الوقت - قررت شركتا الاتحاد للطيران (الناقل الوطني لدولة الإمارات) و"ويز إير أبو ظبي" إلغاء مشاركتهما في عرض جوي إسرائيلي مقرر في 5 مايو/أيار المقبل بمناسبة الذكرى الـ74 لإقامة الكيان الصهيوني (يوم النكبة)، وفق صحيفة عبرية الثلاثاء.
وذكرت صحيفة "إسرائيل اليوم"، أن نقابة الطيارين الإسرائيليين تلقت الثلاثاء رسالتين من الشركتين تفيد بأنهما لن تشاركا في الحدث. والأحد، أعلنت النقابة أن طائرات من الشركتين الإماراتيين ستشاركان بجانب طائرات إسرائيلية في العرض الجوي.
ولم تصدر إفادة رسمية من الشركتين في هذا الشأن. وحسب الصحيفة فإن تراجع الشركتين عن المشاركة في العرض الجوي يأتي على خلفية التوترات في مدينة القدس والمسجد الأقصى.
والثلاثاء، استدعت الإمارات السفير الإسرائيلي لدى أبو ظبي أمير حايك، للاحتجاج على ما تشهده القدس والمسجد الأقصى من اعتداءات واقتحامات. وهذه أول خطوة من نوعها منذ تطبيع علاقات بين الجانبين وتبادل السفراء عام 2020.
وأفادت الخارجية الإماراتية، في بيان، بأن وزيرة الدولة لشؤون التعاون الدولي ريم الهاشمي استدعت حايك وأبلغته "احتجاج الدولة واستنكارها الشديدين على الأحداث التي تشهدها القدس والمسجد الأقصى".
وأكدت الهاشمي للسفير الإسرائيلي أن الأحداث في "القدس والمسجد الأقصى شهدت اعتداءات على المدنيين واقتحامات للأماكن المقدسة وأسفرت عن إصابة عدد من المدنيين".
ودعت إلى "الوقف الفوري لهذه الممارسات وتوفير الحماية الكاملة للمصلين واحترام السلطات الإسرائيلية حق الفلسطينيين في ممارسة شعائرهم الدينية ووقف أي ممارسات تنتهك حرمة المسجد الأقصى".
وأكدت "ضرورة احترام دور المملكة الأردنية الهاشمية في رعاية المقدسات والأوقاف بموجب القانون الدولي والوضع التاريخي القائم وعدم المساس بسلطة صلاحيات إدارة أوقاف القدس وشؤون المسجد الأقصى".
وحثت على "خلق بيئة مناسبة تتيح العودة إلى مفاوضات جدية تفضي إلى تحقيق سلام عادل وشامل، وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على حدود 1967 وعاصمتها القدس الشرقية".
من جهته كتب السياسي والأكاديمي الإماراتي عبد الخالق عبد الله تغريدة على تويتر "رد فعل قوي وغاضب.. الإمارات تلغي المشاركة في الجسر الجوي الإسرائيلي بسبب أعمال الشغب في جبل الهيكل. ألغت شركة الطيران الإماراتية ويز إير أبوظبي مشاركتها في الجسر الجوي في يوم الاستقلال الإسرائيلي هذا العام، وسط إدانة عربية لأعمال عنف الحرم القدسي والمدينة القديمة".
وكانت الإمارات وقعت اتفاقاً لتطبيع العلاقات مع الكيان الصهيوني بوساطة أمريكية، في البيت الأبيض عام 2020. و الإمارات منذ تطبيعها مع كيان الاحتلال الإسرائيلي صيف العام 2020، وقعت اتفاقيات عديدة في شتى المجالات مع الاحتلال، ودعت شخصيات إسرائيلية إلى جل الفعاليات المقامة على أرضها.
وقبل 74 عاماً، في العام 1948، أُعلن قيام الكيان الصهيوني على غالبية أراضي فلسطين التاريخية، بعد تهجير قرابة 800 ألف من أصل 1.4 مليون فلسطيني، من قراهم ومدنهم إلى الضفة الغربية وقطاع غزة والدول العربية المجاورة.
