الوقت_ ضجت وسائل الإعلام العربية بنبأ المبادرة السياسية المصرية، لإنهاء الصراع في ليبيا، حيث أعلن الرئيس المصري "عبد الفتاح السيسي" عن التوصل لاتفاق مع اللواء المتقاعد "خليفة حفتر"، و رئيس البرلمان في طبرق "عقيلة صالح"، وذلك بعد سلسلة الهزائم التي تلقتها قوات حفتر في الفترة الأخيرة، حيث استعادت قوات حكومة "الوفاق الوطني" المدعومة من تركيا، السيطرة على مواقع حفتر في طرابلس بالإضافة إلى السيطرة الكاملة على مناطق الغرب الليبي.
ومن الجدير بالذكر؛ أنَّ قوات حكومة الوفاق الوطني، أعلنت السبت المنصرم، إطلاق عملية عسكرية واسعة لاستعادة السيطرة على مدينة "سرت" الواقعة على بعد 450 كم، شرقي العاصمة طرابلس، والمسيطر عليها من قبل قوات اللواء المتقاعد خليفة حفتر.
مبادرة السيسي
أوضح الرئيس المصري "عبد الفتاح السيسي"، في مؤتمر صحفي مشترك، مع حفتر و صالح، عقد في القصر الرئاسي في القاهرة، بحضور وزيري الدفاع والخارجية، إضافة إلى رئيس المخابرات العامة، أنَّ التداعيات الخطيرة للوضع الراهن في ليبيا ستمتد على المحيطين الإقليمي والدولي، مشيراً إلى أن اتفاق القاهرة يهدف إلى ضمان الـ "تمثيل العادل" لأقاليم ليبيا الثلاثة في مجلس رئاسي منتخب من الشعب وبإشراف الأمم المتحدة، بالإضافة إلى إلزام الجهات الأجنبية كافة، بإخراج المرتزقة الأجانب من الأراضي الليبية، وتفكيك المليشيات وتسليم أسلحتها.
وفي هذا الصدد؛ قال الرئيس المصري أنَّ الاتفاق يشمل تجديد الدعوة لاستئناف مفاوضات جنيف، كذلك وقف إطلاق النار اعتباراً من 8 يونيو/حزيران الجاري.
من ناحية أخرى؛ ذكر رئيس البرلمان الليبي في طبرق، "عقيلة صالح"، أنَّ الاتفاق مع الرئيس المصري ينص على تعيين رئيس ونائبين وفترة انتقالية في ليبيا تمتد لعام ونصف، موضحاً أنَّ هذه المبادرة جاءت وفق ما سماها توصيات مجلس الأمن الدولي ومخرجات مؤتمر برلين.
رفض تام
بحسب الموقع الإلكتروني لقناة الجزيرة القطرية، بين رئيس المجلس الليبي الأعلى "خالد المشري"، رفضه أي مبادرة لا تقوم على الاتفاق السياسي الليبي، منوهاً أنَّه لا مكان لحفتر في أي مفاوضات قادمة، على حد تعبيره.
بالإضافة إلى ذلك؛ اعتبر المبعوث الشخصي الخاص لرئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني إلى دول المغرب العربي، "جمعة القماطي"، أنَّ هذه المبادرة جاءت من طرف واحد، وتتجاوز ما سماها "القوى الفاعلة" على الأرض، في إشارة إلى حكومة الوفاق الوطني، موضحاً أنَّ ليبيا ليست عاجزة عن التكلم عن نفسها، مبيناً أنَّ المبادرة السياسية المصرية تتضمن إعلان دستور جديد للبلاد، رغم وجود إعلان دستوري قائم.
وفي هذا السياق، أعلنت تركيا الداعم الأبرز لقوات السراج، رفضها للاتهامات المصرية على لسان وزير خارجيتها "سامح شكري"، بعرقلة السلام في ليبيا، خلال مشاركته في اجتماع وزراء خارجية دول المجموعة المصغرة للتحالف الدولي لمكافحة تنظيم الدولة، في 4 يونيو/حزيران الجاري، وحمّلت أنقرة الدول الداعمة لخليفة حفتر المسؤولية الكاملة عما أسمته الفوضى في ليبيا.
كذلك، دعت كل من وزارة الخارجية المصرية و الإماراتية في بيان مشترك، إلى الالتزام بالعملية السياسية تحت إشراف الأمم المتحدة، وعبر مسار مؤتمر برلين، مؤكدتين أنَّ العملية السياسية هي الحل الوحيد للحفاظ على وحدة وسلامة الأراضي الليبية وتحقيق السلام فيها.
و بحسب البيان الذي أصدره المتحدث باسم وزارة الخارجية المصرية، أكدت كل من مصر والإمارات وقوفهما إلى جانب الشعب الليبي وكافة الأطراف المطالبة بالتهدئة حقناً لدماء المدنيين الأبرياء وتحقيق الاستقرار في البلاد، خاصة في ظل انتشار فيروس كورونا المستجد.
يشار أنَّ دعم أبوظبي لحفتر، لا يقل عن الدعم التركي اللامحدود لحكومة الوفاق بقيادة السراج، حيث تزود الإمارات قواته بآلاف الأطنان من الأسلحة، وفق ما ذكرت الأمم المتحدة وتقارير غربية، بالإضافة إلى جلب المرتزقة من السودان وتشاد، بحسب ما ذكرت مواقع إخبارية نقلاً عن حكومة الوفاق الوطني.
خلاصة القول؛ يبدو أنَّ خاتمة الحرب المشؤومة في ليبيا أصبحت بعيدة المنال، مع احتدام الصراع والانقسام بين أبناء البلد الواحد، على أساس المصالح الإقليمية، وشلل الدور العربي، وعجزه عن إنقاذ ليبيا من أيدي الطامعين والحالمين بمد نفوذهم، ففي النهاية لا المعركة في أنقرة ولا الدمار في أبو ظبي.