الوقت- أعلنت الخزانة الأمريكية يوم الخميس الماضي فرض عقوبات على رئيس أركان قوات جماعة "أنصار الله" اللواء الركن "محمد عبد الكريم الغماري"، بتهمة "إطالة الحرب الأهلية ومفاقمة الأزمة الإنسانية في اليمن"، فيما صنفت الخارجية الأمريكية، قائد المنطقة العسكرية الخامسة في قوات الجماعة الارهابية اللواء "يوسف المداني" بأنه "يشكل خطراً كبيراً بارتكاب أعمال إرهابية تهدد أمن مواطني الولايات المتحدة أو الأمن القومي، أو اقتصاد الولايات المتحدة". وكان المبعوث الأمريكي الخاص إلى اليمن "تيم ليندركينغ"، قال في وقت سابق اليوم إن الولايات المتحدة ستفرض عقوبات على اثنين من المسؤولين العسكريين اليمنيين اللذين يقودان هجوم للسيطرة على مدينة مأرب الغنية بالغاز في اليمن. وأضاف "ليندركينغ"، الذي كان يضغط من أجل وقف إطلاق النار بين حركة "أنصار الله" وتحالف العدوان السعودي، في إفادة إعلامية افتراضية، أنه يجب فتح جميع الموانئ والمطارات في اليمن لتخفيف الأزمة الإنسانية.
وحول هذا السياق، استنكر القيادي في جماعة "أنصار الله" اليمنية محمد علي الحوثي، عقوبات فرضتها الولايات المتحدة على مسؤولين عسكريين فيها، وهدد بإمكانية توسيع نطاق الهجمات على دول العدوان. وتوعد القيادي في جماعة "أنصار الله"، يوم الأحد الماضي، تحالف العدوان الذي تقوده السعودية في اليمن، بهجمات حال استمرار عملياته العسكرية والقيود المفروضة على المنافذ التي تديرها الجماعة. وقال محمد الحوثي عضو المجلس السياسي الأعلى، عبر "تويتر": "العقوبات لا تخيف المجاهدين (في اشارة إلى العقوبات التي فرضتها الولايات المتحدة على قائدين عسكريين في الجماعة)". وأضاف "إذا استمروا بحصارهم وعدوانهم فربما تضرب أماكن غير متوقعة لبعض دول العدوان".
كما قللت جماعة "أنصار الله" اليمنية، يوم الأربعاء الماضي، من تأثير العقوبات التي فرضتها وزارة الخزانة الأمريكية على اثنين من قادة الجماعة، بتهمة إطالة أمد الحرب واستهداف الدول المجاورة والسفن التجارية في المياه الدولية. وقال الناطق باسم حركة "أنصار الله" محمد عبد السلام، في بيان نقله تلفزيون "المسيرة": "لا جديد تأتي به أمريكا من عقوباتها المزعومة سوى أنها تناقض ما تدعيه من رغبة في السلام وهي ضد السلام ومع استمرار العدوان والحصار". وأضاف: "لا قيمة فعلية للعقوبات التي ندينها ونرفضها، وأمريكا هي تمارس العدوان على اليمن بعقوبات وبغيرها". واعتبرت جماعة "أنصار الله" أن "مواقف واشنطن تمد المعتدين على اليمن بمظلة حماية لمواصلة استهداف الشعب اليمني".
وعلى صعيد متصل، دعا القيادي في حركة أنصار الله اليمنية "محمد البخيتي"، قبل عدة أيام الولايات المتحدة إلى حظر الدعم للتحالف الذي تقوده السعودية بدلاً من وضع جماعته على قائمة الجماعات الإرهابية. وكتب "البخيتي" في تغريدة: "على أمريكا أن تصدر حظرا على إرسال السلاح والطيران والدعم اللوجستي للسعودية وتحالفها في العدوان على اليمن"، وأضاف "البخيتي"، إن "الأموال التي جمعتها وزارة الخزانة الأمريكية كانت ثمن إرهاب التحالف الأمريكي السعودي الإماراتي على اليمن بقتل الاطفال والنساء وتدمير اليمن وتجويعه".
وعلى نفس هذا المنوال، حذر رئيس الوفد الوطني اليمني المفاوض "محمد عبدالسلام"، دول العدوان من تبعات استمرارها في عدوانها وحصارها على الشعب اليمني، مشيرا إلى أن عدم مسارعتها في إيقاف جرائمها وعدوانها سيكلفها كثيرا. وقال "عبدالسلام" في تغريدة له على تويتر يوم السبت الماضي: "العدوان على اليمن جريمة والحصار جريمة، واستمرارهما جريمة أخرى مضاعفة، وعدم مسارعة تحالف الإجرام لإيقاف جرائمه سيكلفه كثيرا". الجدير بالذكر أن قوى العدوان مستمرة في ارتكاب المجازر الوحشية بشكل يومي بالإضافة لاستمرار الحصار ومنع ادخال السفن المحملة بالمشتقات النفطية وكذلك إغلاق مطار صنعاء الدولي الأمر الذي أدى لوفاة عشرات الآلاف من المواطنين وخلق أزمة اقتصادية خانقة.
