الوقت- شن تحالف العدوان السعودي الأمريكي قبل خمس سنوات ونيف، حرباً عبثية على أبناء الشعب اليمني، وكان أهم سبب لبدء هذه الحرب، يمكن اعتباره متمثلاً في عودة الهيمنة السعودية والأمريكية إلى اليمن ولقد أصبح هذا الهدف حلماً يراه قادة البيت الأبيض كل يوم وكل ليلة عقب وصول "محمد بن سلمان"، عديم الخبرة والمتعطش للدماء إلى السلطة وخلال السنوات الماضية بذلت السعودية الكثير من الجهود لتوسيع نفوذها السعودي ودورها الإقليمي في اليمن من أجل الهيمنة على مضيق "باب المندب" الاستراتيجي. لقد تكبّد تحالف العدوان السعودي الأمريكي الصهيوني خلال السنوات الماضية الكثير من الهزائم على أيدي أبطال الجيش واللجان الشعبية اليمنية، الأمر الذي دفع قادة السعودية للاستنجاد بالبيت الأبيض لإيجاد حل لهذه الأزمة والخروج من مستنقع اليمن بماء الوجه ولهذا فقد بذل قادة البيت الابيض خلال الفترة الماضية الكثير من الجهود لفرض عقوبات اقتصادية على أعضاء من جماعة "أنصار الله" ومؤخراً تصنيف هذه الحركة كمنظمة إرهابية وذلك من أجل الضغط على قادة هذه الحركة اليمنية المقاومة لإنهاء الحرب في اليمن والقبول بالشروط الأمريكية.
وعلى هذا الصعيد، أعلن وزير الخارجية الأمريكي "مايك بومبيو" يوم أمس الاثنين عزمه على تصنيف حركة "أنصار الله" اليمنية منظمة إرهابية أجنبية. وقال: "أعتزم إدراج ثلاثة من قادة جماعة أنصار الله، على قائمة الإرهابيين الدوليين". وادعى "بومبيو" أن "هذه الخطوة سيكون لها تأثير ملحوظ على الوضع الإنساني في اليمن"، مؤكداً "وجود خطة لتنفيذ إجراءات لتقليل تأثير التصنيف على بعض النشاط الإنساني وتوريد المساعدات إلى اليمن". ورداً على هذا الإعلان الأمريكي، تباينت ردود الافعال الرافضة والمرحبة والصامتة على هذا القرار الأمريكي الغبي. حيث دانت وزارة الخارجية الإيرانية إدراج واشنطن لحركة "أنصار الله" اليمنية على قائمة الجماعات الإرهابية، مشيرة إلى أن "هذا القرار محكوم بالفشل، ويرمي لتحقيق نوايا أمريكية مشؤومة". وقال المتحدث باسم الخارجية الإيرانية، "سعيد خطيب زاده": أن "جهود أمريكا لوضع جماعة أنصار الله على قائمة الإرهاب، تعبير عن إفلاس إدارة الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، في أيامها الأخيرة". وأضاف: "لا قيمة لمساعي الإدارة الأمريكية لوضع أنصار الله على قائمة الإرهاب في الأيام الأخيرة لإدارة ترامب"، مؤكدا أنه "لا يمكن لأمريكا، أو أي دولة مارقة في المنطقة، فرض أي إجراءات في اليمن تتعارض مع الحقائق هناك".
ومن جانبه، أدان "حزب الله" اللبناني بشدة القرار الأمريكي بتصنيف "أنصار الله" اليمنية منظمة إرهابية، مؤكدًا تضامنه مع حركة "أنصار الله" وقيادتها الشريفة والشجاعة، مشيرا إلى أن الإجراءات الأمريكية وما سبقها من خطوات عدوانية مماثلة استهدفت حركات المقاومة في المنطقة تهدف لمعاقبة كل من يرفض الهيمنة والتسلط الأمريكية على مقدرات المنطقة وثرواتها. وأضاف "حزب الله" اللبناني، إن "الإجراءات الأمريكية تهدف إلى معاقبة من يرفض التسلط الأمريكي على خيارات شعوب منطقتنا الحرة ويرفض الاحتلال الصهيوني لفلسطين والانخراط في حركة التطبيع المشؤومة".
وبدوره، أصدر المتحدث باسم حركة النجباء العراقية "نصر الشمري" بيانا، استنكر فيه وصف الحكومة الأمريكية لحركة "أنصار الله" بالإرهابية، وأثنى على زعيم المقاومة اليمنية، مؤكدا أن الحركة تفخر بالوقوف إلى جانب اهل الیمن، مصرحا أن رجالاً أمثال السيد "عبد الملك الحوثي" واخوانه المجاهدين في يمن العز والصمود ليسوا بحاجة الى شهادة اعور دجال عميت بصيرته عن الاف الضحايا الابرياء وكل الخراب والدمار والجوع الذي يعانيه شعب اليمن المظلوم الذي سببه عدوان التحالف الوهابي الصهيوني الامريكي.
وعلى السياق نفسه، أعلن تكتل الأحزاب السياسية المناهضة للعدوان في اليمن، تضامنه مع "أنصار الله"، وإدانته للقرار الأمريكي الذي يصنف حركة "أنصار الله" اليمنية منظمة إرهابية، معتبرا أن القرار محاولة يائسة لتغيير مسار قرار عزل الرئيس الأمريكي المنتهية ولايته "دونالد ترامب"، مؤكدا أن الأحزاب والقوى السياسية المناهضة للعدوان لن تقف مكتوفة الأيدي في مواجهة مثل هذه القرارات الأحادية. هذا وأكدت أحزاب اللقاء المشترك اليمنية، أن قرار الإدارة الأمريكية ضد "أنصار الله"، مرفوض ومدان، معتبرة القرار الأمريكي المتزامن في نهاية فترة الرئيس المنصرف "ترامب" قرارا متهورا يدل على التخبط الكبير الذي تعاني منه الإدارة الامريكية في وضعها الحالي.
