الوقت - في مطلع أبريل/ نيسان، اعتقلت السلطات السعودية تسعة قضاة، حسبما أفادت منظمات إعلامية وحقوقية.
واعتقل القضاة بتهمة "الخيانة العظمى" التي يعاقب عليها القانون السعودي بالإعدام. لكن المسؤولين السعوديين لم يعلنوا بعد عن سبب اعتقال القضاة.
ووفقًا لـ "عربي 21"، من بين القضاة الموقوفين ثلاثة من المحكمة الابتدائية المتخصصة(الإرهاب)، وثلاثة من محكمة الاستئناف المتخصصة، وثلاثة من المحكمة العليا - أعلى محكمة في السعودية. ومن الأمور الأخرى الجديرة بالذكر أن هؤلاء كانوا تابعين لابن سلمان، وثبت ولائهم له.
أحد القضاة المعتقلين هو خالد اللحيدان، الذي اعتقل الناشطة السعودية "لجين الهذلول" بتهمة الإرهاب. وكان الرئيس الأمريكي جو بايدن قد دعا إلى إطلاق سراح الناشطة الهذلول.
"عبد العزيز بن مداوي الجابر" هو ثاني قاضٍ أُلقي القبض عليه، وهو مسؤول عن عمليات إعدام جماعية لـ 81 شخصًا الشهر الماضي. وقد شمل هذا الإعدام عدداً كبيراً من الشيعة في السعودية، ما أثار موجةً من الانتقادات للرياض.
في ديسمبر 2018، اتخذ مجلس القضاء الأعلى قرارًا بتعيين الجابر مساعدًا لرئيس المحكمة الجزائية المتخصصة بالرياض، باعتباره حاصلًا على الدكتوراه في الفقه المقارن.
ومن بين المعتقلين قضاة خدموا في المحكمة العليا والمحكمة الجزائية السعودية منذ عهد ولي العهد السعودي السابق محمد بن نايف. ومن بين الموقوفين القاضي ناصر الحربي، الذي تم تعيينه عضوا بالمحكمة العليا في أكتوبر/تشرين الأول 2020 بمرسوم ملكي.
دوافع غامضة لاعتقال القضاة في السعودية
قال يحيى العسيري، الناشط السعودي والمدافع عن حقوق الإنسان: "من الصعب فهم دوافع ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان لاحتجاز تسعة قضاة، لأن الممارسات اللاعقلانية ليس لها دوافع منطقية".
وذکر العسيري في مقابلة مع "عربي 21": "هذه الاعتقالات جزء من "الأفعال المجنونة لولي العهد السعودي" مثل الحرب في اليمن، ومقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي، وتعذيب المعتقلين والنشطاء في السجون".
وأضاف إن "هذه الاعتقالات ستكون لها انعكاسات سلبية على القانون والعدالة السعوديين، وقد تؤدي إلى نتيجة إيجابية تتمثل في الإفراج عن بعض نشطاء حرية التعبير والسجناء المعتقلين دون سبب واضح".
ورداً على سؤال عما إذا كانت هذه الاعتقالات قد تدفع بعض القضاة والمسؤولين الحاليين إلى التفكير في مغادرة السعودية خوفاً من الاعتقال، قال العسيري: "هذا الاعتقال بأي تهمة کان، سيؤدي إلى زيادة هجرة القضاة، رغم أن العديد منهم قد هاجروا من قبل من هذا البلد".
وقال المعارض والناقد السعودي محمد العمري، إن القضاة الموقوفين تابعون لمحمد بن نايف. وأضاف: "القاضي الجابر والقاضي محمد بن مسفر الغامدي كانا من بين الموقوفين عام 2020، ثم أفرج عنهما بسبب الولاء الكامل لابن سلمان. والقبض على القضاة مرتبط بمحمد بن نايف".
وأكد العمري: "قد يكون توقيف القضاة بسبب عدم رغبتهم في إصدار أحكام قاسية ضد المعتقلين، وخاصةً الدعاة السعوديين مثل سلمان العودة وعوض القرني وعلي العمري، والذي طلب المدعي العام منهم إعدامهم، هذا في حين أنه بعد أربع سنوات ونصف من القبض على الدعاة السعوديين، ما زالت المحكمة تؤجل الحكم عليهم".
وحسب العمري، فإن السبب الآخر الذي قد يدفع المسؤولين السعوديين إلى توقيف القضاة، هو إمكانية مراقبة "الاتصالات المشبوهة معهم".
إن اعتقال القضاة له تاريخ طويل في السعودية، وسبق أن أوقف المسؤولون السعوديون بعض القضاة من المحاكم العامة بتهم الفساد أو الرشوة.
وفي هذا الصدد، قال المعارض والناقد السعودي سعد الفقيه إنه قبل توقيف القضاة يجب اتخاذ إجراءات لرفع الحصانة عنهم، وهو ما لم يحدث مع القضاة التسعة، ومعظمهم اعتقل أثناء العمل. ورفض الفقيه خطوة ولي العهد الأمير محمد بن سلمان هذه، التي ورد ذكرها كإجراء إصلاحي في الملف القضائي.
بدوره قال عبد الله العودة، وهو مدافع سعودي عن حقوق الإنسان ومدير منظمة "الديمقراطية الآن في العالم العربي": "لا أحد في مأمن في السعودية بعد أن أصبح محمد بن سلمان ولياً للعهد".
وأضاف: "حتى المسؤولين الموالين لمحمد بن سلمان قد يتم اعتقالهم، كما تم القبض على القضاة السعوديين، وهم الذين برروا الاعتقال التعسفي لنشطاء حقوق الإنسان، وحكموا على العديد من الأشخاص بالإعدام لانتقادهم البلاد".
وذکر عبد الله العودة أن من بين القضاة التسعة الموقوفين ثلاثة من المحكمة الابتدائية المتخصصة (الإرهاب)، وثلاثة من محكمة الاستئناف المتخصصة، وثلاثة من المحكمة العليا السعودية.
ويعتقد بعض المراقبين أن ابن سلمان اعتقل اللحيدان والجابر مع قضاة آخرين لمعاقبتهم على الأحكام التي أصدروها. طبعاً هذه الأحكام صدرت بالضوء الأخضر منه، لكن باعتقاله لهم سيحسن سمعته كمصلح، كما ادعى ابن سلمان عن مقتل جمال خاشقجي بأن الحادث حصل دون علمه أو موافقته.
ومن المحتمل أن يتم اعتقال المزيد من الأشخاص في الأيام المقبلة، لأن ابن سلمان يعتزم تعزيز عرشه.
ويشار إلی أن بعض القضاة الموقوفين شاركوا في حملة الاعتقالات الأخيرة خلال العامين الماضيين في إصدار الأحكام على بعض السجناء. وقد يشير اعتقالهم إلى أن سياسات ابن سلمان التعسفية لا تقتصر على المعارضين، بل قد تؤثر على الجميع بغض النظر عن موقفهم.
وقال بيان صادر عن الشبكة الأوروبية المتوسطية لحقوق الإنسان، إن هناك أسماءً أخرى قيد التحقيق لتحديد ملابسات وأسباب اعتقالهم. كما أن هناك مخاوف من أن الاعتقالات هي جزء من الضغط للتأثير على هؤلاء القضاة، لإصدار أحكام أو قرارات جديدة.