الجدير بالذكر أن الانتقاد للسياسة الأمريكية وتعاطيها السلبي مع الملف اليمني كان الأكثر حضوراً في خطابات وأدبيات الاحتجاجات الشعبية الواسعة التي خرجت قبل عدة أسابيع في اليمن ولقد حمّل المتظاهرين واشنطن مسؤولية ما يتعرض له اليمنيون من عدوان وقتل مدنيين وتدمير وتجويع، وان انعكاسات مثل هذه العقوبات ستزيد الطن بلة بشأن مضاعفة المعاناة والأزمات الإنسانية وتعقيد مسار عملية السلام، إلى جانب أن البيانات الصادرة أكدت أن العدوان والحصار على اليمن هو أمريكي بالدرجة الأولى، وأن أمريكا هي المسؤولة عن جرائم الإبادة بحق اليمنيين وهي من توفر الدعم والغطاء السياسي للتحالف السعودي الإماراتي، وأن التصنيف الأمريكي لـ"أنصار الله" جاء تتويجاً للممارسات العدوانية الأمريكية ضد اليمن وتعبيرا عن الفشل أمام صمود اليمنيين في وقت يعتبر الإرهاب الحقيقي هو ما يقوم به من اطلقوا عليه "التحالف الأمريكي السعودي" من حصار على الموانئ والمطارات وقتل اليمنيين وتجويعهم، وأن واشنطن تحاول بمثل هذه التحركات تغطية إدارتها للحرب العبثية في اليمن وتورطها فيما ارتكبت من جرائم وانتهاكات.
ومن جهته قال المتحدث باسم وزارة الدفاع اليمنية في حكومة صنعاء العميد "يحيي سريع": إن "بوارج وناقلات النفط التابعة للعدوان وتحركاته لن تكون في مأمن من نيران قوات البحرية اليمنية إذا صدرت التوجيهات من القيادة العليا". وأضاف.. إن "دول تحالف العدوان يجب أن يكونوا على يقين بأن سلاحنا وقدراتنا اليوم قادرة تماما على إصابتهم في مقتل من حيث لا يشعرون، وأن كل المطارات والموانئ والمنافذ والمناطق ذات الأهمية بالنسبة لهم ستكون هدفا مباشرا للسلاح اليمني المناسب"، وأعرب: "نؤكد أن من حقنا بل من واجبنا الدفاع عن النفس والعرض والأرض والشرف والكرامة". وقال إن قرار تهديد سفن التحالف جاء بعد "اجتماع لقيادات القوات البحرية والدفاع الساحلي وخفر السواحل لمناقشة الإجراءات والتدابير اللازمة للرد على دول العدوان أمام استمرار إغلاق الموانئ اليمنية".
لقد أعطا الضعف والثغرة الأمنية الكبيرة في دفاعات المملكة العربية السعودية التي وقفت عاجزة أمام قوات وضربات "أنصار الله" المتنامية، صنعاء مزيدًا من الثقة وذلك بعد الأزمة المالية الحالية التي تواجهها الرياض، نظرًا لاعتماد الاقتصاد السعودي الكبير على عائدات النفط ولهذا فقد أعطت حكومة صنعاء السعوديين إنذارًا نهائيًا بشأن ضرورة قبول مطالبهم في ساحة المعركة. وعليه، حذر وزير الخارجية في حكومة صنعاء "هشام شرف عبد الله"، السعودية في الأيام الأخيرة من أن الهجمات الانتقامية على موانئ دول التحالف ستكون على جدول الأعمال إذا لم يعّدل التحالف سياسته ويُنهي الحصار المفروض على اليمن. وقال إن "صنعاء لن تبقى غير مبالية كما يعتقد البعض، وإذا استمر حصار الموانئ اليمنية فلن تكون موانئ أعداء اليمن آمنة".
لقد تنامت قدرات "أنصار الله" خلال الفترة الماضية بشكل كبير وهذا ما تؤكده الهجمات الصاروخية التي شنوها في المملكة العربية السعودية، ونظرًا للدور الحاسم للموانئ في دورة التجارة الخارجية للمملكة العربية السعودية، فإن الضربات اليمنية التي قد تحصل في المستقبل على الموانئ السعودي سيكون لها أثر بالغ على الاقتصادي السعودي الذي يعاني من العديد من الازمات. ولفهم هذه القضية، يمكننا النظر إلى حجم الاستثمارات الكبيرة التي قامت بها المملكة العربية السعودية في قطاع الموانئ في السنوات الأخيرة. ففي عام 2014، عقدت المملكة العربية السعودية أول مؤتمر تجاري بحري لها في مدينة الدمام الساحلية وخلال تلك الفترة قدمت الرياض العديد من الالتزامات بتوسيع القطاع البحري في جميع أنحاء البلاد، وعقدت جولتين أخريين من المؤتمرات التجارية خلال السنوات الماضية. وتشير التهديد الذي تتعرض له المنشآت والموانئ السعودية، نظرًا لبعدها الكبير عن الأراضي اليمنية، إلى زيادة واسعة في المستويات العسكرية والدفاعية لجماعة "أنصار الله" ضد المعتدين، وتؤكد على حدوث تحول كبير في معادلات الحرب، وأن السعودية ليس لديها خيار سوى الامتثال لمطالب اليمن بإنهاء حصارها اللاإنساني.