الوقت- كشفت وسائل إعلام مغربية محلية عن بدء حملة تغييرات كبيرة في مناهج التعليم المغربية لتتضمن دراسة تاريخ اليهود وتراثهم لكن وزارة التربية الوطنية المغربية ردت على هذه التسريبات بالقول إن هذه التغييرات قد انطلقت منذ سنوات، ولا علاقة لها بالتطبيع الأخير، كما أكدت الاستمرار في حملة التغيير في المستقبل.
ومن خلال رد وزارة التربية الوطنية المغربية يمكن الفهم أن التغيير صحيح بالفعل وهي مستمرة بتطبيعها على الصعيد التعليمي وستدخل دراسة التراث والتاريخ اليهودي إلى المنهاج الجديد.
وزارة التربية مستمرة في التطبيع
الرد الرسمي لوزارة التربية الوطنية المغربية كان على لسان فؤاد شفيقي، مدير البرامج المدرسية بوزارة التربية الوطنية، حيث قال لوسائل اعلام محلية إن تغيير المناهج المدرسية وتناولها لمواضيع تهم اليهود المغاربة وتاريخهم وثقافتهم لا علاقة له بما يحدث من إعادة للعلاقات الدبلوماسية مع الكيان الإسرائيلي.
وأضاف شقيقي: إن مراجعة المناهج انطلقت قبل سنوات، وتضمنت مقررات المستوى الابتدائي مواضيع عن اليهودية. كما توقع وجود تغييرات في مقررات المستويات الأخرى خلال السنوات المقبلة، تماشيا مع دستور 2011 الذي يتحدث عن هوية متعددة الروافد سواء الأمازيغية أم الحسانية وحتى العبرانية.
وكانت وسائل إعلام محلية قد أكدت أن كتاب "المسار في الاجتماعيات" للصف السادس الابتدائي قد اشتمل على تعريف بالمكون اليهودي في تاريخ وحضارة المغرب.
أيضا فإن مقرر "الجديد في الاجتماعيات" المقرر على تلاميذ الصف السادس الابتدائي، بعنوان "المغرب في عهد العلويين" قد تناول عهد السلطان محمد بن عبد الله، مؤسس مدينة الصويرة، ويستشهد بالدستور المغربي الذي ينص على أن المكون العبري يعتبر أحد روافد الهوية الوطنية، ويعرف بعد ذلك بـ"بيت الذاكرة"، الذي دشنه الملك محمد السادس في شهر يناير 2020، قائلا إنه: "فضاء تاريخي، وثقافي، وروحي لحفظ الذاكرة اليهودية المغربية وتثمينها."
رفض تجنيد الكادر التعليمي لتمرير المشاريع التطبيعية
توجه وزارة التعليم المغربية لاقى ردود أفعال مختلفة وفي هذا الصدد، وجهت «الجامعة الوطنية للتعليم» (أكبر نقابة تعليمية في المغرب) رسالة قوية إلى وزير التربية الوطنية، أعربت فيها عن رفض تجنيد الكادر التعليمي واستخدامه بأي شكل من الأشكال لتمرير المشاريع التطبيعية مع الكيان الصهيوني، رافضة تزييف وعي الأطفال المغاربة وتحريف التاريخ الحقيقي للصراع ضد الصهيونية باعتبارها شكلاً من أشكال العنصرية والاستيطان.
كما قالت النقابة التعليمية إن الوزير سعيد أمزازي سبق أن كشف، خلال مباحثاته الهاتفية مع أحد وزراء الكيان الإسرائيلي، تفاصيل الشراكة التي تعمل وزارة التربية الوطنية على إقامتها معها، واعتبرت أن ذلك «سيحول منظومتنا التربوية والتعليمية وبلادنا إلى مرتع لتطبيع عقول بنات وأبناء شعبنا من تلاميذ وطلبة ومتدربين ومدرسين من الأولي إلى العالي… عبر اعتماد أخطر أشكال التطبيع، وهو التطبيع التربوي».
