الوقت- بعد عملية الردع السابعة لقوات "أنصار الله" اليمنية، والبيان الرسمي للقوات المسلحة اليمنية، والتقارير الإعلامية المتعلقة بهذه العملية، جاءت رسائل هذا الهجوم الصاروخي فقط في سياق الرد الانتقامي على جرائم تحالف العدوان المعتدي على أبناء الشعب اليمني وضرباته الجوية على مناطق متفرقة من اليمن، وخرقه وقف إطلاق النار في محافظة الحديدة. وحسب التقرير، فقد استهدفت عملية الردع السابعة منشآت تابعة لأرامكو في منطقة "رأس تنورة" بمحافظة الدمام بطائرات "صماد 3" دون طيار وصواريخ ذو الفقار الباليستية، ما وجه تحذيرا للمسؤولين السعوديين لتوعيتهم بالعواقب الخطيرة للعدوان اليمني. وحول هذا السياق، أعلنت القوة الصاروخية التابعة لأبطال الجيش واللجان الشعبية اليمنية "أنصار الله" يوم السبت الماضي استهداف شركة ارامكو النفطية وقواعد عسكرية في المناطق الشرقية والغربية والجنوبية للسعودية بغارات جوية نفذتها ثمان طائرات مسيرة من نوع "صماد 3" وصاروخ باليستي من نوع "ذو الفقار"، ضمن عملية نوعية استهدفت العمق السعودي. وذكر المتحدث العسكري باسم القوات المسلحة اليمنية العميد "يحيي سريع" في سلسلة تغريدات على صفحته في موقع التواصل الاجتماعي "تويتر" بأن الطائرات المسيرة أصابت أهدافها بدقة.
وقال "سريع" بأن هذه الهجمات تأتي كرد على ما وصفه بـ "تصعيد العدوان الغاشم وحصاره الظالم" مؤكدا على استمرار العمليات وتصاعدها خلال الأيام القادمة. ودعا "سريع" الشركات الأجنبية والمواطنين السعوديين الى الابتعاد الكامل عن الأهداف العسكرية والحيوية لكونها اصبحت هدفا مشروعا "، لافتا الى أن الاستهداف قد يطالها في اي لحظة. وأضاف المتحدث باسم القوات المسلحة اليمنية في بيانه قائلاً: "إن القوات الجوية اليمنية قصفت منشآت أرامكو أيضا في جدة وجازان ونجران بـ5 صواريخ باليستية من نوع بدر وطائرتين مسيرتين من نوع صماد 3". وهدد المتحدث باسم القوات المسلحة اليمنية السعودية بتنفيذ المزيد من العمليات العسكرية إن لم توقف ما وصفه بـ"العدوان" على اليمن مؤكداً حقهم في الدفاع عن وطنهم". وكان قد أعلن تحالف العدوان السعودي في اليمن عن التصدي لهجوم بصواريخ باليستية وطائرات مسيرة استهدف مناطق متفرقة من المملكة السبت. وزعمت وزارة الدفاع السعودية فجر يوم أمس الأحد أن عملية التصدي لهجوم استهدف منطقة الدمام، شرقي البلاد، أسفرت عن سقوط شظايا على حي سكني ما أدى إلى إصابة طفل وطفلة سعوديين.
عمليات عسكرية محدودة ذات أهمية استراتيجية واسعة النطاق
إضافة إلى البيان الرسمي للقوات المسلحة اليمنية عقب هذه العملية العسكرية، فإن التركيز الأخير للقوات اليمنية كان التركيز على تحرير جميع الأراضي المحتلة وتحقيق الحرية والاستقلال ليمن موحد، والذي يبدو أنها خطوة دفعتها قوات الدفاع اليمنية للأمام. إن المعادلة الجديدة التي اقترحها مسؤولو "أنصار الله" السياسيون والعسكريون لتحرير اليمن كله هذه الأيام، تُظهر الانتصار المبكر لقوات الدفاع اليمنية في عملياتها العسكرية في محافظة مأرب ويدها المتفوقة في تحقيق هذا النصر، وتثبت أيضا أن أهداف جديدة تابعة للمعتدين تنتظر دورها في بنك أهداف قوات "أنصار الله" في المحافظات الجنوبية لليمن. ويبدو أن جماعة "أنصار الله" في اليمن خلصت في الأشهر الأخيرة إلى أن دخول هيئات دولية، بما فيها الأمم المتحدة، لن يعمل على حل القضية وإنهاء الحرب، وأن جهود هذه المنظمات في ظل النفوذ الأمريكي والأوروبي كدعم المعتدون بالسلاح محكوم عليها بالفشل، ومن ناحية أخرى، فإن ادعاءات الولايات المتحدة بإنهاء الحرب في اليمن لم تذهب إلى أي مكان بعد حوالي 9 أشهر وأثبتت الايام أن واشنطن تسعى وراء أهداف غير واقعية تشبه أهداف المعتدين السعوديين تتمثل في استسلام الشعب اليمني. ولهذا السبب، أعطت "أنصار الله" أولويتها وتركيزها على إدارة القضايا العسكرية من أجل إجبار المعتدين على الاعتراف بمثلهم الوطنية والاعتراف بمطالبهم.
