الوقت- إن روسيا التي تقوم بدورٍ فعليٍ في مكافحة الإرهاب، لا سيما فيما يخص الأزمة السورية، يبدو أنها وبعد نجاحها لقيت ترحيباً من العديد من الدول ومنها كابول. وبعيداً عن الجغرافيا السورية، فإن الخطر المُحدق بأفغانستان، والذي يتمثل بإرهاب طالبان والحديث عن إنضمام داعش له، هو من الأمور التي قد تدفع روسيا لخطوةٍ غير مُحددة المعالم حتى الآن لكنها حتماً تهدف لضرب الإرهاب في أفغانستان. كما أنه ومن الواضح أن السبب ذاته، كان الدافع وراء طلب كابول الدعم من موسكو، وهو ما يمكن فهمه بأنه تراجعٌ في ثقة أفغانستان بالغرب. وهو ما أثبتته زيارة نائب الرئيس الأفغاني الى موسكو لطلب الدعم الروسي. فماذا في دلالات الزيارة؟ وكيف يمكن أن يكون الدور الروسي؟
في الزيارة الأفغانية لروسيا:
ناشد النائب الأول للرئيس الأفغاني عبد الرشيد دوستم موسكو بدعم كابول في مكافحة الإرهاب. وأوضح المتحدث باسم نائب الرئيس الأفغاني، سلطان فايزي، أن روسيا تقوم بتقييم الوضع في أفغانستان لترى ما الذي يمكن أن تقدمه للمساعدة، مشيراً إلى أن روسيا ملتزمة بدعم أفغانستان من حيث مساعدة قواتها الجوية والعسكرية. وأضاف "نفتقر إلى الدعم الجوي والأسلحة والذخيرة، ونحتاج إلى الكثير من الدعم والمساندة لمكافحة الإرهاب". كما لفت إلى أنه تم إبلاغ الرئيس الأفغاني لدى زيارته إلى روسيا، بقلق المسؤولين من ظهور مسلحي "داعش" في أفغانستان واستيلائهم على المزيد من الأراضي، وسيطرة حركة طالبان على إقليم قندوز في شمال أفغانستان الأسبوع الماضي.
تحليلٌ ودلالات:
بعد أن نبه رئيس هيئة الأركان العامة في الجيش الروسي فاليري غيراسيموف في الثامن من تشرين الأول المنصرم، إلى أنه توجد زيادة ملحوظة في عدد عناصر تنظيم داعش في أفغانستان، جاءت زيارة نائب الرئيس اللأفغاني الى موسكو، لتؤكد القلق الأفغاني من تمدد الإرهاب وتعطي أهميةً للدور الروسي. فسيطرة حركة طالبان على ولاية قندوز في شمال أفغانستان، جاءت لتثبت صحة المخاوف الروسية، كما أنها جاءت لتدعم الموقف الروسي القاضي بمحاربة الإرهاب والذي انتقده الغرب مؤخراً. وهنا يقول المحللون بأن موسكو لن تنتظر أحداً فيما يهدد أمنها القومي، خصوصاً بعد أن أصبح واضحاً بأن الطرف الروسي لا يثق بالدور الغربي وتحديداً الأمريكي في أفغانستان. وهو ما يعني أن روسيا قد تقوم بأي خطوةٍ تساهم في تحصين مصالحها الإستراتيجية والتي تخدم أمنها القومي واستقرارها الداخلي. فالتجربة الأمريكية في أفغانستان مُنيت بالفشل. كما ان مطالبة وزير الدفاع الأمريكي كارتر بتمديد عمل القوات الأمريكية وحلف الأطلسي في أفغانستان، طرح العديد من التساؤلات لدى القيادة الروسية. فالتواجد العسكري الغربي في أفغانستان لم يمنع تمدد الإرهاب، بل زاد من وتيرته.
لذلك فإن العديد من الأسئلة التي تطرح نفسها اليوم تُشير الى أن المنطقة ذاهبة للحسم العسكري في العديد من الملفات. فروسيا لن تراهن على السياسة الأمريكية التي قد تجد في دعم الإرهاب اليوم وسيلةً لكسر الدور الروسي. فيما تبقى الأمور مفتوحةً على العديد من الإحتمالات خاصةً بعد طلب أفغانستان الدعم الروسي. وهنا نقول التالي:
- قد تسعى موسكو لملئ الفراغ الذي قد يحدثه خروج الناتو من أفغانستان. وهي بذلك تسعى للرد على انتقادات الغرب لها، فيما أكدت زيارة الوفد الأفغاني عدم ثقة كابول بسياسات الغرب وحضوره العسكري لديها.
- كما أن بقاء الناتو سيطرح العديد من الأسئلة حول أهلية هذا البقاء. إذ أن التجربة الغربية أثبتت فشل أمريكا والناتو. الى جانب أن الثقة بين موسكو والغرب معدومة، نتيجة تضارب المصالح لا سيما الإستراتيجية.
- وهو ما يعني أن أفغانستان يمكن أن تكون الدولة الثالثة الى جانب العراق وسوريا، والتي تُعطي الضوء الأخضر للدور الروسي في مكافحة الإرهاب.
يوماً بعد يوم، يتراجع الدور الأمريكي في المنطقة، ليحل مكانه الدور الروسي. وفيما تبقى أمريكا محتارةً بين المشاركة مع الروس في حربهم ضد الإرهاب منعاً لتفرد موسكو بالإنجاز، وبين القيام بإستخدام الإرهاب كوسيلةٍ لكسر النفوذ الروسي، يمكن القول اليوم، بأن الإرهاب الذي كان مُبرر واشنطن لتعزيز تواجدها في المنطقة، أصبح السبب الأساسي لتراجع نفوذها. فيما يبدو أن موسكو بدأت تلقى ترحيباً من الدول التي طالما كانت تحت الرعاية الأمريكية، وهو ما أثبتته أفغانستان اليوم.