وقالت إن الوزير تحدث عن إدراج ما سمي «تراث اليهود» في المنهاج الدراسي المغربي، انطلاقاً من الموسم الدراسي المقبل، مباشرة بعد قرار إعادة العلاقات مع إسرائيل». كما أشارت إلى أن الخطوط العريضة للبرامج المشتركة في مجال التربية والتعليم، تتضمن توءمة مدارس ثانوية، وإجراء مسابقات تعليمية بالعربية، والعبرية، وإقامة عروض موسيقية وفنية في عيد «الميمونا» وتبادل الوفود الطلابية، وتنظيم جولات دراسية في فلسطين المحتلة والمغرب لتعميق العلاقات الدبلوماسية.
بدورها عبرت «الجامعة الوطنية للتعليم- التوجه الديمقراطي» إلى جانب الهيئات المغربية المناهضة للتطبيع والداعمة لنضال الشعب الفلسطيني عن رفضهم لـ "أي شكل من أشكال التطبيع مع الكيان الإسرائيلس، انطلاقاً من أن القضية الفلسطينية بالنسبة إلى الشعب المغربي هي قضية وطنية. كما أن الكيان الصهيوني هو كيان استعماري استيطاني عنصري برعاية إمبريالية"
دول حظيرة التطبيع تسير على الطريق نفسه
لم تكن المغرب الأولى بالتطبيع الثقافي والتربوي مع الاحتلال بل سبقتها الإمارات والبحرين وحتى السعودية التي لم تطبع بشكل رسمي ولكنها تسير معهم بالطريق نفسه، وعملت الإمارات على تقديم منهج تعليمي جديد لطلبتها في المراحل التعليمية المختلفة؛ بهدف تغيير النظرة المألوفة عن "إسرائيل" من دولة محتلة لأرض عربية وهي فلسطين، إلى دولة صديقة، بعد الاتفاق الذي أعلن في 13 أغسطس 2020، بعد سنوات طويلة من التقارب والتواصل والتعاون بينهما.
الخطوة الإماراتية المزمع تنفيذها جاءت على لسان رئيس لجنة الدفاع والداخلية في المجلس الاتحادي الإماراتي، علي النعيمي، حيث أكد أن بلاده ستغير الخطاب الديني والمناهج التعليمية "حتى يشعر الإسرائيلي بالطمأنينة والانتماء".
أما السعودية فقد قرر حكامها إلغاء أي ذكر للعداء أو الخطر "الإسرائيلي" من المناهج التربوية والتي بدأت تشهد تغييرات جوهرية لم تعد تتحدث عن "الخطر الصهيوني" ، أو "حكم الصهيونية للعالم بالمال والمخدرات" ، ما يعني أن روح التقارب بين تل أبيب والرياض أخذت طريقها نحو إزالة المحتوى المعادي لإسرائيل من الكتب المدرسية السعودية.
حجة التسامح والعيش المشترك!
إن حجة قيم التسامح والعيش المشترك بين الأديان السماوية هي المزمار الذي تعزف عليه دول حظيرة التطبيع بأوامر من أسيادهم في أمريكا والكيان الإسرائيلي بهدف تمرير مشاريعهم المنشودة، من إخفاء الطابع العنصري للصهيونية، وبأن للكيان الصهيوني الحق في بناء المستوطنات وتهجير الفلسطينيين وأسرهم وقتلهم وتدمير القرى والمدارس والمدن المغتصبة. كما أن التطبيع هو شرعنة لجرائم الكيان الصهيوني ضد الشعب الفلسطيني ومنها الاحتلال والاستيطان وبناء الجدار العازل، وكلها جرائم ضد الإنسانية في القانون الدولي لحقوق الإنسان.
التطبيع التربوي حرب حقيقية لا تقل خطورتها عن الحرب العسكرية، وعلى المجتمع ومؤسساته الحية استنفار الجهود لمواجهتها، ابتداءً من مؤسسة الأسرة، والمسؤولية أصحبت كبيرة ومضاعفة بعد أن أصبحت وزارة التربية والتعليم هي التي تتولى المسخ الفكري والتربوي، وتتخندق في خنادق الصهاينة في هذه الحرب التي تستهدف الأجيال، لأن الأجيال القادمة ستنسى القضية الفلسطينية وتنسى الأقصى وهذا بالضبط ما يريده الكيان الصهيوني فمع رحيل الجيل الحالي المقاوم سيأتي جيل قد تعلم على الثقافة اليهودية ومعايشتها ولن يعود هناك مطالبة بالقدس ولا بالأقصى حتى.