ومع المعادلة الجديدة، لم تكتف القوات المسلحة التابعة لحكومة الإنقاذ الوطنية اليمنية بإظهار دوافعها القوية لدفع عملية مأرب، بل أثبتت أيضًا أنها وضعت خطة مقننة لمرحلة ما بعد تحرير اليمن، بما في ذلك استعادة الامن والامان العام لليمن وتوحيد كافة المحافظات اليمنية وطرد المحتلين منها. وهذا أمر أرعب السعودية والإمارات، ويكمن تفسير الضربات الجوية الواسعة من قبل تحالف العدوان السعودي على محافظة الحديدة ومحافظات يمنية أخرى على أنها جهود حثيثة لمنع تقدم أبطال الجيش واللجان الشعبية اليمنية في عدد من جبهات القتال. وبالتالي يمكن اعتبار عملية الردع السابعة خطوة استراتيجية نحو إقامة معادلة جديدة تسعى السعودية لمواجهتها بتكثيف ضرباتها الجوية. ومن هذا المنطلق، وعلى الرغم من أن العملية لم تكن مهمة من حيث الحجم العسكري والإحصائي مقارنة بالعمليات السابقة، إلا أن أهميتها الاستراتيجية أكبر بكثير من حجمها التشغيلي، فبالإضافة إلى فشل تحالف العدوان السعودي من صدها، تظهر هذه العملية ولادة مرحلة جديدة من معادلات تحرير اليمن مكللة بالإصرار العالي للقوات العسكرية اليمنية التي تسعى لتحقيق تطلعاتها الوطنية، بغض النظر عن الضغوط القائمة عليها من معظم دول العالم.
إن المعادلة الجديدة تظهر أن ازدواجية سياسة نظام آل سعود في قتل الشعب اليمني والمطالبة بالمساعدات المقدمة لمناطق معينة في سياق أزمة المعيشة المستمرة في عدن وعدد من المحافظات الأخرى الخاضعة حاليا لسيطرة حكومة المرتزق "عبد ربه منصور هادي"، لا يمكنها أن تعطي الشرعية لحكومة الفنادق والارتزاق. ولهذا تسعى المملكة العربية السعودية إلى التوفيق بين الرأي العام اليمني وسياسة العصا والجزرة، غير مدركة أن اليمنيين هم أمة واحدة وأن قرابتهم القبلية وانتماءاتهم الوطنية تمنع تجاهل الجرائم السعودية في أجزاء أخرى من البلاد. وهذا ما تؤكده مؤشرات كراهية الشعب اليمني لسياسات آل سعود التي أعدها وصياغها بشكل أساسي المجتمع الدولي من خلال الاستفتاء.
وفي الختام يمكن القول إن استهداف منشأة أرامكو النفطية في العاصمة السعودية فجر يوم السبت الماضي بثمان طائرات مسيرة، جاء كرد مشروع على كل الجرائم غير الانسانية التي ارتكبتها مقاتلات الجو التابعة لتحالف العدوان السعودي في اليمن. خاصة وأن شركة أرامكو هي التي كانت تمّول وتقدم الكثير من الدعم المالي لتلك القوات الغازية وأنها لها دوراً في كل الجرائم التي ارتكبها تحالف العدوان في اليمن، ولقد كشفت العديد من التقارير أن شركة أرامكو قدمت الكثير من الاموال لشراء الكثير من الاسلحة من الولايات المتحدة وكان لها دورا في تقديم الدعم المالي واللوجستي للمطارات السعودية التي تنطلق منها الطائرات الحربية السعودية التي تهاجم أبناء الشعب اليمني الاعزل.