ومن جهته، اعتبر "سكوت باول" مسؤول السياسات الإنسانية لدى منظمة أوكسفام الأمريكية، القرار الامريكي ضد حركة "أنصار الله" اليمنية، وادراجها على قائمة إرهاب الأمريكية، بانه سياسة خطرة وغير مُجدية، تابع قائلاً: انها ستُعرّض حياة الأبرياء للخطر؛ موضحا ان لن يساعد هذا التصنيف في حل النزاع القائم، ولا في تحقيق العدالة بخصوص الانتهاكات والتجاوزات التي ارتكبت بحق الشعب اليمني اثناء الحرب؛ لن يؤدي ذلك إلا إلى تصعيد المعاناة بالنسبة لملايين اليمنيين الذين يصارعون من أجل النجاة.
وعلى الصعيد نفسه، قالت جماعة "أنصار الله" اليمنية، يوم أمس الاثنين، إن لها حق الرد على أي تصنيف أمريكي للجماعة، وأنها تدين أي تصنيف من جانب واشنطن، وقال عضو المجلس السياسي الأعلى، "محمد علي الحوثي"، عبر حسابه في "تويتر"، إن "أمريكا هي مصدر الإرهاب، وسياسة إدارة الرئيس المنتهية ولايته دونالد ترامب إرهابية، وتصرفاتها إرهابية، وما تقدم عليه من سياسات تعبر عن أزمة في التفكير". ومن جانبه، أعلن "محمد عبد السلام" رئيس الوفد الوطني المفاوض، معلقا على تصنيف أمريكا للجماعة منظمة إرهابية، أن الموقف الأمريكي ليس بجديد، مشددا في الوقت نفسه على أن الإدارة الأمريكية فشلت في كل ملفاتها في المنطقة، ما أدى إلى تأجيج حالة السخط ضدها وضد حلفائها في المنطقة.
وبالمقابل، رحّب مثلث الشر "السعودية والإمارات والبحرين" في المنطقة العربية بهذا القرار الأمريكي الجائر والغبي ولكن العديد من الدول العربية والاسلامية فضلت الصمت وهذا الصمت يؤكد أنها غير راضيه عن هذا القرار الجائر ولكن الشئ الذي منعها عن قول رأيها، هو خوفها من الادارة الأمريكية أو طمعها بالحصول على بعض الأموال السعودية والإماراتية. وبعيداً عن الإدانات الواسعة والترحيب الخجول، فقد أثار القرار الأمريكي المرتقب، موجة قلق في الشارع اليمني من التداعيات العسكرية والإنسانية، خصوصاً بعد إعلان قيادات في حركة "أنصار الله"، احتفاظ الجماعة بحق الرد، في إشارة إلى عمل عسكري محتمل قد يستهدف دول تحالف العدوان وعلى رأسهما السعودية والإمارات. وإضافة إلى المخاوف العسكرية، يخشى مراقبون تداعيات إنسانية للقرار المرتقب، حيث سيؤدي إدراج حركة "أنصار الله" ضمن لوائح الإرهاب، إلى مزيد من التشديد على الأعمال الإغاثية والقيود المصرفية، كما سيعمل على تشديد الحوالات المالية في بلد يعتمد بنسبة كبيرة على تحويلات المغتربين بالخارج، لكن الحكومة الشرعية.
ويرى العديد من الخبراء السياسيين، أن التصنيف الأمريكي لجماعة "أنصار الله" كمنظمة إرهابية، لن يكون له تأثير على مجريات الأحداث، وهو تغطية على فشل إدارة ترامب قبل رحيلها. وأشار اولئك الخبراء، إلى أن "هذا الإجراء يعتبر محاولة أخيرة من إدارة ترامب الفاشلة التي مارست الإرهاب والحصار في حق الشعب اليمني دون مسوغ قانوني، كما أن دعمها للعدوان وبيعه الأسلحة المحرمة دوليا هو عين الإرهاب". وأوضح الخبراء، أن "صنعاء ترفع شعار"الموت لأمريكا" علنا ومنذ سنوات، وبالتالي لن يخيف حركة "أنصار الله" تصنيف أمريكا لها كمنظمة إرهابية ولا شطحات إسرائيل، وهذا القرار لن يكون له تأثير إلا على زيادة تعاطف خصوم أمريكا مع هذه الحركة اليمنية التي وقفت مدافعة خلال السنوات الماضية عن أبناء الشعب اليمني ضد تحالف العدوان ومرتزقته، وربما يكون البيت الأبيض أراد أن يُدخل المنطقة في صراع أكبر للتغطية على الإخفاقات التي شهدتها تلك الإدارة الراحلة، فالخسارة التي تكبدتها أمريكا كبيرة نتيجة عجزها السياسي والعسكري والاقتصادي وفرض أجندتها على الشعب اليمني. وفي الختام يعتقد الخبراء السياسيون، أن المرحلة القادمة سوف تشهد وجود قوة إقليمية من محور المقاومة ومعترف بها رغما عن أمريكا وحلفائها، مشيرين إلى أن التصنيف الأمريكي ما هو إلا مجرد غطاء لطمس معالم الجرائم التي تم ارتكابها، وما تعرض له الشعب اليمني من جرائم وحصار يفوق أي تأثير لمثل هذه القرارات.