخابات الكنيست.
الأردن يُحذر ونتنياهو يؤكد على ضرورة بقاء السيطرة الإسرائيلية على منطقة غرب نهر الأردن
حذر الأردن، الحكومة الإسرائيلية القادمة، من إجراء أي تغيير على الوضع القائم في المسجد الأقصى، مؤكداً أن أي محاولة بهذا الاتجاه ستمس بالعلاقات بين الأردن و"إسرائيل" ومع دول أخرى في الإقليم. في هذا الصدد قال مسؤولون أردنيون لهيئة البث الإسرائيلية «كان»، إن خطوة من هذا القبيل من شأنها أن تثير أزمة ليس على الصعيد الأردني فقط وإنما على الصعيد الإقليمي.حيث نقلت «كان» عن المسؤولين قولهم، إن أي تغيير على الوضع القائم يمكنه أن يشعل الشارعين العربي والإسلامي، ويلحق الضرر بالعلاقات مع دولة عربية أخرى وليس فقط الأردن. ويدور الحديث من بين أمور أخرى عن الموافقة على صلوات اليهود بصورة منتظمة في المسجد الأقصى، وهو أحد مطالب عضو الكنيست المتطرف إيتمار بن غفير في المفاوضات من أجل تشكيل حكومة يمينية برئاسة رئيس الليكود بنيامين نتنياهو. صرح المسؤولون الأردنيون، إنه في حال تعيين بن غفير وزيراً، فإنه سيذهب إلى المكان ويقوم باستفزازات، وستكون هذه قصة أخرى تماماً تختلف عما حدث حتى الآن عندما زار المكان كنائب في الكنيست، وسيكون لهذا الأمر تأثيرات خطيرة.وأبدى المسؤولون أملهم، بأن يكون رئيس الحكومة القادم على دراية بمخاطر ذلك، والأهمية الاستراتيجية للسلام بين "إسرائيل" والأردن، الذي يوجد له أطول حدود مع "إسرائيل"، وهو السلام الذي يشمل تعاوناً وثيقاً بعدد من المجالات، بما في ذلك المجالات الأمنية والعسكرية.
ماهي المخاوف و الهواجس الأردنية؟
حالة التأهب داخل المؤسسات الرسمية الأردنية كانت نتيجة خشية الاردن من أن يبدأ نتنياهو اذا ما تربع على عرش حكومة الكيان بمشروع تصفية القضية الفلسطينية وبخيار الضغط بالعنف على الفلسطينيين لترحيلهم كما تخشى عمان ان يقرر نتنياهو فورا إنفاذ خطة التقاسم الزماني والمكاني في القدس العربية المحتلة وفي المسجد الاقصى تحديدا مما يقوض الوصاية الهاشمية وان يعود لاتخاذ خطوات على الارض تكمل مشروعه السابق ايام صفقة القرن الشهيرة بضم الضفة الغربية. الأخطر أردنيا ان يبادر نتنياهو وفورا لتجميد العمل باتفاقيتي الكهرباء والمياه الموقعتين مع شركات أردنية مما سيؤثر على حصة المياه الاردنية التي يتعهد بها الاسرائيلي بالعادة. الهواجس كبيرة ومخيفة سياسيا في عمان على الاقل والانطباع قوي بان عودة نتنياهو في ظل الظروف الحالية ستشكل تحديا غير مسبوق لعلاقات التطبيع مع الاردن ولإتفاقية وادي عربة ولمصالح الاردن الامنية والقومية المباشرة. من جهةٍ اخرى تأتي مخاوف الأردن ان تبرز ظاهرة الجناح الديني الفاشي في اسرائيل اذا ما إستحكم نتنياهو وان يتم تمرير القوانين العنصرية والعمل وبإيقاع سريع على استكمال صفقة القرن لان دوائر القرار الاردنية على قناعة بان نتنياهو لديه أحقاد وكراهية ضد الدولة الاردنية وله سوابق معها وقد لا يقف الامر عند هذه الحدود فالأردن على قناعة اكبر بحتمية المواجهة وتفاقمها في الضفة الغربية والقدس الامر الذي يضيف تعقيدات بالجملة على التعقيدات الموجودة والتي يعرفها الجميع الآن. حسابات الاردن حساسة جدا والاستنفار الدبلوماسي والسياسي هو الذي تحرك وسط الانطباع بان المحظور الإسرائيلي السياسي يقع وبأن نتنياهو عائد وتحيط به مشاعر القوة والغرور ولديه خطة مسبقة باستغلال انشغال العالم بالأزمة الاوكرانية وتصفية العديد من الحسابات مع الاردن والاردنيين ومع مؤسساتهم وايضا مع الشعب الفلسطيني.
ما جدوى رسائل الطمأنة التي بعثها نتنياهو للأردن ؟
في ظل التوتر والقلق الأردني الحاصل قال موقع "يديعوت أحرونوت"، إن رئيس "الحكومة الإسرائيلية" الأسبق بنيامين نتنياهو، الفائز في الانتخابات الأخيرة، وجه رسائل تهدئة للأردن بشأن الوضع القائم في المسجد الأقصى، وذلك على أثر القلق الذي أبدته عمّان من نتائج الانتخابات في إسرائيل.ولفت التقرير إلى أن الوفد الأردني المشارك في مؤتمر الأطراف حول المناخ "كوب 27"، في شرم الشيخ بمصر، عارض، حتى أمس، التوقيع على اتفاق مع إسرائيل والإمارات بشأن مشاريع للتعاون في مجال الطاقة.
