الوقت- تشغل القضية الفلسطينية والشعب
الفلسطيني المظلوم حيزاً كبيراً من حياة ووجدان وعقل الشعوب العربية خصوصاً
والمسلمين بشكل عام ولذلك نجد الكثيرون ممن يستغلون هذا الشعور بالمسؤولية لدى
الشعوب الإسلامية لصالحهم ويسخرونها لخدمة مصالحهم دون أن يكون لهم أي ارتباط أو
علاقة بالفلسطينيين أو القضية الفلسطينية لا من قريب ولا من بعيد. ولذلك أصبح من المعروف بأن أسرع طريقة لكسب
الشعبية ضمن العالم العربي والإسلامي وكسب المال الوفير هي الإكثار من الكلام عن
فلسطين ومقارعة أمريكا والكيان الصهيوني، حتى أضحت القضية الفلسطينية ودماء أطفال
فلسطين تجارة رابحة تدر الكثير لمن يزاولها.
منذ نشأة تنظيم
القاعدة في أفغانستان وقتاله ضد السوفييت بمساعدة من أمريكا وحماية مباشرة من السعودية
سعى الى تقليل إعتماده على كل من السعودية وأمريكا ولذلك وجد بأن أفضل طريق لكسب
التأييد الشعبي والمال هو تحريك عواطف المسلمين والتحدث عن القضية الفلسطينية
والدعوة للوقوف في وجه الكيان الإسرائيلي، الأمر لا يكلف شيئاً سوى بضعة خطابات
حيث يعلم قادة تنظيم القاعدة بحساسية القضية الفلسطينية بالنسبة للمسلمين، ما إن
يتم رفع بعض الشعارات التي تؤيد القضية الفلسطينية وتدعو الى محاربة الكيان
الإسرائيلي والجهاد لتحرير فلسطين حتى تلتف حولك قلوب المسلمين في بقاع الأرض
كافة.
إنتهج الشيخ أيمن
الظواهري زعيم تنظيم القاعدة الحالي نفس سياسة سلفه أسامة بن لادن في تعاطيه
السطحي مع القضية الفلسطينية والمتاجرة بها وبدماء أهل فلسطين لجني التبرعات
والتأييد الشعبي وهذا ما دعا الظواهري الى التطرق للقضية الفلسطينية في أكثر من
مناسبة وآخرها كان منذ يومين حيث أيد الإنتفاضة الفلسطينية ضد الكيان الإسرائيلي
ودعا للوقوف بوجه إسرائيل ودعم الفلسطينيين وحث بدو سيناء على الجهاد ومساعدة
أشقائهم الفلسطينيين دون أن يقدم تنظيم القاعدة على أي خطوة تساعد الفلسطينيين
وتقلل من معاناتهم.
الظواهري الذي يدّعي
الدفاع عن الحق الفلسطيني ماذا قدم لفلسطين وللشعب الفلسطيني ولأطفال فلسطين الذين
يقتلون كل يوم؟ لماذا لم يحرك خلاياه الإرهابية وجبهة النصرة لنصرة الشعب
الفلسطيني؟ لماذا لا يوجه بنادق مسلحيه ومسلحي تنظيم داعش الإرهابي نحو إسرائييل
لقتالها ورفع الظلم عن أهل فلسطين؟ لماذا حتى الأن لم نسمع عن إطلاق رصاصة واحدة
باتجاه الأراضي المحتلة ونسمع يومياً عن إطلاق صواريخ الأرض أرض وصواريخ جهنم
والقذائف باتجاه المدنيين من المسلمين في البلاد الإسلامة؟ لماذا نشاهد جبهة
النصرة تقاتل الجيش السوري على حدود الجولان المحتل وتسعى لإبعاد الجيش السوري عن
خط التماس مع الكيان الإسرائيلي لتكون هي الخط الفاصل والدرع الذي يقي الكيان
الإسرائيلي أي هجوم أو عملية من قبل المقاومة الشعبة باستهداف العمق الإسرائيلي؟
هذا التوجه الذي
تنتهجه التنظيمات الإرهابية ومنها تنظيم داعش الإرهابي وتنظيم القاعدة الذي يقوم
على تحريك مشاعر المسلمين وشدهم اليه من خلال إطلاق الشعارات الرنانة ما هو إلا
سياسة اتخذتها أجهزة المخابرات العالمية وبدأت تطبيقها على هذه التنظيمات لتستطيع
أن تنمو وتكبر في الأوساط الإسلامية مما يتيح لها حرية التحرك وارتكاب المجازر بحق
المسلمين في أفغانستان والعراق وسورية وباكستان وغيرها من البلدان الإسلامية دون
أي مقاومة تذكر.
معروف عن الأجهزة
الأمنية العالمية بأنها تغير أساليبها مع المتغيرات التي تطرأ على الميدان ولذلك
نجد التناقض الكبير في تصرفات التنظيمات الإرهابية التي تتحكم بها، والدليل على
هذا هو تأييد الظواهري للرئيس المصري السابق محمد مرسي والإخوان المسلمين ولكن
عندما تغير المزاج الدولي بالنسبة للإخوان أصبح من المنتقدين لهم وللرئيس مرسي.
بدأت الشعوب
الإسلامية تعي ما يجري حولها من مخططات باسم الدين والمقدسات وبدأت علامات
الإستفهام تظهر لديها بعد أن تأكدوا بأن كل مايقال هو مجرد شعارات لحشد التأييد
الشعبي وجني التبرعات لا أكثر، وإذا كانو صادقين فيما يقولون فلماذا لا يدعو
الظواهري التعبئة العامة لمحاربة الكيان الصهيوني قاتل الأطفال؟، لماذا تسعى
القاعدة وتنظيم داعش الإرهابي الى ضرب كل بلد يقف في وجه الكيان الإسرائيلي
ومحاربته ونشر الفوضى والدمار فيه بحجج متنوعة أما عندما يصل الأمر الى إسرائيل
فإنهم يصبحون عاجزون؟ لماذا البلدان الإسلامية هم الأهداف الأولى لهذه التنظيمات
والشعوب الإسلامية هي المستهدفة من قبل هذه التنظيمات؟ لماذا يقتل أطفال ونساء
المسلمين على يد هذه التنظيمات الإرهابية وأما أطفال إسرائيل فيرسلون الرسائل
لأطفال فلسطين على الصواريخ وقذائف المدفعية والدبابات؟، أسئلة كثيرة يبحث المسلون
عن أجوبة لها فهل يستطيع الظواهري والتنظيمات الإرهابية الإجابة عليها أم أن
السؤال يجب أن يوجه الى من يحركهم ويديرهم.