ويصادف هذا العام الذكرى الـ74 لنكبة الشعب الفلسطيني في 15 مايو من كل عام حيث يُحيي فيها الفلسطينيون ذكراها، تعبيراً عن تمسكهم بحقهم في العودة إلى ديارهم التي هُجّروا منها قسراً على يد العصابات الصهيونية، إضافة إلى جرائم التطهير العرقي التي مورست بحقهم قبل وبعد عام 1948.
وأثار هذا القرار ضجة على وسائل التواصل الإجتماعي، حيث قال ناشط".. "طيران الإمارات يقرر المشاركة في احتفالات إسرائيل بذكرى احتلال فلسطين من بعد ذلك سيتجرأ بالقول إن هؤلاء هم من العرب على صعيد الحكومة لأنه هنآك شعوباً تعارض كل وسائل التطبيع".
وقال الناشط الفلسطيني محمد الوليدي بتغريده له: "في ذكرى تشريد هؤلاء من وطنهم سيستعرض بلد عربي يدعى الإمارات طيرانه مع طيران الكيان الصهيوني الذي شردهم.. سيحتفلان معا بهذه الخديعة التي اشترك فيها العالم كله بخداع شعبنا.”
يذكر أنّ أبو ظبي، وبعد ساعات على اقتحام قوات الاحتلال الإسرائيلي للمسجد الأقصى والاعتداء على المصلين الفلسطينيين داخله، قبل أيام، قامت بتقديم تهنئة إلى الإسرائيليين بمناسبة عيد الفصح اليهودي، معربةً عن تمنياتها بـ"عطلة مليئة بالسلام والمحبة".
وبالنظر إلى التطورات الأخيرة في القدس لا تزال الإمارات تنتهج سياسة خارجية خاطئة. ففي العلاقات الدولية، يتفق المفكرون على أن المصالح الوطنية هي أهم مبدأ. لكن تحديد وتفسير المصالح الوطنية بشكل صحيح ليس بالمهمة السهلة! وإذا كان هناك عدد من العوامل الداخلية والخارجية تتدخل في هذا الأمر، فسيكون لدى المسؤولين السياسيين في اي بلد سوء فهم للمصالح الوطنية. وهذا بالضبط ما تتعرض له الإمارات.
تُظهر الإجراءات الأخيرة للإمارات في إقامة علاقات مع الكيان الصهيوني واعلان المشاركة في عرض جوي في ذكرى النكبة أن قادة الإمارات يسيرون في الاتجاه الخاطئ من قبل الغرب. والإحساس الزائف بانعدام الأمن الذي زرعه الغرب في أذهان العرب في المنطقة يجعل أبوظبي أكثر جشعاً للتعاون الأمني والعسكري مع حلفاء أمريكا! دائماً ما تجد الإمارات نفسها في هالة من الخوف، كثير منه مجرد وهم مخطط، وجزء منه نتاج سذاجة الحكام العرب الذين ضحوا بمصالحهم من أجل لعبة السياسيين الغربيين.
سياسة ازدواجية المعايير لن تنقذ الإمارات. اذ يجب أن تتخذ قرارها بحزم ووضوح! لا يمكن إرسال مؤشر إيجابي للمحور المعادي للغرب والرقص على وتر الصهاينة في آن واحد! ففي هذا المنعطف الحرج، يجب على الإمارات اتخاذ موقف واضح لا لبس فيه من أجل الحفاظ على بقائها.
لقد أدركت الإمارات حتى الآن أن قوة الغرب ليست مستقرة ولا يمكن الاعتماد عليها، لكنها من ناحية أخرى، لا تزال تبني حساباتها على اساس إملاءات الغرب. لذلك يجب أن يعلم الحكام العرب أنه لا يمكن السعي وراء الأمن الدائم وفي نفس الوقت التصرف حسب رغبة اللوبي الصهيوني. وإذا لم تفهم الإمارات ذلك اليوم، فسوف تدفع ثمناً باهظاً بمرور الوقت.