من جهةٍ اخرى ذكر تقرير "يديعوت أحرونوت" أنه على أثر "رسائل الطمأنة التي وجهها نتنياهو للأردن"، ستجرى مراسم التوقيع على اتفاق "الماء مقابل الكهرباء" الثلاثي المشترك غدا في شرم الشيخ. وسينوب عن إسرائيل في هذه المراسم وزير التعاون الإقليمي في حكومة دولة الاحتلال عيساوي فريج، بعد أن كان من المقرر أن توقع هذه الاتفاقية وزيرة الطاقة الإسرائيلية كارين الهراري.
ما مستقبل العلاقات الأردنية الإسرائيلية ؟
سبق وأن كان الأردن قد أعرب عن قلقه من نتائج الانتخابات، لا سيما أن النجاح الذي حققه تحالف الصهيونية الدينية بقيادة بتسليئيل سموطريتش وحزب "القوة اليهودية" بقيادة إيتمار بن غفير، على ضوء تصريحات لقادة هذا التحالف بشأن إجراء تغييرات على الوضع القائم في المسجد الأقصى والسماح لليهود بالصلاة في باحاته. وهنا يمكن القول أن نتائج انتخابات الكنيست الإسرائيلي أثارت تساؤلات حول مستقبل العلاقة بين الأردن و"إسرائيل"، خصوصاً بعد فوز حزب الليكود اليميني الذي يقوده رئيس الحكومة الإسرائيلية الأسبق بنيامين نتنياهو، والذي أنهى حقبته في ظل علاقات متوترة بينه وبين الملك الأردني عبد الله الثاني.
ومن الجدير بالذكر أن العلاقات بين الأردن و"إسرائيل"ساءت أثناء فترة ولاية نتنياهو لعدة أسباب، أبرزها الاعتداءات الإسرائيلية المتكررة على الأماكن المقدسة التي تخضع لوصاية الملك عبد الله الثاني، وإعلان نتنياهو في تموز/يوليو 2020 عن خطة استيطانية لضم غور الأردن وأجزاء واسعة من الضفة الغربية، ومنع ولي العهد الأردني الأمير الحسين بن عبد الله من زيارة المسجد الأقصى في آذار/مارس الماضي، وما تبعها من منع عمّان مرور طائرة نتنياهو عبر الأجواء الأردنية لزيارة الإمارات.
ماهي الخيارات الأدرنية القادمة؟
لا يخفى على أحد أن هناك توتر في العلاقة ما بين ملك الاردن ونتنياهو، هذا التوتر نابع من إخلال استفزازي لنتنياهو بتعهدات شخصية قطعها للعاهل الأردني.أضافه إلى أنه مما ساهم في تأزيم العلاقات بين الطرفين؛ محاولة نتنياهو اللعب بقضية المياه، والتسويف في الموافقة على بيع الأردن 50 مليون متر مكعب من المياه، الصيف قبل الماضي، ما اعتبر رسالة رديئة من نتنياهو للقيادة الأردنية.وفي هذا السياق تُطرح العديد من التساؤلات حول مستقبل العلاقة الأردنية الإسرائيلية فهل ستبقى قائمة بعد فوز نتنياهو بالانتخابات؟ وهل ستستمر المشروعات التي جرى الاتفاق عليها مع الجانب الإسرائيلي، سواء في مجال الطاقة أو المياه؟ وسيتواصل العمل بمعاهدة وادي عربة والتمثيل الدبلوماسي، والتنسيق الأمني والعسكري بين الجانبين؟
لابد من الإشارة هنا إلى أن عودة نتنياهو و رئيس حزب "الصهيونية الدينية" بتسلئيل سموتريتش، وزعيم حزب "عوتسما يهوديت" إيتمار بن غفير، وغيرهما من أركان اليمين الفاشي المتطرف، "سيصعد الوضع في الضفة، ويوسع الاستيطان وهدم المنازل والقتل في الشوارع، بما ينعكس سلبا على مصالح الأردن وأولوياته في هذا المجال". ومن الواضح أن استطلاعات الرأي تؤكد أن عودة نتنياهو لن يجعل الأردن سعيداً فموقف المملكة بتشبث نتنياهو بوجهة نظر متطرفة تجاه العلاقة مع الأردن. فالعلاقة الشخصية بين نتنياهو والملك عبد الله الثاني كانت سيئة جداً، وليس من المتوقع أن تتحسن"، فوجود نتنياهو على رأس حكومة جديدة سيكون ذلك أسوأ الخيارات بالنسبة للأردن.
في النهاية ومن الواضح أن سياسة الأردن في المستقبل سوف تتأثر سلباً لأن وصول نتنياهو ونزعته لإرضاء اليمين الإسرائيلي، سيصعب على الأردن إدارة الملف الفلسطيني، وسيزيد من التعقيدات التي يواجهها في هذه المرحلة الحساسة، والتي تتميز بتصاعد المقاومة وتآكل نفوذ السلطة . ومن الواضح أن الأردن لن يتمكن من أن يدير هذه الملفات الحساسة من خلال قنوات تفاهم واتصال مع نتنياهو"، فهل ستشهد المرحلة القادمة حالة من الجمود في الاتفاقات الاقتصادية القائمة والمنوي إبرامها بين الأردن وإسرائيل، وهنا يجدر الإشارة إلى أن الأردن و"إسرائيل" تربطهما عدة اتفاقيات، أبرزها اتفاقية "وادي عربة" للسلام الموقعة عام 1994، واتفاقية الغاز الموقعة في 2016.