الكل يعرف أن الحكومة
الكندية السابقة التي قادها الحزب المحافظ خلال تسعة أعوام، كانت مطية للوبي
الإسرائيلي ولقادة الكيان الإسرائيلي خاصة بنيامين نتانياهو. حيث اغلقت كندا
سفارتها في طهران طيلة الاعوام الماضية بسبب دعم إيران للشعب الفلسطيني، ودافعت كندا
خلال هذه الحقبة عن الحروب الإسرائيلية ضد الفلسطينيين، معتبرة تلك الحروب، دفاعا
مشروعا عن النفس من قبل تل أبيب!. وفي هذا السياق استطاع الكيان الإسرائيلي خدع
هاربر بان الحروب الإسرائيلية ضد المسلمين في الشرق الاوسط، لم تكن دفاعا عن الكيان
الإسرائيلي فحسب، بل تاتي دفاعا عن الحضارة والمجتمعات الغربية، أمام المخاطر التي
يشكلها الإسلام السياسي علی تلك المجتمعات!. وفي هذا السياق يقول رئيس مركز «يروشليم
لدراسة المجتمع والدولة الإسرائيلي»، ووكيل وزارة الخارجية في الكيان الإسرائيلي،
«دوري غولد»، بان دعم هاربر المطلق لتل أبيب يعود لايمانه بان اسرائيل هي «الحصن
الذي يحمي الغرب من خطر الإسلاميين» بعد التحولات التي نتجت عن «الربيع العربي» في
منطقة الشرق الاوسط. وفي تقرير آخر يدعي مركز يروشليم أن الإسلاميين لن يكتفوا
بإبادة الكيان الإسرائيلي، بل يتطلعون الی بسط نفوذهم الإسلامي علی مسيحيي العالم
في أوروبا وأمريكا الشمالیة!.
بعد هذه الهزيمة التي تلقاها حزب المحافظين في كندا والموالي لإسرائيل، بات بامكان الشعب الكندي أن يتحرر من هيمنة الكيان الإسرائيلي، وأن يصيغ سياساته مع دول الشرق الاوسط والعالم الإسلامي، بناءً علی مصالحه وليس وفقاً لرغبات القادة الإسرائيليين. وبعد هذه الإنتخابات، باتت كندا أمام فرصة تاريخية لإعادة علاقاتها مع إيران وفقا للاحترام المتبادل بين البلدين، بعد ما أصبحت إيران الیوم محطة إهتمام بالنسبة لجميع دول العالم بسبب توقيعها الاتفاق النووي مع مجموعة "5+1"، وبدء ذوبان المقاطعة السياسية والإقتصادية المفروضة علیها من قبل الغرب.
وفي هذه الاثناء أنتقد زعيم الحزب الليبرالی «جاستن ترودو» وخلال حوارا له مع قناة «سي بي سي» الكندية بعد إعلان فوز حزبه في الانتخابات البرلمانية، انتقد رئيس الوزراء المنتهية ولايته «ستيفن هاربر» بسبب اغلاقه سفارة بلاده في إيران، والتي جاءت وفقا لرغبات الكيان الإسرائيلي. ورأی العديد من المحللون أن هزيمة الحزب المحافظ الكندي برئاسة ستيفن هاربر في الانتخابات البرلمانية، تعتبر هزيمة مريرة وخسارة مدوية للكيان الإسرائيلي في كندا وأمريكا الشمالیة.
وقبل اعلان فوز الحزب الليبرالي الكندي في الانتخابات البرلمانية، والذي يعارض سياسات هاربر الداعمة لتل أبيب، أعلن الیمين الإسرائيلي تخوفه من نتائج استطلاعات الرأي التي أشارت الی إحتمال خسارة هاربر في هذه الإنتخابات. وكانت استطلاعات الرأي التي جرت في كندا قبل إجراء الانتخابات البرلمانية، أشارت الی فوز الحزب الديمقراطي الكندي المعروف بمواقفه الحادة ضد الكيان الإسرائيلي. وبات من الوارد أن تكون الحكومة الكندية القادمة، تكون خليطا من الحزب الليبرالي والديمقراطي المعادي لإسرائيل، وسيتولی قيادتها جاستن ترودو.
وقبل ايام كتب موقع «عروتش شيفع» الإسرائيلي والذي يعبّر عن مواقف التيار الديني المتصهين، حول نتائج الاستطلاعات التي أشارت الی احتمال خسارة ستيفن هاربر، أن عشر أعوام من العسل في العلاقات بين الكيان الإسرائيلي وكندا يمكن أن تنتهي بعد إعلان نتائج الانتخابات القادمة. وفي هذا السياق كتبت الصحافة الإسرائيلية قبل إعلان خسارة هاربر أن عشرات المتطوعين الإسرائيليين سافروا لكندا، لدعم حملة هاربر الإنتخابية، لكن في نهاية المطاف خابة آمالهم .
إذن انها الهزيمة المريرة التي حلّت بإسرائيل في كندا بعد أن خسرت حليفها هاربر في الإنتخابات البرلمانية، وستكون لهذه الهزيمة، دلالات واضحة، أهمها أن الشعب الكندي بات يكره الإسرائيليين وتدخلاتهم في بلاده، ولهذا عاقب ستيفن هاربر وحزبه، من خلال عدم التصويت لهم بسبب ولائهم لإسرائيل. إذن نحن قادمون علی كندا جديدة، أكثر انفتاحية علی العالم الإسلامي والشرق الأوسط، ومعادية لإسرائيل وسياساتها العنصرية.
