الوقت- أعلنت حركة الجهاد الإسلامي يوم السبت الماضي، وفاة الدكتور "رمضان عبدالله شلح" أمينها العام السابق عن عمر ناهز 62 عاما. وقالت هذه الحركة الفلسطينية في بيان لها، "إننا إذ ننعى للشعب الفلسطيني وفاة القائد الكبير رمضان عبد الله شلح، نذكر تاريخه وجهاده منذ تأسيس حركة الجهاد، ومواقفه الوطنية الشجاعة وقيادته للحركة بكل فخر واعتزاز لأكثر من 20 عاما". وتابعت هذه الحركة: "إنه يوم حزين وثقيل على القلب نودع فيه رجلا كبيرا وقائدا حمل الأمانة على أفضل ما يكون، وحافظ على راية الجهاد عالية، وبقي على عهد الجهاد والمقاومة وفلسطين والقدس والاسلام والعروبة". ولفتت حركة الجهاد الإسلامي إلى أن سبب الوفاة جاء نتيجة "مرض عضال".
وحول هذا السياق، كشفت العديد من التقارير الإخبارية أن الدكتور "رمضان عبدالله شلح" هو من مواليد حي "الشجاعية" بقطاع غزة عام 1958، وتخرج من جامعة الزقازيق بمصر عام 1981، وعمل أستاذا للاقتصاد في الجامعة الإسلامية بغزة، واشتهر في تلك الحقبة بخطبه الجهادية، التي أثارت غضب الاحتلال الإسرائيلي، الذي فرض عليه الإقامة الجبرية ومنعه من العمل بالجامعة. وفي عام 1986 غادر "شلح" فلسطين إلى لندن لإكمال الدراسات العليا، وحصل على درجة الدكتوراه في الاقتصاد من بريطانيا عام 1990. وانتقل بعدها بين عواصم الكويت ولندن ثم إلى الولايات المتحدة، حيث عمل أستاذا لدراسات الشرق الأوسط في جامعة جنوبي فلوريدا بين عامي 1993 و1995. وتولى في عام 1995 منصب الأمين العام لحركة الجهاد الإسلامي خلفا لـ"فتحي الشقاقي" الذي اغتاله "الموساد" الإسرائيلي في مالطا.
التحاق الدكتور "رمضان عبدالله" بالسياسة
ذكرت العديد من المصادر الاخبارية أنه أثناء دارسته في جامعة الزقازيق المصرية تعرف الدكتور "رمضان" على الدكتور "فتحي الشقاقي"، بالرغم من أنهما لا ينتميان إلى نفس التخصص فقد كان "الشقاقي" يدرس الطب في السنة الثانية. أسفرت صداقتهما عن إهداء "الشقاقي" للدكتور "رمضان" كُتب لقادة الاخوان المسلمين كـ"البناء" و"سيد قطب". وفي عام 1978 اقترح "رمضان" على صديقه "الشقاقي" تشكيل تنظيم، فأخبره "الشقاقي" أنه ينتمي للأخوان المسلمين، ويترأس مجموعة صغيرة باسم الطلائع الإسلامية، انضم "رمضان" لهذا التنظيم وتوسع بعد ذلك بانضمام العشرات من الطلبة الفلسطينيين في الجامعات المصرية، وكانت حركة الجهاد الإسلامي. عاد بعدها الدكتور "رمضان" إلى غزة واشتغل بالدعوة والتدريس. ثم سافر إلى بريطانيا للحصول عل شهادة الدكتوراه والولايات المتحدة للعمل فترة من الوقت. وفي سنة 1995 جاء إلى سوريا راغبا في العودة إلى فلسطين، وبانتظار الانتهاء من أوراقه الخاصة بالعودة. ألتقى بالدكتور "الشقاقي" وعملا معا لمدة 6 أشهر لوضع الخطط لتطوير العمل الجهادي، وفي ذلك العام اغتال الموساد الدكتور "الشقاقي"، اجتمع الحزب بعد ذلك وقرروا انتخاب الدكتور "رمضان" أمينا للحزب وهو من أشد الداعيين للمقاومة المسلحة. وخلال الانتفاضة الفلسطينية الثانية التي اندلعت عام 2000، اتهمت إسرائيل "رمضان" بالمسؤولية المباشرة عن عدد كبير من عمليات الجهاد ضد أهداف إسرائيلية. وأدرجته واشنطن على قائمة الشخصيات الإرهابية عام 2003، وفي نهاية عام 2017 أدرجه مكتب التحقيقات الفدرالي الأمريكي على قائمة المطلوبين.
الفصائل الفلسطينية؛ فلسطين فقدت قائداً كبيراً وفدائياً ملهماً
نعى رئيس السلطة الفلسطينية "محمود عباس" الدكتور "رمضان شلح"، وقال "إننا بفقدان الراحل شلح نكون قد خسرنا قامة وطنية كبيرة". ومن جهتها، نعت حركة المقاومة الإسلامية "رمضان شلح"، وقالت "لقد كان فقيد فلسطين الكبير قائدا من قادة شعبنا، وفارسا من فرسان الجهاد والمقاومة، ابن مدينة غزة المجاهدة، المبعد عنها بقرار من سلطات الاحتلال". وتابعت: "قدّم القائد رمضان شلح نموذجا في الصبر وصلابة الموقف وقول الحق، وأسطورة في الجهاد والدعوة إلى الله عز وجل، والعمل من أجل الإسلام وقضية فلسطين". كما نعت حركة التحرير الوطني الفلسطيني، قائله "لقد فقدت أمتنا العربية والإسلامية وأحرار العالم، رمضان شلح، الذي انتقل إلى رحمة الله تعالى". وبدورها، قالت حركة المجاهدين الفلسطينية إن "القائد رمضان شلح ارتقى إلى العلياء بعد حياة حافلة بالعطاء والبذل، وهو قابض على جمر الجهاد، حاملا همّ قضيته وشعبه، ولم يتنازل حتى قضى نحبه بعد صراع طويل مع المرض".
ومن جهته، أكد القيادي في حركة الجهاد الاسلامي "خضر حبيب"، أن الأمين العام السابق للحركة، الراحل "رمضان شلح"، "كان أميناً على قضيتنا المقدسة وهو لم يبدل ولم يغير"، مشدداً على أن الفقيد "كان يؤمن بأن تحرير فلسطين هو نقطة البداية لنهوض الأمة بعد رحيل الكيان الغاصب". ومن جانبه، اعتبر القيادي في حركة حماس، "اسماعيل رضوان"، أن "فلسطين والمقاومة والأمة فقدت بطلاً وقائداً كبيراً وهامة عظيمة". وقال، إن "الفقيد شلح ترك الراية لدربه ومشواره، وحرص على الوحدة وطوّر العلاقة مع قوى المقاومة في المنطقة"، مشيراً إلى أن الفقيد "آمن بأن المشروع الصهيوني يمثل خطراً على العروبة وأنه يشكل غدة سرطانية لا بد من استئصالها".
قادة محور المقاومة ينعون "رمضان شلح"
ذكرت العديد من المصادر الاخبارية أن قائد الثورة الاسلامية آية الله العظمى الامام "علي الخامنئي"، عزى اليوم الاثنين، بوفاة الأمين العام السابق لحركة الجهاد الاسلامي، معتبرا أن المقاومة الفلسطينية فقدت عنصراً صادقاً جداً وذا قيمة عالية. ولفتت تلك المصادر إلى أن "حزب الله" اللبناني نعى الأمين العام السابق لحركة الجهاد الإسلامي "رمضان شلح". وقال في بيان، "فقدنا برحيله قامة شامخة من قمم المقاومة في العصر الحديث، بما كان عليه.. من إخلاص كبير للقضية المركزية وفهم دقيق للأولويات". وأضاف "هكذا عرفناه وخبرناه في ساحات جهادنا المشترك وفي لقاءاتنا الكثيرة والطويلة في كل المراحل الصعبة التي كنا فيها أخوة إيمان ورفاق درب واحد".
وبدوره، نعى عضو المجلس السياسي الأعلى في اليمن "محمد علي الحوثي"، الأمين العام السابق لحركة الجهاد الإسلامي في فلسطين "رمضان شلح". وبعث "الحوثي"، برقية عزاء ومواساة في وفاة "شلح"، بعد حياة حافلة في العمل داخل الحركة والمقاومة، مشيراً إلى أن الفقيد أبلى بلاءاً حسناً في العمل داخل الحركة والمقاومة إيماناً منه بالهدف المقدس، وهو تحرير كامل الأراضي الفلسطينية من الاحتلال الإسرائيلي، مشيداً بإسهاماته في العمل المقاوم ضد الكيان الصهيوني.
ومن جانبه، قال وزير الخارجية الإيراني "محمد جواد ظريف" في رسالة تعزية، إنه "بكل تأكيد سيبقى ذكر رمضان شلح حياَ في ذاكرة الشعوب المناضلة كرمز للمقاومة". وشدد "ظريف" على أن "شلح" أمضى تاريخاً طويلاً من الجهاد والنضال ضد النظام الصهيوني، مشيراً إلى أنه قضى حياته في ظروف صعبة مضحياً شجاعاً في سبيل تحرير فلسطين.
ومن جهته، أعرب رئيس مجلس الشورى الإسلامي "محمد رضا قاليباف" عن تعازيه بوفاة "شلح". وفي رسالة وجهها، يوم أمس الأحد، بهذه المناسبة قال "قاليباف": "إن رحيل المجاهد المخلص والقيادي البارز في صفوف المقاومة الإسلامية، والإنسان الذي مضى حياته في طريق تحرير فلسطين والقدس الشريف الدكتور رمضان عبدالله شلح ، أحزن قلوب أنصار المقاومة وأحرار العالم".
كما بعث العميد "اسماعيل قاني" قائد قوة القدس التابعة لحرس الثورة الإسلامية، ببرقية إلى "زياد النخالة" الأمين العام لحركة الجهاد الإسلامي في فلسطين، قدم له فيها ولجميع المجاهدين في حركة الجهاد الإسلامي والشعب الفلسطيني المقاوم الشريف، التعازي بفقدان "الدكتور رمضان عبدالله شلح"، الذي قضى عمره المبارك بشجاعة وتضحية في سبيل الجهاد والصمود في ميدان المقاومة وتحرير فلسطين الحبيبة والقدس الشريف، وكذلك اعرب عن مواساته لعقيلة الفقيد الراحل وأبنائه وذويه متمنيا الصبر الجميل والأجر الجزيل. واضاف، أن جغرافيا المقاومة والانتفاضة الفلسطينية لن تنسى اهداف هذا المجاهد الابي السامية والمشرقة الذي يذكّر بالارادة والمقاومة الصلبة للشعب الفلسطيني المظلوم ويبشر بتحرير القدس ومستقبل مشرق وزاخر بالامل والفخر لهذا الشعب البطل والقضاء على الكيان الصهيوني المجرم والقاتل للاطفال وفي الختام تجدر الإشارة إلى أن الدكتور "رمضان عبد الله شلح" رحل الى جوار الله موكلا مهمة طرد المحتلين الصهاينة من ارض فلسطين وتحرير المسجد الاقصى المبارك على عاتق رجال المقاومة الاسلامية والجهاديين من أبناء الامة.